لا شك أن عودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته وعقد جلسة حكومية يوم الثلاثاء الماضي كان الحدث الأبرز هذا الأسبوع على الساحة اللبنانية. العودة عن الإستقالة فتحت باباً جديداً من الأمل أمام اللبنانيين، حيث أكد عدد من النواب والوزراء أبرزهم وزير الاقتصاد والتجارة ​رائد خوري​ أن "الحكومة ستكمل عملها بدءاً مما كانت قد وصلت إليه قبل 4 تشرين الثاني الماضي، من أبرزها ملف الكهرباء، عمل الوزارات، الخطّة الإقتصادية، مؤتمر مجموعة الدعم الدولي للبنان​ الذي سينعقد في ​باريس​ يوم الجمعة المقبل وبالإضافة الى الملفات اليومية المعيشية". كما أشارت تقارير صحفية الى إمكانية طرح مشروع قانون موازنة العام المقبل على ​مجلس الوزراء​ في وقتٍ قريب.

وفي سياقٍ آخر، ردّ رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ على سؤال حول تصريح وزير الخارجية السعودية عادل الجبير عن المصارف اللبنانية، قائلاً: "نحن من بين افضل الدول التي تطبق القانون الاميركي على المصارف لديها وخاصة في ما يتعلق منه بموضوع الشفافية وكل القوانين التي فُرضت من الكونغرس نطبقها في لبنان فلا خوف في هذا الموضوع".

إلى أين ستتجه التسوية بلبنان؟ وكم يستلزم هذا الإقتصاد الهش من الوقتت للتعافي من آثار الصدمة السلبية التي شكّلتها استقالة رئيس الحكومة؟ للمزيد من التفاصيل كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع مدير الأبحاث في بنك البحر المتوسط، د. ​مازن سويد​:

كيف ترى أثر التسوية السياسية الأخيرة بين الأفرقاء في لبنان على الإقتصاد؟ وهل هناك تفاؤل بالمرحلة المقبلة؟

أنا متفائل جداً في الحقيقة، لأن الأزمة السياسية التي مرّ بها لبنان أظهرت عمق الإستقرار الذي يعيشه سواءً كان من الناحية السياسية أو الأمنية أو الإقتصادية. بداية، أظهرت الأزمة أن لبنان يتمتّع بمظلة دولية إقليمية تمنع اهتزاز استقراره. أمنياً، رأينا أن الوضع كان ممسوكاً من قبل الأجهزة الأمنية، أما اقتصادياً فبالرغم من كافة الأمور التي سمعناها وخطورة السيناريوهات التي تمّ طرحها، الاّ أن التحويلات من الليرة الى الدولار كانت بمستويات مقبولة، تقريباً 5% من مجمل الودائع، وخروج الأصول من البلد كانت بحدود الـ1.5% من مجمل الودائع. هذه الأرقام تظهر مستوى خطورة أقل بكثير من ذلك الذي شهدناه في العام 2005 عند اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، أو خلال حرب تموز في عام 2006 أو حتى أحداث 7 أيار من عام 2008.

إذاً لا ترى أن هذه أزمة أثرت على لبنان سلباً والآن يحتاج الإقتصاد الى الوقت للخروج منها؟

شخصياً، أرى أن الإقتصاد كان في حالة اكتساب مناعة تجاه الخضّات ويتمكّن من التأقلم معها أكثر مما هو في مأزق.

وعلى كل حال، الأزمة باتت وراءنا اليوم ونريد إعادة تفعيل العمل الحكومي وإجراء الإنتخابات النيابية. ونأمل أن نحقق نسب نمو أعلى من 2.5 و3% في العام 2018 لأول مرة منذ العام 2011.

هل ترى أن ردود مصرف لبنان وجمعية المصارف والرئيس سعد الحريري على تصريحات الوزير الجبير ستكون كافية، خاصةّ اذا استمرّت هذه التصريحات في المحافل الدولية؟

نعم، أعتقد أن تأكيد أهم ثلاث مراجع في السلطة التنفيذية، أن القطاع المصرفي اللبناني يحظى بالشرعية الدولية فيما يخص التعاطي المصرفي والمالي وأن المصارف المحلية ملتزمة بالقوانين الدولية، خاصةً تلك المتعلقة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب كان كافياً.

كيف تقيّم الأداء الإقتصادي في لبنان خلال العام 2017؟

من المتوقع للعام 2017 أن نحقق نمو بنسبة 2% وهي نسبة أفضل من تلك التي حققناها في العام 2016. طبعاً هي نسبة نمو غير كافية، فنحن نحتاج الى نسبة 5% لتلبية متطلبات لبنان، نظراً لنسبة الدين الى الناتج المحلّي والحاجة لخلق فرص العمل، لكن نظراً للأوضاع التي تمرّ بها المنطقة فإن ما حققناها يعدّ جيّد جدًّا، ونتمنّى أن نحقق المزيد في العام 2018.

ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها اليوم لتحقيق نسبة النمو المرجوّة خلال العام المقبل؟

يجب التركيز في موازنة العام 2018 على خفض واضح في نسبة العجز الى الناتج المحلي الإجمالي، بالترافق طبعاً مع إطلاق البرنامج الإستثماري الذي تبلغ قيمته 17 مليار دولار للنهوض بالبنى التحتية، جزء منه تقوم المصارف بتمويله وجزء آخر ستموّله دول ومؤسسات مانحة.