اليوم 18 كانون الاول اليوم العالمي للغة العربية، لغتنا الام لسان العالم العربي اجمع والاداة التي تعبر عن افكارنا وتنقل المفاهيم وتكوّن روابط الاتصال بين ابناء الامة الواحدة ، وحصن الدفاع عن الامة العربية وهويتها وكيانها، والتي تم ادخالها في العام 1973 ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الامم المتحدة، وتحتل لغة الضاد اليوم المرتبة الرابعة بعد الإنجليزية والصينية والإسبانية بين اللغات الأكثر استخدامًا على شبكة الإنترنت، والمرتبة الثانية بين أكثر اللغات نموًا، والتاسعة بين أكثرها استخدامًا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

ويتكلم اللغة العربية يوميا اكثر من 290 مليون نسمة بمختلف اشكالها واساليبها، ويعمل الكثير من المؤلفين والصحفين وغيرهم على دعم اللغة العربية والنهوض بها والحفاظ عليها واعلاء من شأنها على الساحة العالمية كما تعمد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"في اليومالعالمي للغة العربية على اقامة العديد من الأنشطة والحفلات والحلقات في مقرها بمدينة باريس وفي سائر أرجاء العالم، من أجل التشجيع على البحث اللغوي وعلى تحديث المعاجم والقواميس العربية، وإبراز الروابط الموجودة بين اللغة العربية والعلوم، وكذلك الإمكانيات التي تتيحها التكنولوجيات الجديدة من أجل نشر هذه اللغة الجميلة وتعلمها.

ويأتي يوم 18 كاون الاول ليذكرنا باهمية لغتنا التي حملت على مر التاريخ اهمية كبيرة لا بد من الحفاظ عليها وعلى تاريخنا وثقافتنا في ظل ما نشهده اليوم من هيمنة للغات الاجنبية على حياتنا وتغيب واضح للعربية فالاسماء الغربية في شوارعنا والتوسع في استخدام المصطلحات الاجنبية في الدعاية والاعلانات وشيوع الحديث باللغة الاجنيىة وخاصة في اوساط الشباب اللبناني والاخطاء الاملائية بين المتخصصين وفي الكتب الادبية والمجلات المتخصصة واقع يدق ناقوس الخطر على مستقبل اللغة العربية والانحدار الكبير الحاصل في مستوى هذه اللغة وممارسيها وضعف الجهود الرسمية للحفاظ عليها وبالتالي الحفاظ على هويتنا وثاقفتا.

تحديات اللغة العربية في عالم الرقمنة، والصفحات العربية لا تتخطى الـ1% من اجمالي الصفحات على الانترنت

تعاني اللغة العربية في يومنا هذا من تحديات كثيرة ابرزها ضعف مساهمتها في المجال التكنولوجي الذي بات ابرز ميزات العصر الحالي، حيث دخلت التكنولوجيا جميع جوانب الحياة ولكن اللغة العربية بقيت قاصرة على التواصل والانتاج في هذا المجال حيث تعاني من معوقات كثيرة تعيق دخولها الفعال في عالم الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة الامر الذي يتطلب حلولا جذرية وانية.

وعلى الرغم من التنامي الكبير والتطور الذي شهدته شبكة المعلومات الدولية وارتفاع عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية الى ان العالم العربي ما زال يشهد حالة من الجمود والتخلف الامر الذي اكدت عليه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الاسكوا" حيث اشارت احدث الاحصائيات الصادرة عنها إن العدد الكلي العالمي للصفحات على الإنترنت يبلغ حوالي 40 مليار صفحة، وهو في تزايد مستمر، كما أن نصيب الصفحات العربية يبلغ حوالي 40 مليون صفحة فقط (أي بنسبة 1% من مجمل الصفحات الكلية)، وهذه النسبة المتواضعة جدًا تبين مدى تراجع المحتوى العربي على الإنترنت، والذي يكاد يكون مغيبًا تمامًا، مما يشير إلي أنه لا يعنينا أن يكون لنا وجود في ذلك الفضاء الرقمي الرحب والواسع، حيث ان أن حالة التراخي والتردي التي أصابت أصحاب هذه اللغة في كافة المناحي الثقافية والتكنولوجية والعلمية طالت أيضا وضعهم ومكانتهم في الفضاء الرقمي، بحيث أصبحنا نعيش في فجوة رقمية مريعة.

كما تشكل ضعف حركة الترجمة الى الللغة العربية التي نشهدهه احد ابرز الاسباب في ضعف تواجد لغتنا الام حيث يوجد الكثير من الكتب العالمية والتي نالت على شهرة واسعة لا يتم ترجمتها الى اللغة العربية الى بعد فترة طويلة او يتم تجاهلها ليجد القارئ نفسه مجبر على قرات الكتاب باللغة الاصلية او اللغات الموازية التي تم الترجمة اليها وهذا الواقع نجده كثيرا في الكتاب الذي يصدر مثلا باللغة الانكليزية على اعتبارها اللغة المهيمنة في مجال العلوم والتكنولوجبا يترجم الى الفرنسية بعد فترة زمنية قصيرة في حين لا يترجم إلى العربية إلا بعد عقدين تقريباً، وبالنسبة لترجمة المصطلحات الأجنبية على الصفحات الرقمية العربية، فالكثير منها ترجمات مصطلحية خاطئة، ولا تستند إلي قواعد مصطلحية، فضلا عن عدم توحيدها وكثرة الخلاف عليها من بلد لآخر، كما أن المصطلحات العربية على الإنترنت تكتب باللغة العامية مما يفتح المجال لانتشار ألفاظ غربية لا صلة لها باللغة العربية الفصحى، وتزيد فجوة الخلاف والفوضى في المصطلحات العلمية، خصوصا وأن الاتفاق العربي على المصطلحات لا يختلف كثيرا عن خلافاتهم السياسية.

