كتب الخبير الإقتصادي د. غازي وزني في "الإتحاد" مقالاً قال فيه: "إتخذ مجلس الوزراء قرارا" تاريخيا بمنحه رخصتين للتنقيب وإنتاج الموارد البترولية في البلوكيــن 4 و 9 لتحالف شركة " توتال" الفرنسية، و " إيني" الايطالية و " نوفاتك" الروسية. يعود اقتصار طرح الرخصتين على تحالف واحد الى تراجع اهتمام الشركات ​النفط​ية العالمية بسبب انخفاض اسعار الموارد البترولية اكثر من 50 % منذ العام 2014، الى الكلفة المرتفعة للاستثمار وجدواها الاقتصادي، الى المخزون الكبير للموارد البترولية في المنطقة، الى انتقال بعض الشركات النفطية العالمية الى مناطق اخرى في العالم.

تبلغ مساحة البلوك 4 حوالي 2020 كلم2 وتقدّر الارقام الاولية للاحتياطي المحتمل وجوده في هذه المنطقة وفق بحوالي 13 تريليون قدم مكعب من الغاز و 425 مليون برميل من النفط.

أما البلوك رقم 9 فتبلغ مساحتها 1742 كلم2 وهي من البلوكات المتنازع عليها مع اسرائيل وقريبة من حقلين كاريش وتامار الاسرائيليتين. تقدّر الارقام الاولية للاحتياطي بحوالي 15.2 تريليون قدم مكعب من الغاز و 395 مليون برميل بترول. هذا يعني ان التقديرات الاولية لمجموع مخزون البلوكين 4 و 9 تقارب 28.2 تريليون قدم مكعب من الغاز و 280 مليون برميل من النفط. هذه التقديرات ليست نهائية وغير مثبتة اذ يوجد صعوبة بتقديم أرقام دقيقة او قريبة من الحقيقة قبل عمليات التنقيب.

يشكل قرار مجلس الوزراء منح الرخصتين خطوة تمهيدية قد يكون لها تبعات اقتصادية واجتماعية عبر:

- إدخال لبنان نادي الدول المنتجة للنفط بحيث يكوّن بيئة مشجعة للاستثمار وجاذبة لكبار الشركات العالمية ما يساهم في تحسن معدلات النمو الاقتصادي وزيادة التدفقات المالية ومعالجة مشكلة العجز في المالية العامة والحدّ من تنامي الدين العام وخفض عجز الميزان التجاري وتحسن ميزان المدفوعات وتقلص معدلات البطالة وازدياد فرص العمل وتحسّن التصنيف السيادي من قبل وكالات التصنيف الدولية.

- استقلال الاقتصاد الوطني وتحرير عناصر نموه من القيود والارتهان الخارجي لاسيما من الدول الاقليمية، قيود ظهرت تبعاتها المهددة للاقتصاد الوطني خلال الازمة الوطنية الاخيرة.

- طمأنة وحماية اليد العاملة اللبنانية في الخارج المهددة دوما بالترحيل اذ يساهم استكشاف النفط في تطوير وتحديث الاقتصاد الوطني وتحويله من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج، من اقتصاد مصدّر للطاقات الشبابية والعائلات الى اقتصاد مستورد لها.

التنقيب عن النفط:

أوضح وزير الطاقة ان توقيع اتفاقية التلزيم بين الدولة اللبنانية والتحالف النفطي سيتم في بداية العام 2018 و إن عملية الحفر ستبدأ في العام 2019 كما أوضح ان فترة الاستكشاف الاولى عن النفط ستأخذ ثلاث سنوات والفترة الثانية ستكون لسنتين قابلة للتجديد. ما يشير الى ان فترة الاستكشاف وفق المعطيات المتوفرة ستمتد بين 5 و 7 سنوات، وفترة الانتاج بين 25 و 30 سنة.

حصة الدولة من النفط:

تبدأ العائدات النفطية تظهر في فترة تراوح بين 8 و 10 سنوات وتقدّرها المؤسسات المالية الدولية سنويا ما بين 4 و 8% من الناتج المحلي وتتألف من:

- الاتاوات: 4% من الغاز المنتج وما بين 5 و 12% حسب مستوى النفط المنتج. تعتبر هذه المعدلات متدنية نسبة للمعايير الدولية ولكن الدولة اعتمدتها لجذب الشركات النفطية العالمية.

- ربح الغاز والنفط: المعدلات تصاعدية وفق مستوى الانتاج ويحدّد المرسوم حصة الدولة من الربح ب 30% كحد ادنى.

- الضريبة على أرباح الشركات النفطية: حددت النسبة 20% وتعتبر متدنية مقارنة مع المعدلات الدولية اذ كان يفترض رفعها الى 25%.

أعلن وزير الطاقة ان حصة الدولة الكاملة في البلوك 4 تراوح بين 65% و 71% وفي البلوك 9 بين 55% و 63% علما انه يوجد صعوبة في اعطاء تقديرات بشكل دقيق لحصة الدولة من الموارد البترولية بسبب صعوبة معرفة حجم مخزونها قبل عمليات التنقيب لاسيما ان تقديرات اخرى تشير الى انها تراوح ما بين 55% و65%.

يدخل قرار الحكومة النفطي لبنان في نادي الدول المنتجة للنفط ويعطي اقتصاده الوطني تدريجيا استقلاله عبر تحريره من القيود الخارجية كما يوقف تصدير طاقاته الشبابية وعائلاته.

على الحكومة ان تستتبع هذه الخطوة بإنشاء صندوق سيادي، استثماري، مستقل يدار بشفافية ووضوح ويتمتعبحوكمة سليمة ويتضمن أهداف تحمي حقوق الجيل الحالي والاجيال القادمة.