هي شخص يقدّر الفنّ والجمال، ويُقال "لو أراد شخص مادي شراء أو بيع شيء ما، سيكون مقياسه السعر والربح التجاري، أما من يقدر الجمال فسيختار ما يراه جميلا، لأن قيمة الأشياء الجميلة بالنسبة له لا تكمن في قيمتها المادية بل في ذاتها".

بهذه المقولة تترجم أعمال لارا قانصوه، فهي تسعى دائما للتعبير عن الجمالية التي تطمح الى تحقيقها في كل ما تقوم به، لتقدم بالنهاية نتيجة ذات طابع مميز، ورونق عالٍ، واحترافية كبيرة.

كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع صاحبة شركة "O de Rose" لتنظيم الفعاليات، لارا قانصوه، للتعرف الى مسيرتها المهنية في العمل التنظيمي والمسرحي، والى مشاريعها المستقبلية، ورؤيتها لواقع المرأة اللبنانية في سوق العمل.

من هي لارا قانصوه؟

تخصصت في الأدب الفرنسي، وأنا أتابع حاليا الدراسة لنيل شهادة الماجستير في المسرح.

في العام 2007، قررت تأسيس شركة "O de Rose"، لكي تكون مصدرا للجمال والثقافة، بعد الفوضى التي مررنا بها خلال حرب 2006.

من أين حصلت على التمويل من أجل الانطلاق؟

أسست الشركة بمفردي، ولم أستعين حينها برأسمال كبير. فعندما أطلقت مفهوم "O de Rose"، تلقيت العديد من عروض العمل، وبالتالي أصبحت الأعمال تسير وتتقدم شيئا فشيئا.

لماذا قررت العمل في مجال تنظيم الفعاليات بالتحديد؟

لطالما أحببت تنظيم الحفلات، وكنت أمارس هذه الهواية مع أصدقائي دون الانتباه لذلك.

وخلال فترة الحرب، عشنا في أزمة كبيرة، وبالتالي شعرت حينها بضرورة القيام بما أحبه، لأن الحياة قصيرة وقد تنتهي بشكل مفاجئ وسريع.

لهذا السبب ركزت على كل ما هو خلاق، إبداعي، إنساني، جميل، فني،... وشعرت أنه من واجبي القيام بمبادرة تعيد الى ذاتي بالدرجة الأولى، حبي للبنان، لكي ألتمس الجمال مجددا، بعد كل الدمار الحاصل.

ما هي "O de Rose"؟

ولدت "O de Rose" من الحاجة إلى الجمال المطلق وغير المحدود، فقد رأت الشركة النور بعد حرب 2006، وجاءت كردة فعل على القبح والدمار والفوضى الحاصلة حينها.

وبعد فترة، أصبحت هذه الشركة بمثابة "بوتيك" لتنظيم الفعاليات (وبـ"بوتيك" أعني أنها تنظم الفعاليات الصغيرة بسبب سعيها للتخصص والتميز في ما تقوم به)، وتهتم بإضافة لمسة فنية وثقافية على الحفلات التي تشمل جمع التبرعات (حفلات العشاء)، والمناسبات الخاصة (العمادات، حفلات الخطوبة، حفلات الكوكتيل،...).

ومؤخرا، بدأنا بتنظيم حفلات الزفاف للأشخاص الذين يسعون للحصول على لمسة من البساطة، الدقة، والرصانة. فنحن نحاول دائما تقديم تصاميمنا المبتكرة وأفكارنا المميزة التي تسهم في إنجاح جميع أنواع الأحداث، مع الحفاظ على هويتها. وفريق العمل حريص بشكل دائم على استخدام مساعدة من الفنانين المحترفين من المجالات الخاصة بالحفلات كافة (التصوير، الإضاءة، العروض الفنية،...)، للتأكد من جمالية النتائج النهائية، واكتمالها من الناحية الوظيفية.

ولأن "O de Rose" هي شركة ذات طابع متخصص (specialized) وفريد من نوعه، فإن جميع عملائنا يحصلون على خدمات التصميم والتنسيق للمناسبات الفردية، وذلك من أجل ضمان راحتهم في مناسباتهم الخاصة، وللحصول على ثقتهم الكاملة حول نجاح هذه المناسبات.

وباختصار، "O de Rose" تخترع المفاهيم الخاصة والمميزة للحفلات، مثل حدث "Randonnée Musicale" الذي نظمناه في أرز الشوف، ويقوم المفهوم على الاستماع الى جميع أنواع الموسيقى خلال السير تحت الشجر.

كيف تواجهين المنافسة الواسعة الموجودة اليوم في مجال تنظيم الفعاليات في لبنان؟

أعتقد أن المنافسة موجودة بكثرة، لكنني لا أفكر بها كثيرا لأنني أولا، أمارس هذه المهنة بالتوازي مع المسرح والأدب. وقد قررت منذ انطلاقتي، أن لا أستلم الكثير من الحفلات في آن واحد، وبالتالي لا أعمل بشكل تجاري بحت.

ثانيا، "O de Rose" تنظم الأحداث بطابع فني وثقافي.