وتتحمل المؤسسات التعليمية العربية جزءا كبيرا من مسؤوليات العناية باللغة العربية، وهي من الأسباب المباشرة في ضعف اللغة العربية لدى التلاميذ والشباب، فضلا عن غزو اللغات الأجنبية للثقافة العربية ومؤسسات التعليم العالي.

اطلاق هاشتاج "بالعربي" لدعم اللغة العربية وتعزيز مكانتها و" أمازون": اللغة العربية في طريقها إلى جهاز "كندل"

واحتفاء باللغة العربية دعت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة جميع العرب ومحبي اللغة العربية في العالم لدعم مبادرة هاشتاغ بالعربي وفعاليتها المتنوعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك ".

وتشير هذه الخطوة الى دعوة كل متحدثي اللغة العربية ممن يستخدمون الانترنت او حتى الاشخاص المهتمين باللغة العربية الىاستخدامها في جميع اشكال التواصل عبر الانترنت واستخدامها في حياتهم اليومية نظرا لما تتمتع به من مرونة كبيرة قادرة على موكبة كافة التطلعات في خطوة تهدف الى مواجهة التهميش التي تتعرض له لغتنا اليوم وقلة استخدامها من الاجيال الجديدة الشابة، خطوة لاقت رواجا وتأييدا كبيرا على مواقع التواصل حيث بدأ العديد من مستخدمي الانترنت الالتزام بهذه الدعوة وعربين عن تأييدهم ودعمه لجميع الخطوات التي من شأنها ان تدعم اللغة العربية وان تعزز من وجودها على الشبكة العنكبوتية .

وفي خطوة اخرى كشف "امازون" الذي يعد واحدا من اكبر واضخم المنصات لنشر الكتب بالنسخ الالكترونية أنها ستبدأ التعامل مع الكتب المنشورة باللغة العربية قريباً حيث سيكون بإمكان الناشرين وضع كتبهم باللغة العربية على المنصة من أجل بيعها والسماح للمتابعين بقراءتها.

وسيكون بإمكان الناشرين الحصول على نسبة 70٪ من كل كتاب يتم بيعه ووفرت " أمازون" إمكانية إدراج الكتاب الإلكتروني العربي في خدمة" كيندل" لا محدود والتي تسمح للمستخدمين بدفع رسوم اشتراك ثابتة شهرياً بنحو 10 دولارات، وقراءة أي كتاب يرغبونه على المنصة، وهذه أيضاً طريقة جديدة لكسب المال من تأجير الكتب بدلاً من بيعها .

جامعة الدول العربية: لابد من تضافر الجهود للحفاظ على اللغة العربية

دعت جامعة الدول العربية إلى تضافر الجهود للحفاظ على اللغة العربية والنهوض بها وحمايتها، باعتبارها أداة التواصل وهى المعبرة عن هويتنا وحضارتنا الأصيلةحيث لا تقتصر وظيفتها على التواصل فحسب بل هى الأداة التى يفكر ويتعلم بها الإنسان وتحفظ التراث الثقافى وهى العامل الأول فى انتشار الثقافة والتحضر.

وأكدت الجامعة العربية عل أن النهوض باللغة العربية بات ضرورة ملحة وواجبا قوميا ووطنيا وانها أولت النهوض باللغة أهمية كبيرة وعقدت منتديين لذلك وتعمل على تنفيذ التوصيات الصادرة عنهما للنهوض بها معتبرا أن اللغة العربية ليست قراءة فقط لكنها قراءة وكتابة لذا يجب علينا الحفاظ أيضا على الخط العربى الأصيلة.

وفي الختام وفي هذا اليوم العالمي للغة العربية تبقى الجهود المبذولة لحماية لغتنا بما تشكله من اهمية تاريخية وثقافية خجولة جدا مقارنة بالتهميش الذي تتعرض له لغة الضاد اليوم وهيمنة اللغات الاجنبية على حياتنا، ويبقى السؤال الى متى الاستهتار والتهاون في كل يتعلق بتاريخنا وهويتنا، ومتى ستعي الشعوب العربية باننا نفتقد يوما بعد يوم بسبب التقليد الاعمى للعالم الغربي جزء من وجودنا في ظل التراخي العربي وتجاهل الحكام اهمية الرجوع الى الجذور العربية والهوية المشتركة المتمثلة بلغتنا الواحدة وتاريخنا .