اعتبر ​الأمين العام​ للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة زياد حايك خلال مشاركته أمس في مؤتمر في مقر جامعة الدول العربية في ​القاهرة​، أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ستكون أداة ضرورية لتعافي ​سوريا​ بعد انتهاء الحرب فيها.

وشارك حايك في مؤتمر "الشراكة بين الحكومة و​القطاع الخاص​ - أنماط جديدة للتنمية الاقتصادية" الذي أقامته ​المنظمة العربية للتنمية الإدارية​ – ARADO في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، تحت رعاية الأمين العام للجامعة ​أحمد أبو الغيط​، وتحدث في الجلسة الثانية عن موضوع الشراكة بين القطاعين في مراحل ما بعد الإضطرابات، فاعتبر أن الشراكة تشكّل أداة للتعافي والتنمية الإقتصادية بعد النزاعات، وهو ما ينطبق على حالات عدة، ومنها سوريا مثلاً.

ولاحظ حايك أن "السلام والاستقرار يؤديان الى تطور الاقتصاد، والعكس صحيح، إذ أن التطور الاقتصادي يساعد على ترسيخ الاستقرار بعد أن يحلّ السلام". وشدد على أن "فرص العمل أساسية للإستقرار"، مستشهداً بإحصاءات للبنك الدولي تشير إلى أن "40 في المئة من الدول التي تنتهي فيها الاضطرابات، تعود فتنتكس أوضاعها حين تفشل في تطوير اقتصادها وخلق فرص العمل".

وقال إن فترة ما بعد الاضطرابات تضع الحكومات أمام تحديات كبيرة تجبرها على ان تبرهن عن قدرها على القيام بمهامها"، ورأى أن "الاستفادة من قدرات القطاع الخاص تساعدها على تحقيق ذلك بصورة أسرع". وشدّد على أن "الشراكة بين القطاعين العام والخاص تساعد على بناء البنى التحتية التي تُعتَبَر ضرورية لإطلاق عجلة الاقتصاد وخلق فرص العمل، وخصوصاً في القطاعات الاساسية بعد الاضطرابات".

وأقرّ حايك بأن "الشراكة بين القطاعين العام والخاص تستلزم استقراراً ومؤسسات قوية وإطاراً قانونياً واضحاً، في حين أن تتسم مراحل ما بعد الاضطرابات بكونهاعشوائية في أحسن الأحوال، وبأن مؤسسات الدولة تكون غير فاعلة خلالها".  لكنّه شدّد على أن "الشراكة يمكنها أن تكون فاعلة جداً في هذه المراحل، في حال تم البدء أولاً بمشاركة القطاع الخاص (PSP) ثم التدرّج بعد نحو سنة أو سنتين الى الشراكة بشكلها الأكثر تطوراً (PPP)".

وتناول التجربة ال​لبنان​ية، فقال إن "التطور الاقتصادي الذي شهده لبنان بعد نهاية الحرب اللبنانية، ولو لم يصل الى مستواه المنشود، ساهم في إبعاد لبنان عن الوقوع مجدداً في دوامة ​العنف​ الأهلي". ولاحظ أن "الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي طُبِّقَت في مجال التطوير المدني والخدمات البريديّة  والاتصالات، أدّت دوراً مهماً في ذلك، ولو لم يتمّ تطبيقها بالمواصفات المنشودة".  

ونصح بأن "تسعى الحكومات بعد الاضطرابات إلى اقتناص الفرص وتحقيق ما هو ممكن من نجاحات سريعة، لا أن تنتظر ظروف تطبيق ما هو مثالي".

ورأى أن "القطاع الخاص يمكنه ان يعمل بمرونة أكبر من القطاع الخاص بعد الاضطرابات"، مشيراً إلى أن "مشاركة القطاع الخاص لفترات قصيرة يمكنها أن تحضر للشراكة بين القطاعين على المدى الأطول"، مستشهداً بأمثولات من تجربتي لبنان و​العراق​، ينبغي التعلّم منها.

وأضاف: "غالباً ما تكون ثمة نزعة بعد الاضطرابات للرجوع الى الماضي. ولكن يجب تفادي ذلك والنظر الى المرحلة الجديدة كفرصة للتحديث وللعمل بطريقة مختلفة... و​الناس​ عادة يتقبلون ذلك. مثال عليه هو الانتقال بإدارة قطاع ​النفايات الصلبة​ في لبنان بعد الحرب من المستوى المحلي الى المستوى الوطني".

وتابع: "الوضع القانوني غالباً ما يحتاج أيضاً الى معالجة مختلفة. فيمكن اعتماد التحكيم الدولي الى أن تتمكن أجهزة الدولة التشريعية والقضائية من القيام بمهامها بطريقة مرضية".

وعَرض حايك المستلزمات الأساسية للشراكة بعد الاضطرابات، فقال إن "أول ما يجب القيام به هو إنشاء ​فنادق​ بمواصفات عالمية ليتمكن المستثمرون من زيارة البلاد"، مشيراً إلى "المستثمرين في قطاعات الاتصالات الخليوية و​انتاج الكهرباء​ يبدأون بالتوافد خلال سنة واحدة".

وقال إن "المستثمرين في ​النفط​ و​الغاز​ و​الموارد الطبيعية​ عادة ما يعودون بسرعة لأنهم معتادون على العمل في الدول التي تشهد اضطرابات". ولاحظ ألأن "الحكومات تهتمّ بإنشاء وتشغيل المرافئ والمطارات نظراً لأهميتها على أكثر من صعيد، لكنّ المستثمرين فيها يتريثون بعض الشيء".

وفي ما يتعلّق بخلق فرص العمل، قال إن "القروض الصغيرة وخصوصاً للسيدات ربات العمل، أثبتت قدرة على إحداث تغيير في المجتمع، وفي حال مشاركة ​القطاع العام​ في هذه المبادرات يكون مفعولها أقوى".

وأشار إلى أن "البنى التحتية هي آخر ما يستقطب ​الاستثمار​ بعد ما يقارب 8 سنوات على انتهاء الاضطرابات ولكنها تكتسب الأهمية الكبرى لأنها تخلق أكبر عدد من فرص العمل".

وشدد على أن "القطاع العام يجب في كل ذلك أن يستقطب الشركات الشهيرة، إذ أن من شأن ذلك أن يضفي الثقة على جهوزية البلاد لاستقبال الرساميل ولسلامة بيئة الاعمال فيها".

ونصح حايك الجهات المانحة بضرورة "بناء جسور تواصل مع عدد كبير من الجهات المعنية لأن الأوضاع بعد الاضطرابات تشهد متغيرات عدة". وأبرز أهمية "التنسيق بين كل الجهات المانحة"، مذكّراً بأن ​الامم المتحدة​ أدّت دوراً مهماً في هذا المجال في لبنان بعد حرب تموز 2006.  ورأى أن مِن المُستحسَن "تأمين الضمانات من ​الانفاق​ المباشر، لتعزيز مفعول المبالغ المتوافرة". ولاحظ  أن "عناصر الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهي الشراكة في المخاطر وتحديد المخرجات، هي ذات أهمية عالية للجهات المانحة".  واعتبر أن "تمويل مشاريع الشراكة بشكل مباشر يمكنه أن يحد من مخاطر الفساد أو الانفاق غير الرشيد". وقال: "في لبنان، بعد حرب تموز 2006، قامت الجهات المانحة بتمويل مشاريع إعادة الإعمار مباشرة، مما سمح بأداء فاعل وسريع".