ثالثا، أنا لا أركض خلف العمل بطريقة هستيرية، بل أنتظر المشاريع لكي تأتي وحدها.

الى أي مدى تساعدك الخبرة الطويلة التي اكتسبتها على مدى السنوات في الحفاظ على استمرارية عملك في السوق اللبناني؟

هذه الخبرة الطويلة تشكل عاملا أساسا في تقدمي ونجاحي. أما تميزي فهو أيضا ثمرة عملي المسرحي، الذي أتاح لي تكوين نظرة مختلفة حول الحفلات وكيفية بنائها وخلقها، ونشر الطاقة الايجابية فيها، واختيار الديكورات المناسبة لها.

من جهة أخرى، أنا أحترم الى أقصى الحدود المكان الذي أتواجد فيه، فقد تابعت الدراسة أيضا في فن الـ"feng shui"، وبالتالي تعلمت احترام طاقة المكان، وخلق الأجواء الايجابية فيه.

هل تلقيت الدعم المعنوي من محيطك خلال مسيرتك المهنية؟

تلقيت دعما واسعا ومتواصلا من أصدقائي الذين لطالما آمنوا بموهبتي، وقدّروا ما أٌقوم به، وشجعوني على التوسع الى الخارج في عملي لأنه، برأيهم، ذات مستوى عالمي، وبالتالي لا يجوز أن يبقى محصورا داخل الحدود اللبنانية فقط.

هل تمكنت من تحقيق خطوة التوسع الى الخارج؟

لم أحاول بعد القيام بهذه الخطوة لأنني انشغلت بالكتابة المسرحية والإخراج، ولا أزال الى حد اليوم أتابع تخصصي في المسرح. ولكن من الممكن بعد الانتهاء من الدراسة، أن أفكر في توسيع عملي الى خارج لبنان.

ما هي المشاريع الأخرى التي تطمحين الى تحقيقها؟

أتمنى الغوص أكثر فأكثر في المسرح، والاستمرار في تنظيم الحفلات في لبنان، التي تنال إعجاب الناس، وتبقى مطبوعة في أذهانهم لوقت طويل. وبالتالي سأسعى بشكل دائم الى تقديم الصورة الإيجابية والجميلة والثقافية عن بلدي.

ما هي المقومات التي تساعد على النجاح في مجال تنظيم الحفلات والفعاليات؟

أولا، الصعوبات التي مررت بها ساعدتني كثيرا على التقدم، اذ أنني لم أكن يوما على دراية بقدرتي على القيام بما قمت به في مجال تنظيم الحفلات. فعندما يمرّ الانسان في عوائق مختلفة، سيشعر حينها أنه مضطر الى تقديم الأفضل، وبهذه الطريقة سوف يكتشف صفات داخلية لا يعلم بوجودها حتى.

ثانيا، حبي للجمال والخلق والإبداع والفن أسهم في استمراريتي.

ثالثا، عملي في المسرح.

رابعا، منذ طفولتي، كنت أشتري المجلات وأقرأ المقالات وأبحث عن الجمال الموجود في كل المجالات، وهذه الصفة تطورت معي.

كيف تنجحين في تحقيق التوازن بين شركتك "O de Rose" وعملك المسرحي وحياتك الخاصة؟

التوازن صعب قليلا، لذلك أرفض استلام الكثير من الحفلات في آن واحد. فأنا أسعى دائما للحفاظ على حياتي الخاصة من جهة، وحياتي الفنية والمسرحية والعملية من جهة أخرى.

ولكن اذا أردت العمل بشكل تجاري في مجال الحفلات، فلن أحصل حينها على الوقت الكافي لحياتي الخاصة والاجتماعية والمسرحية.

كيف تقيمين حالة المرأة اللبنانية في سوق العمل اليوم؟

أجد أن المرأة تقدمت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت النظرة اليها جميلة وحضارية، وقد وصلت اليوم الى مرحلة مهمة، ولم يعد مقبولا أن ترجع الى الوراء.

كما أنها حجزت مكانتها في سوق العمل، وبات لدينا عدد كبير من السيدات اللبنانيات الناجحات والرائدات والمبادرات. بالاضافة الى الجمعيات التي تنادي بحقوق المرأة، وتناضل من أجل تحصيلها.

فلبنان تقدم الى حد ما، مع العلم أن القانون لا يلحق بالتقدم الحاصل؛ وهذا الأمر محزن ومؤسف للغاية.

ما هي النصيحة التي تودّين إيصالها الى المرأة في لبنان؟

النصيحة التي تعلّمتها من الحياة، والتي لم أفهم معناها في الماضي، هي أنه من المهم للغاية أن تعمل المرأة وتحقق شيئا ما، وذلك من أجل إحياء وقتها وحياتها، وإثبات نفسها.

فالعمل يشعر المرأة بأنها شخص منتج في المجتمع، وأنا أتمنى الموت أثناء خلقي للإبداع، لكي لا تنطفئ شمعة حياتي، وأموت قبل الموت. فالطريقة الوحيدة التي تبقي الانسان على قيد الحياة، هي الشعور بالنجاح والتقدم والعمل والخلق والإبداع في المجالات كافة.