خاص ــ الاقتصاد

كل ما عمّرته سنوات الصداقة من مودة وثقة واحترام متبادل، هدّمته النزاعات المالية والتجارية، حيث فرّقت المتقاربين وباعدت بينهم معنوياً وجغرافياً، خصوصاً عندما يتأكد أحد طرفي النزاع أن الطرف الآخر، كان يتودد اليه من أجل الايقاع به، والاستيلاء على أمواله، بأساليب ملتوية تبدو في ظاهرها جميلة ولائقة، لكن في مضمونها تنطوي على نوايا خبيثة، لا تليق بمعاني الصداقة النبيلة التي تسمو على كل المصالح والغايات.

أحد النماذج الواضحة، ترجمتها قضية المواطن "هادي. ف"، التي عبّر عنها في شكوى قضائية مباشرة، تقدّم بها أمام قاضي التحقيق الأموال في بيروت، عرض فيها أن المدعى عليه "باسم. ش"، يملك حصصاً في شركة تتعاطى تجارة التحف والخزفيات الزجاجية، وفي أوائل العام 2012 عرض عليه الأخير، أنه يرغب في القيام ببعض المشاريع التي تدرّ أرباجاً كبيرة في فترة قصيرة، مستفيداً من خبرته في هذا المجال، وقدرته على تسويق هذه البضائع الرائجة في الأسواق اللبنانية وغير اللبنانية.

وإمعاناً منه بالمضي في هذا المشروع التجاري الذي يخفي نوايا مختلفة، طلب "باسم. ح" من "هادي" إمداده برأسمال المال الذي يحتاجه، وبنتيجة إلحاحه المستمرّ على الاجتماع به مرات عدة، للبحث والتفاوض في المشروع التجاري المنوي تنفيذه، تمكّن المدعى عليه من خلال المناورات الاحتيالية من إقناعه بتسليمه مبلغاً من المال، تعهّد على أثره بتأسيس شركة للقيام بأعمال تجارية شبيهة بالتي يقوم بها المدعى عليه وإعطائه أرباحاً طائلة نتيجة تشغيل المبلغ المدفوع منه، على أن تكون الأرباح محددة وصافية.

وبالفعل أقدم الشريكان "هادي. ف" و"باسم. ح" في العام 2012، على تأسيس شركة محدودة المسؤولية، أطلقا عليها اسم شركة (H&B) التجارية، وتم تسجيل حصة المدعي باسم المدعوة "عايدة. ك"، بناء على طلب الأخير، في حين تولّى "باسم" مع "عايدة" ادارة أعمال الشركة والتوقيع عنها، ولغاية تأسيس الشركة المذكورة، سلّم المدعي للمدعى عليه أموالاً نقدية بلغت (340.858) دولاراً أميركياً، الا أن المدعى عليه أقدم في ما بعد، على بيع بضائع وتسليم طلبيات الى زبائن الشركة وقبض أثمانها من هؤلاء، والاحتفاظ بها لنفسه بدل ايداعها في حساب الشركة، وبعد افتضاح أمره، عمد الى سحب شك لصالح المدعي بقيمة 25 ألف دولار أميركي على أحد المصارف، ولدى عرض الشك تبيّن أنه بدون رصيد، لكون الحساب مقفلاً ولم يعد له وجود في المصرف.

ورغم الانذارات التي وجهها "هادي" الى شريكه "باسم" بوجوب إعادة مبلغ 325 ألف دولار أميركي نقداً، لم يبادر الأخير الى اعادة هذا المبلغ، ما استدعى تقديم هذه الشكوى، ولدى استدعاء المدعى عليه مرات عدة لإستجوابه لم يحضر جلسات التحقيق رغم ابلاغه اصولاً بمواعيد الجلسات، ومن ثمّ توارى عن الأنظار، وجرت ملاحقته بإعتباره فاراً من وجه العدالة.

قاضي التحقيق في بيروت فريد عجيب، الذي وضع يده على التحقيق في هذه القضية، إعتبر أن المدعى عليه "باسم. ح"، أقدم على اختلاس أموال المدعي "هادي. ف" ورفض اعادتها اليه رغم الانذارات الموجهة اليه، ورأى في قرار ظني أصدره، أن فعل المدعى عليه ينطبق على مضمون المادة 671 من قانون العقوبات، التي تنص على أنه "يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر حتى ثلاث سنوات، من أقدم على اساءة الأمانة بالأموال المسلّمة اليه، أو المناط به أمر ادارتها، وكل مدير مؤسسة أو جمعية خيرية وكل شخص مُستناب لإدارة أموال تخص الدولة أو الأفراد لحراستها، وأحاله مع الملف على القاضي المنفرد الجزائي في بيروت لمحاكمته. كما طلب محاكمته بجرم إعطاء شك مصرفي من دون رصيد.