يُقال "إن أهم ما يميز الشعوب ويبرز الأمم هو مستوى تقدمها العلمي"، فالتعليم يعتبر بمثابة حجر الأساس للتنمية ومفتاح التقدم والنهضة، وهو أحد أهم حقوق الانسان الأساسية.

واللبنانية ​نايلة فهد​ اخترقت عالما جديدا في مجال التعليم، وذلك من خلال استحداث منصة الكترونية لمساعدة التلاميذ الذين يعانون من صعوبات اجتماعية واقتصادية، أو من أمراض تمنعهم من مواصلة تعليمهم.

فكرّست حياتها ووقتها لعملها التربوي والثقافي، وسعت جاهدة، لتطوير مشاريعها وضمان استمراريتها، لتكون بذلك مساهِمة أساسية في تقدّم القطاع التعليمي في لبنان.

لنتعرف الى مسيرة رئيسة مؤسسة "Lebanese Alternative Learning"، نايلة فهد، في هذه المقابلة الخاصة مع "الاقتصاد":

أخبرينا عن خلفيتك الأكاديمية وكيف قررت تأسيس "Lebanese Alternative Learning" أو "LAL"؟

تخصصت في الأدب الفرنسي، وحاضرت في "جامعة القديس يوسف"، "USJ"، لمدة 24 سنة. خلال فترة التعليم في الجامعة، بدأنا بمشروع هو عبارة عن منصة تعليمية الكترونية، نعمل من خلالها مع الأطفال المصابين بمرض السرطان، وغير القادرين على الذهاب الى المدرسة.

ومع تفاقم أزمة اللاجئين السوريين، والضغط الذي سببته على المدارس اللبنانية، تطور مشروعنا لكي يستفيد منه أكبر عدد ممكن من الأولاد. وكانت "LAL" بمثابة دعم مدرسي لهم، اذ ركزنا على الحصيلة التعليمية للمنهج اللبناني، وعملنا على تحويلها الى نشاطات إبداعية.

وقد بدأنا بالعمل بشكل رسمي في نهاية العام 2013، ومع الوقت، بات الطلب على خدماتنا يتزايد أكثر فأكثر، فشعرت أن هذا المشروع يتطلب كامل وقتي، ولهذا السبب تفضّيت له منذ حوالي سنة ونصف.

ما هي "LAL"؟

"Lebanese Alternative Learning" (LAL)، هي منظمة غير حكومية، تهدف الى تطوير الموارد التعليمية البديلة من خلال التكنولوجيا والنشاطات الإبداعية. كما أنها عبارة عن شبكة تضم عدد من المربين، والأخصائيين في تقنيات التعليم وفي علوم التواصل، الذين يتعاونون معا من أجل تعزيز أساليب التدريس في لبنان وممارساته.

أما الأولوية بالنسبة لنا، فهي تمكين المجتمعات الضعيفة، وضمان حصول جميع الأطفال على تجربة تعليمية مفيدة وفعالة، وبالتالي تجنّب تزايد عدد المتسربين من المدارس.

من قدم لك الدعم في مسيرتك المهنية؟

حصلنا في البداية على التمويل من جمعية "My School Pulse"، التي تعمل مع الأولاد الذين يعانون من الأمراض المزمنة.

بعد ذلك، أطلقنا مشروع "Tabshoura Kindergarten"، المموّل من قبل منظّمة الرؤية العالمية "World Vision". وهذا المشروع هو عبارة عن منصة تعليم الكتروني عن بعد، مخصصة لصفوف الروضة، في ثلاث لغات (العربية، الإنكليزية والفرنسية) ومجانية. أما برنامج التعليم فيستند بالكامل على المنهج اللبناني الجديد.

ما هي الصفات التي ساعدتك على التقدم والنجاح في مسيرتك المهنية؟

أولا المثابرة والجدية في العمل.

وثانيا، فريق العمل المساعد، والأجواء الودية التي بنيتها مع الزملاء.

ما هي الصعوبات التي تواجهك خلال العمل في المنظمة؟

الصعوبة الأهم تكمن في غياب الدعم لهذا النوع من المشاريع من قبل الجهات المختصة.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

المشروع الأول يشمل الانتهاء من المنهج اللبناني لكي يصبح محتوانا كاملا، ويغطي كل الصفوف، بالاضافة الى التركيز على المواضيع المتعلقة بالثقافة وبالتربية المدنية؛ ونحن بحاجة الى التمويل لتحقيق هذه الغاية.

أما المشروع الثاني، فيتمثل بعلبة صغيرة تشبه الكمبيوتر الصغير، نضع فيها المحتوى لكي يصبح بمنتاول الناس دون الحاجة للاتصال بالانترنت (offline). وبناءا على هذه الفكرة، اختارتنا مبادرة "WISE accelerator" في قطر لتقديم يد العون لمدة سنة من أجل إنجاحها.

هل من منافس لـ"Lebanese Alternative Learning" في لبنان اليوم؟

النهج التربوي المعتمد في "LAL" هو فريد من نوعه، لأننا نركز على ما يسمى بـ"learning by doing"، أي "التعلّم عبر التطبيق"، وبالتالي فإن الأولاد لا يحصلون على الفروض المدرسية، بل تتم العملية التعليمية من خلال النشاطات فقط.

ولا بد من الاشارة الى أن عدد المبادرات التي تركز على المحتوى التعليمي ليست كثيرة، لأن هذا النوع من المشاريع صعب ومكلف للغاية؛ ولهذا السبب هناك أشخاص بدأوا بالعمل وحاولوا، لكنهم توقفوا بعد فترة.

ولحسن الحظ، نحن نحظى بالمساعدة والدعم من جهات عدة لكي نستمر بالعمل.

هل شعرت يوما بالتقصير تجاه حياتك الخاصة وعائلتك بسبب العمل؟

لا بل على العكس، فأولادي هم بالغون اليوم، ولطالما شعرت أن عملي يعطيهم الحماس.

كما أنهم يقدرون ما أقوم به، ويقدمون المساعدة، ويتشجعون على المبادرة.

كيف تقيمين وضع المرأة في لبنان اليوم؟

لبنان بحاجة حتما الى المزيد من العمل في المواضيع المتعلقة بالمرأة اللبنانية وبحقوقها ودورها في المجتمع.

من جهة أخرى، نحن نتعاون في الوقت الحاضر مع الناشطة الباكستانية ملالا يوسفزي، عبر "Malala Fund"، على مشروع متعلق بتعليم الفتيات في لبنان. فمن السهل جدا إلقاء اللوم على المجتمع وعلى الرجال، لكن يجب أن تتعلم الفتاة أن تسعى بنفسها الى تحقيق التغيير، وأن ترفض الرضوخ ولا تتقبّل الظلم. كما يجب على كل امرأة أن ترغب بالتغيير، وتتقبل الصعوبات المرافقة له.

نصيحة الى المرأة.

لا يجب أن يخاف الشخص الطموح والحالم من القيام بخطوات صغيرة، لأن المبادرات الصغيرة قد تغير المجتمع في بعض الأحيان.

كما أن كل هدف قادر على التغيير، ولكل هدف معنى معين.