كشف تقرير "​نفط الهلال​" انقطاعات التنقيب والاستكشاف تشهد حالة من التنسيق والتعاون العالمي بعكس ما نشهده لدى قطاعات أخرى ضمن صناعة النفط والطاقة، وفي الوقت الذي لم تشهد فيه أيٍ من القطاعات الاقتصادية تركيزاً استثمارياً متواصلاً على غرار قطاع الطاقة العالمي. حيث احتفظت خطط التنقيب والاستكشاف بعلاقة عكسية مع انخفاض أسعار النفط وانخفاض العوائد، والتي يخصص جزء منها للبحث وتطوير القدرات الانتاجية واستكشاف المزيد من الحقول، وبالتالي فإن الضغوط المالية والاقتصادية لم تؤثر على ضخ المزيد من الاستثمارات، الأمر الذي يعني الكثير لأمن الامدادات على المستوى العالمي، وتساهم بشكل مباشر وغير مباشر باستقرار الأسواق العالمية والاقتصاد العالمي كذلك.

كما شهدت الأسواق وفاء المنتجين الحاليين بالتزاماتهم تجاه أسواق واقتصادات الدول المستوردة للنفط والغاز والرامية إلى توفير الامدادات في كافة الظروف، على الرغم من التحديات والعقبات التي تواجههم في سبيل ذلك. في المقابل تقف الدول المستوردة موقف الحياد أمام المشهد العام لمسارات اسواق النفط العالمية والضغوط المالية والاقتصادية التي تعاني منها الدول المنتجة، في الوقت الذي تتخذ فيه الاكتشافات النفطية الجديدة منحنىً متراجعاً، وأن غالبية الزيادة المسجلة على الانتاج خلال السنوات الاخيرة جاءت من الحقول الحالية وليس من الاكتشافات الجديدة.

وقد سيطر الحيز الاجمالي للغاز على المشهد العام للاكتشافات والقدرات الانتاجية الجديدة، ووفقاً لهذه المعطيات فإن أي تراجع على الاكتشافات الجديدة يعني تسجيل نقص على إمدادات النفط والذي يعني في الاساس تسجيل ارتفاعات ملموسة على الاسعار السائدة إلى حدود يصعب السيطرة عليها.

ولا يمكننا الحديث هنا عن تراجع حجم الانفاق على خطط ومشاريع الاستكشاف للنفط والغاز فقط، وانما يمكننا القول أن الحصة المتصاعدة لحجم الانفاق باتت غير قابلة للتحقق ضمن العجوزات المسجلة وتراجع خطط الاستثمار الكلي وحصصها من الموازنات العامة، على الرغم من أن الموازنات السنوية لازالت داعمة لكافة خطط الانفاق الاستثماري ومحفزة للقطاعات الاقتصادية الانتاجية  لتحقيق المزيد من قفزات التنويع والنمو على المداخيل الاجمالية للاقتصادات المنتجة للنفط.

ولا تزال البيانات المتداولة تفتقر لتسجيل أي تراجعات كبيرة على خطط الانفاق الاستثماري من قبل المنتجين، الامر الذي يساعد على تحقيق استقرار على قوى العرض والطلب ويحقق مستويات سعرية عادلة لكافة الاطراف.

وفي الإطار يبدو أن خطط الحفاظ على وتيرة الاكتشافات نشطة وتتصل برغبة الدول المنتجة من الحفاظ على طاقتها الانتاجية الحالية، والمحافظة على حصتها السوقية، وتلبية الطلب المتزايد على المستوى المحلي، مع الإشارة هنا إلى أن التقديرات السابقة كانت قد اشارت إلى إمكانية نمو الانفاق على استكشاف واستخراج النفط بنسبة 33% لدى دول مجلس التعاون الخليجي مع نهاية العام 2017، الامر الذي يضع دول المنطقة في مقدمة الدول المعنية باستقرار الاقتصادات العالمية وضمان استمرار الامدادات عند كافة مستويات الطلب الحقيقي.