انتخب المجلس الاقتصادي والاجتماعي اليوم 11/12/2017 الهيئة العامة لمكتبه بالتزكية وذلك بعد 15 عاماً من التعطيل، وفاز رئيس الجمعية العامة لتراخيص الإمتياز شارل عربيد بالتزكية في حين جاء أمين عام الاتحاد العمالي العام سعد الدين حميدي صقر نائبا للرئيس. بالإضافة إلى الأعضاء بشارة الأسمر، محمد شقير، انيس بوذياب، صلاح عسيران، يوسف بسام، غربتا صعب وجورج نصراوي.

وعلى الرغم من الدور الإستشاري وغير الملزم للمجلس، إلا أن عودته إلى الساحة من جديد مهمة جداً في الوقت الراهن، خاصة أنه سيعيد تفعيل الحوار الإقتصادي والإجتماعي الذي نحن بأمس الحاجة إليه اليوم.

من جهة اخرى أرست التسوية السياسية الأخيرة – على الرغم من هشاشتها – نوعاً من الإستقرار على الساحة اللبنانية، خاصة بعد ان قرر الرئيس سعد الحريري العودة عن الإستقالة، مما اعاد بعض الأمل لإعادة إحياء عدد كبير من الملفات العالقة، وخاصة الإقتصادية منها.

على المستوى الإقليمي، عادت التطورات المتسارعة والخطيرة لتوثر على الساحة اللبنانية، خاصة بعد إعلان القدس عاصمة لإسرائيل من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مما إنعكس بشكل سلبي على الجهود التي كانت تُبذل لوقف الصراع الحاصل في المنطقة .. ولا شك ان هذا يضع إقتصادنا تحت ضغط كبير في العام 2018 أيضا، ويطرح تساؤلات كثيرة حول التحديات التي ستواجهنا.

فما هي أهمية إعادة تفعيل عمل المجلس الإقتصادي الإجتماعي بعد 15 سنة من الغياب ؟ وهل هو قادر على تغيير الواقع الإقتصادي والإجتماعي في البلاد ؟ هل ستصمد التسوية السياسية الأخيرة ؟ وما الذي ينتظر إقتصادنا في العام 2018 ؟ ... أسئلة كثيرة أجاب عنها مدير معهد "المشرق" للشؤون الإستراتيجية والإقتصادية الخبير د. ​سامي نادر​.

برأيك ما مدى أهمية إعادة تفعيل عمل المجلس الإقتصادي الإجتماعي عبر إنتخاب هيئة مجلس جديدة ؟ وهل برأيك ان الدور الإستشاري وغير الملزم للمجلس الإقتصادي الإجتماعي قادر على تغيير الواقع الإقتصادي والإجتماعي في البلاد؟

لا شك أن المجلس الإقتصادي الإجتماعي هو ضرورة اليوم، لأنه يدفعنا نحو الحوار ويغني النقاش الإقتصادي في البلد، وهذا الأمر نحن بأمس الحاجة إليه اليوم، خاصة أنه يشكل قوة مرجعية على المستوى الفكري، كما يشكل رأي مهم، ويساهم في تحديد الخيارات وتوجيه الرأي العام في كل المواضيع الإقتصادية والإجتماعية، لاسيما الإنتخابات النيابية المقبلة، حيث يمكنه لعب دور توجيهي وتوعوي للرأي العام اللبناني.

ويجب ان نعترف اليوم بأن هناك غياب كامل للبرامج الإقتصادية، وللرؤية الإقتصادية والخطط القصيرة والبعيدة المدى، وبالتالي من هنا تأتي حاجة المجلس الإقتصادي الإجتماعي، حتى ولو كان الدور إستشاري فقط وغير ملزم.

وانا أعتقد ان نجاح مهمة المجلس الإقتصادي الإجتماعي في المرحلة الحالية، يتعلق بقدرته على البقاء كجسم مستقل بعيد عن السياسة وتجاذباتها، فلا يجب أن يكون خاضع لأي جهة سياسية أو طرف سياسي، ويجب أن تنصب مهامه على ضرورة خلق تنمية إقتصادية وإجتماعية مستدامة، وعلى الدفاع عن الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للمواطن فقط، وليس للحكومة او للأحزاب السياسية.

ما هي أبرز الملفات التي يجب على المجلس الإقتصادي الإجتماعي المباشرة بمناقشتها ؟

هنا العديد من الملفات التي يجب العمل عليها، فعلى المجلس الإقتصادي الإجتماعي البدء بطرح الخطط والأفكار لإعادة تعزيز النمو، وخلق فرص عمل جديدة، وضبط الهدر والفساد وخلق شبكة أمان إجتماعية، فهذه النقط هي المفتاح للعودة للسكة الصحيحة.

فالأهم اليوم هو النمو، وهناك العديد من الإصلاحات الأساسية المطلوبة لإعادة نسب النمو نحو الإرتفاع، والمجتمع الدولي كان واضحا معنا من خلال مؤتمر باريس، فربط المساعدات والإستثمارات بمدى إلتزام لبنان بالإصلاحات المطلوبة.

وهنا يجب أن نسأل، أين أصبح ملف الحكومة الإلكترونية؟ وملف إعادة الهيكلة الضريبية ؟ وأين مسألة الضمان الإجتماعي وضرورة فصله؟ وأين أصبحت ملفات الهدر والفساد ؟ ... كل هذه الملفات تحتاج إلى إصلاحات حقيقية وملموسة، فالإصلاح الوحيد الذي قمنا به من خلال إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لم نطبقه حتى اليوم.

ما رأيك بالتسوية السياسية التي تمت إعادة صياغتها من جديد ونتج عنها عودة الرئيس الحريري عن الإستقالة ؟ وكيف سينعكس ذلك على الإقتصاد ؟

أعتقد ان التسوية السياسية هشّة جداً، وقد تلقت العديد من الضربات في أسبوع واحد، فالتصريحات السياسية، وبعض التصرفات التي تحصل من قبل بعض الأطراف، تعرضها للخطر. وبالتالي نتمنى الإلتزام الفعلي بالنأي بالنفس من أجل الإقتصاد الوطني بالدرجة الأولى، ومن أجل الحفاظ على الإستقرار الداخلي.

نشهد في الفترة الأخير توتراً إضافيا في الوضع الإقليمي الذي قد يرتد بتداعياته على لبنان ... ماذا ينتظر الإقتصاد برأيك في العام 2018 ؟ وما هي أبرز التحديات؟

لا شك ان الوضع الإقليمي يتجه نحو التأزم بدلاً من الإنفراج، لاسيما بعد القرار الذي إتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل.

لذلك فإن الإقتصاد اللبناني مصيره بيد أبنائه، وبمدى قدرتهم على النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات الحاصلة في المنطقة، فهذا الأمر هو ضرورة إقتصادية .. وإلا سيكون الإقتصاد برمته في خطر.