توّصل عدد من العلماء الذين تولوا البحث عن مدى خطورة الأدوية المنتهية الصلاحية على صحة متناوليها بمركز "دارتموث هيتشكوك"، أن تلك الأدوية لم تعد بالخطورة المتوقعة على الإنسان، ذلك أن هناك عوامل أخرى تحدد خطورتها وليس تاريخ انتهاء صلاحيتها فقط، لذلك يمكن للإنسان تناولها دون الخوف من تأثيرها على الصحة.

وأظهرت دراسة أخرى أن عملية تخزين الأدوية منتهية الصلاحية من المحددات الرئيسية لخطورة الأدوية على صحة متناوليها، حيث أن مرور أكثر من عام عليها يبطل مفعولها النافع، وبالتالي يصبح لها تأثير ضار. ويخرج هذا عن نطاق الشركات التي تولت عملية التصنيع، لكونها لا تضمن فترة التخزين في أماكن التسويق أو البيع، لذلك تكتفي بالتحذير عن بعد عند انتهاء فترة صلاحية الدواء، الأمر الذي يعتمد عليه جميع المرضى.

في عام 1979، بدأت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بطلب تسجيل تاريخ انتهاء الصّلاحيّة للأدوية التّي تصرف بوصفة أو بدون وصفة طبيّة. وتقول ليزا برنستاينوهي دكتورة صيدلانيّة ونائب مدير مكتب الامتثال في مركز أبحاث وتقييم الأدوية التابع لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية: "تاريخ انتهاء الصّلاحيّة للدواء هو أحد العوامل المهمّة التي تقرّر ما إذا كان المنتج هو آمن للاستخدام وأنّه سيؤدّي مفعوله بالشّكل المطلوب".

الضرر اللاحق بسبب انتهاء مفعول هذه الادوية شيء وكيفية التخلّص منها شيء آخر . وهي بالتالي، لايمكن تصنيفها ضمن النفايات العادية . ولاجل ذلك ،في 23 تشرين الثاني ، وقع نائب رئيس الحكومة وزير الصحة العامة غسان حاصباني مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة العامة، ونقابة مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات في لبنان، والشركة القبرصية "ادفانس ميديكال ويست ماناجمانت ليميتد" والشركة اللبنانية سولوشن، بهدف وضع إطار التعاون في مجال تلف ​النفايات الدوائية​ اللبنانية في قبرص في معمل متخصص لهذه الغاية ومتمم للشروط البيئية العالمية.

ما هي انواع هذه النفايات : ادوية منتهية الصلاحية ، ادوية فاسدة ، ادوية خطيرة ...؟

فارس

رئيس نقابة مستوردي الادوية وأصحاب المستودعات في لبنان ارمان فارس قال " للاقتصاد": ان هذه النفايات هي أدوية منتهية الصلاحية وأدوية غير صالحة للاستعمال بقرار من وزارة الصحة العامة. لا يشمل ذلك النفايات الاستشفائية. وإن العقود التي ستوقّع لاحقاً ستكون بين الشركة اللبنانية سولوشون وكل مؤسسات خاصة أو عامة لديها نفايات دوائية وتريد تلفها في قبرص.

ويشير فارس الى انه بعدما فشلت المحاولات السابقة للتخلص منها في الاعوام السابقة 2002 و 2012ورغم المحاولات المتكرّرة لاعتماد وسيلة محلية مطابقة للمواصفات البيئية القانونية لتلف النفايات الدوائية فأن الظروف الاجتماعية والسياسية أجهضت المشروع الذي اعتمدته وزارة البيئة بالاتفاق مع وزارة الصحة العامة. واضطر العديد من المؤسسات الخاصة التي لديها نفايات دوائية، خلال هذه السنوات، الى شحنها الى الخارج. وليست مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مؤخراً إلاّ بهدف وضع إطار تعاون شفاف لعملية توضيب النفايات الدوائية اللبنانية وجمعها وشحنها الى الخارج لتلفها وفقاً للأصول البيئية العالمية.

أهمية انجازنا اليوم هو في وضع حد لتراكم النفايات الدوائية في مستودعاتنا، ولكن أملنا أن يأتي اليوم الذي يستطيع فيه لبنان الاكتفاء الذاتي في معالجة نفاياته الدوائية.

