خاص - "الاقتصاد"

رحلة صداقة عمرها عشر سنوات، أطاحت بها خلافات مالية، خصوصاً بعدما تطورت الصداقة الى أعمال تجارية، كانت كفيلة بنسف كل ما بناه الشريكان، اللذين تبدلت لقاءاتهما من المكاتب و​المشاريع العقارية​ والمقاهي والمطاعم، الى الدوائر القضائية التي فصلت في النزاع المستحكم بين الطرفين.

لقد تعرّف رجل الأعمال "نديم. م" قبل عشر سنوات على "يوسف. ف"، الذي يعمل كمهندس ديكور، وتعمقت العلاقة بينهما الى حدّ الصداقة المتينة المبنية على الثقة المتبادلة، هذه الثقة التي سمحت للمهندس بأن يعطي النصح والارشادات لرجل الأعمال ليستثمر جزءاً من أمواله في ​قطاع البناء​، عارضاً عليه شراء ​عقارات​، منها شقق سكنية بمواصافات راقية جداً في منطقة بعبدا العقارية، وأقنعه في البداية بشراء شقة تريبلكس، متعهداً له بأن يشرف شخصياً بكل أمانة ودقة على الأعمال التي تنفذ تحت مراقبته الدقيقة.

هذه الاغراءات والوعود، حملت رجل الأعمال على توقيع عقد شراء الشقة المذكورة، وفي مرحلة لاحقة أقنعه المهندس بشراء كامل العقار الذي تقع الشقة ضمنه، بحيث يتولى صديقه "طوني. ع" تشييد بناء من أربعة أقسام على كامل العقار، ويتولى "يوسف" مهام مراقبة أعمال البناء وكيفية تنفيذها وكلفتها وجودتها ونوعيتها، ونظراً للثقة الكاملة التي أولاها رجل الأعمال لصديقه، اشترى بالفعل كامل العقار، وأوكل الى الأخير مهام المراقبة والاشراف والتدقيق بالفواتير ودراستها وتحديد مدى تطبيقها مع الواقع والنوعية، على أن يحيلها بعد موافقته عليها لتسديد قيمتها.

وبناء على نصيحة المدعى عليه أيضاً، قام "طوني. ع" بائع العقار المذكور، بمتابعة تنفيذ الأعمال وانجاز البناء تحت مراقبة واشراف "يوسف. ف"، فتولى بالفعل "طوني" تنفيذ الأعمال وارسال كشوفات الحساب والفواتير وأوامر الدفع والطلبات المتعلقة بشراء المواد الأولية الى المدعى عليه "يوسف" للتدقيق فيها، وكان الأخير يوقع على الفواتير ويرسلها لتسديد قيمتها، وطيلة فترة تنفيذ أعمال البناء لم يبد المدعى عليه اي اعتراض على الفواتير والكشوفات، إن لجهة القيمة أو النوعية، بل كان يوافق عليها كما تأتيه، ويقوم بتسديد قيمة كشوفات الحساب الصادرة دون أي تردد.

في أواخر االعام 2015 أرسل "طوني. ع" الى رجل الأعمال، كشف حساب بخصوص تكلفة البناء القائم بواسطة ​البريد الالكتروني​، وتضمن البريد المذكور مستنداً آخر الى جانب الكشف المذكور، هو عبارة عن كشف داخلي بين "طوني. ع" وشركائه، يفصّل فيها تكلفة البناء تماماً كما تكبدها الأخير، ولدى تدقيق صاحب المشروع في الكشف المذكور تفاجأ بورود أسم صديقه "يوسف. ف" في الكشف، بأنه تقاضى مبلغاً وقدره 340 ألف دولار أميركي من طوني، وقد أضيف هذا المبلغ على كلفة البناء وتم تحميله له.

لقد شكّل هذا الكشف، نقطة تحوّل في علاقات الصديقين، حيث تبين من الكشف أن اسم المدعى عليه "يوسف. ف" ورد بين اسماء الموردين، وأنه قام بتوجيه انذار اليه بضرورة إعادة المبلغ، ليتبيّن ان المدعى عليه دخل بالفعل في حيازته مبلغ 340 ألف دولار أميركي، جرى اضافة قيمته الى كلفة البناء الذي اشتراه، واستولى عليه وتصرف به بالرغم من انذاره بوجوب اعادته الى المدعي، وخلص رجل الأعمال في ​الشكوى​ القضائية التي تقدّم بها، الى طلب الظنّ بالمدعى عليه بمقتضى المادة 673 من قانون العقوبات.

بناء على هذه الشكوى، جرى استجواب المدعى عليه، الذي أفاد بأنه توجد علاقة تجارية وشراكة بينه وبين المدعوين "طوني. ع" و"جوزف. س" لا تزال مستمرة، وأنه يعمل كمهندس ديكور، وأن المدعي يرغب في شراء منزل في منطقة بعبدا، فقام بتعريفه على "طوني" الذي كان مع شريكه "جوزف" في طور انشاء بناء مؤلف من أربعة أقسام، وجرى الاتفاق بين طوني وجوزف على شراء العقار، وأنه وقع عقداً مع الأخيرين لم يكن هو طرف فيه، مشيراً الى أن الدفعات المتعلقة بمبلغ الـ340 ألف دولار قبضها من طوني بموجب شكات، ناتجة عن دفعات مالية متوجبة بذمته لقاء أشغال منفذة، وهو لم يتقاضى أي مبلغ لنفسه من عملية بيع وانشاء العقار المشار اليه، وأن المدعي لم يبد أي اعتراض أو تحفّظ على تكلفة شراء المواد أو أعمال البناء والديكور، في المشروع المذكور.

قاضي التحقيق في جبل ​لبنان​ الذي وضع يده على القضية، إعتبر أنه بنتيجة التحقيقات المجراة، يتبين أن النزاع القائم بين الشريكين، هو نزاع مدني بحت، ما يقتضي منع المحاكمة عن المدعى عليه "يوسف. ف"، وتدريك المدعي "نديم. م" الرسوم والنفقات القانونية.