وعن الكلفة الفعلية للمشروع الحالي و الجهة الممّولة يوضح إن كلفة التلف مفصّلة في المذكرة بكل شفافية، هي على عاتق صاحب النفايات وتتناسب مع حجم النفايات أي أن الكلفة لكل طن من النفايات تنخفض مع ازدياد الحجم.

ولجهة تاريخ بدء التنفيذ فهو ملحوظ في المذكرة. و باشرت النقابة فوراً بإعلام كل الشركات المنتمية إليها بإرسال جداول تفصيلية للنفايات الدوائية المتواجدة لديها كي تباشر الشركة اللبنانية المتعهّدة عملها على هذا الأساس. أما الشركات غير المنتمية الى النقابة والمؤسسات العامة فهي مدعوّة الى التواصل مع الشركة المتعهّدة للإتفاق معها على سير الأمور بما يتناسب مع كل منهما كما يذكر فارس.

وردا ً على السؤال هل هو حل مؤقت بانتظار ايجاد الحل النهائي وتنفيذ خطة وطنية طويلة الأجل لإدارة النفايات، تقوم على المبادئ الصحية والبيئية السليمة؟و هل يجب تجهيز معامل في لبنان للقيام بهذه المهمة؟ وهل الكلفة ستكون مرتفعة؟

يقول فارس :إنني مقتنع أن الحل الأفضل هو أن يعتمد لبنان وسيلة تلف محلية وأن يكون نموذجياً في هذا المجال في المنطقة. أما التوقيت فلست أكيداً من قدرة السياسيين على تحمّل مسؤولياتهم في المدى القريب بسبب الجو السلبي السائد في البلد والذي من خلاله تشكّك كل جهة بأي مبادرة تأتي من أي جهة أخرى.

وبالنسبة لتقدير كمية هذه الادوية التي سيتم التخلّص منها سنوياً او شهرياً يقول :سيتم إحصاء النفايات الدوائية المتواجدة حالياً وتقديرنا لحجمها التراكمي الحالي لدى مستوردي الأدوية الأعضاء في النقابة حوالي 500 طن. أما حجمها السنوي سنستطيع تقديره بدءاً من السنة القادمة.

هكذا سيكون الامر في لبنان ولكن كيف تتعامل الدول المتقدمة مع هذه المسألة ؟

يذكر النقيب فارس انه لدى الدول المتقدمة وسائل مختلفة لتلف النفايات الدوائية، إنما الوسيلة التي كنا قد اعتمدناها للبنان أي عملية الحرق في أفران الاسمنت هي الوسيلة المعتمدة في سويسرا وهي من البلدان المتقدمة جداً في مجال البيئة.

وفي غضون ذلك ، هل ان لبنان يستهلك جميع الادوية التي يتم استيرادها سنوياً؟

: إن حركة استيراد او تصنيع الأدوية محلياً ثم وضعها في التداول في الأسواق حركة خاضعة لتوقعات الاستهلاك. لذلك نادراً ما تتحقق التوقّعات فإما أن تزيد الحاجة عن الكمية المتوفّرة ويكون هنا نقص، وإما تنقص الحاجة وتظهر الكميات التي تتراكم وتصبح منتهية التاريخ قبل أن تستهلك.

وعن انواع الادوية التي تتراكم في المستودعات يلفت الى انه لا توجد أصناف أدوية قابلة للتراكم أكثر من غيرها. وهناك ايضاً أدوية يتم سحبها من الأسواق بطلب من المصنّع نفسه أو من قبل السلطات الصحية العالمية لأسباب صحية فتصبح تلك الأدوية غير صالحة للإستعمال ويجب تلفها.

أخيرا ً، يبقى القول ان انتهاء صلاحية الأدويّة يسلّط الضوء على مشكلة في سلسلة الإمداد تكتنف اختيار الأدوية ‏والتقدير الكمي والاقتناء والتخزين والتوزيع والاستخدام. وهنا الحاجة إلى تبيان العوامل المساهمة في ‏انتهاء الصلاحيّة في كل مرحلة من حلقة الإمداد بهدف تصميم إستراتيجيّات واقعيّة تحدُّ من تلك ‏المشكلة. ولبنان خطا خطوة هامة على صعيد التخلّص من هذه الادوية على امل ان تعمم هذه التجربة فيتم ايجاد آلية صائبة وسليمة للتخلص من كل النفايات في لبنان.