لولو الخازن باز، اسم جديد يُضاف الى لائحة اللبنانيين الناجحين في الخارج. فقد استطاعت بإصرارها المتواصل وإرادتها الصلبة وطموحها اللامحدود، أن تنحت قصّة نجاح مميزة، وأن تكون بذلك قدوة ومثالا كل شاب وشابة.

وبالإضافة الى عملها الرائع من الناحية التجارية والاجتماعية أيضا، هي تقدم المشورة والنصيحة لرائدي الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة، وذلك من خلال الخبرات التي اكتسبتها والتجارب التي مرّت بها خلال سنوات العمل الطويلة على مشروعها، لتؤكد لهم أن "الفشل هو مجرد لوحة كُتب عليها ‘ليس من هذا الاتجاه’، ولكن البعض يقرأها توقف!".

لولو الخازن باز هي المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة "Nabbesh.com"، التي تعتبر أول منصة الكترونية تهتمّ بتبادل المهارات وتوظيف المواهب المستقلّة في الشرق الأوسط. وقد أسست هذه الشركة من أجل سدّ الفجوة بين الطلب على المواهب والعرض المتوفر من الشركات، وتشجيع الشركات المحلية على توظيف خبراء من المنطقة، وبالتالي خلق المزيد من فرص العمل، والتأثير إيجابيا على اقتصادات المجتمعات المحلية.

حازت الخازن في العام 2002، على شهادة في الضيافة الدولية وإدارة السياحة من جامعة "Bournemouth" في بريطانيا، وبسبب غياب فرص العمل الجذابة في لبنان، انتقلت في العام 2003 إلى دبي، حيث تعيش وتعمل منذ ذلك الحين.

في العام 2012، أطلقت "Nabbesh.com"، وهي أول بوابة للمتخصصين الذين يعملون لحسابهم الخاص، على مستوى الشرق الأوسط، وقد ساعدت الى حد اليوم أكثر من 5000 شركة على إنجاز أعمالها.

فلنتعرف أكثر على سيدة الأعمال اللبنانية لولو الخازن باز في هذه المقابلة الخاصة "الاقتصاد":

عرفينا أكثر على تجربتك المهنية وعلى المراحل التي أسهمت في وصولك الى ما أنتِ عليه اليوم؟

أنا أعيش وأعمل في دبي منذ حوالي 14 سنة. بدأت بالعمل أولا في شركة "DaimlerChrysler Financial Services Middle East"، وانتقلت بعدها الى مجال العقارات مع شركة "Dubai Properties Group"، حيث استلمت منصب مديرة التسويق.

وبعد الانهيار الاقتصادي في العام 2008، شاركت في تأسيس شركة "Active-M"، المتخصصة برأس المال الاستثماري والاستشارات (venture capital investments). أما هدفها الأساسي، فكان الاستثمار في الشركات الناشئة. ومن هنا تعرفت أكثر على هذا العالم الواسع، وعلى التكنولوجيا الناشئة، والمنتجات والخدمات المفقودة في الأسواق، أو الموجودة في الخارج والغائبة في منطقتنا. واكتشفت كم أن قطاع التكنولوجيا بحاجة الى التطوير، كما وجدت أن الفرص كثيرة لكي يحقق الانسان الإنجازات كرياديّ.

لهذا السبب، قررت في العام 2011، الاستقالة من عملي، والتركيز على مشروعي الخاص: "Nabbesh.com".

والفكرة كانت بسيطة للغاية، اذ كنا نسعى الى الربط ما بين أصحاب الخبرات الذين لا يرغبون العمل بدوام كامل، والمشاريع المناسبة لهم. وعمدنا بذلك الى حلّ مشكلة تواجه عددا كبيرا من الناس؛ فهناك ملايين الأشخاص مثلي، أي المتعلمين وذوي الخبرة المهتمين بالعمل المستقل. ومن هنا ولد مفهوم "Nabbesh.com"، الذي يهتمّ بتبادل المهارات وتوظيف المواهب المستقلّة حسب الطلب.

كيف تمكنتمن نشر "Nabbesh.com" بين الناس؟

بدأت بالعمل على الفكرة في العام 2011، وفي حزيران 2012 أطلقنا الموقع بشكل رسمي. وفي ذلك الوقت، كنت مشتركة في مسابقة "The Entrepreneur" (المبادر) في دبي، المكونة من ثماني حلقات، والتي كانت تعرض على قناة "Dubai One".

وقد تمكنت من الفوز بين 2000 متقدم، والحصول على جائزة المليون درهم. وبالتالي تناولت وسائل الاعلام هذا الموضوع بشكل كبير، لأن "Nabbesh.com" ليست شركة تجارية فحسب، بل لديها طابع اجتماعي أيضا، لأننا نساعد من خلالها الأشخاص على إيجاد فرص العمل. فحقيقة أن هذه الشركة تعالج من ناحية ما مشكلة التوظيف، هو أمر مهم جدا بالنسبة الى الإعلام. ولهذا السبب حصلت على الكثير من الاهتمام، ودعيت للمشاركة والتحدث في العديد من المؤتمرات حول فرص العمل.​​​​​​​

فمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا تعاني من معدلات بطالة مرتفعة جدا، خاصة لدى النساء والشباب؛ وهذه المعدلات تعتبر من الأدنى في العالم. لذلك وجد الكثيرون في "Nabbesh.com"، وسيلة تساعد الملايين من الموهوبين على العثور على وظائف وكسب لقمة العيش، وتتيح لهم الوصول الى عالم المشاريع من منازلهم.

ولا بد من الاشارة الى أن الموقع يتوجه إلى رواد الأعمال والشركات الصغيرة والكبيرة ومتعددة الجنسيات، من أجل إيجاد المواهب من خلال ثلاث خدمات:

أولا، توفير أداة للتواصل والاتفاق على معالم الوظيفة الرئيسية.

ثانيا، ضمان دفع البدل على أساس مراحل العمل.

ثالثا، نحن نعمل كوسيط لتأمين الدعم طوال مدة المهمة من أجل الحرص على تسليم العمل المتفق عليه، والدفعات للموظف المستقل.

ما هي مقومات النجاح في عالم ريادة الأعمال؟​​​​​​​

أولا، عندما يكون الانسان رياديا، عليه أن يتوقع الكثير من الرفض في الحياة. وهذا الواقع شكل صعوبة كبيرة بالنسبة لي، خاصة في بداية المسيرة.

فرائد الأعمال يحصل أحيانا على بعض الردود السلبية، كما أن المنتج المقدم قد لا يعجب العملاء، والأموال اللازمة قد لا تؤمَن من المستثمرين. لهذا السبب لا يجب أن يستسلم عندما يحصل على "كلا" كإجابة، بل عليه استكمال المسيرة دون أخذ الأمور بطريقة شخصية.

ولا بد من الاشارة الى أن الانسان يعتبر شركته كطفله الصغير، لذلك يجب أن يكون مستعدا لتقبّل بعض التعليقات القاسية عنها، وتفهّم ردود الفعل السلبية، وفهم أسبابها؛ فليأخذ الأمور بموضوعية، ويعتبرها فرصة لتحسين خدماته ومنتجاته.

ثانيا، يجب التكلم عن الأعمال، فالعديد من رائدي الأعمال يخشون تبادل أفكارهم خوفا من سرقتها. لكنني أؤكد لهم، أن لا أحد سيسرق هذه الأفكار، لأن الفكرة هي مجرّد خطّة أو مشروع أو تصميم، والعبرة في التنفيذ وفي كيفية بناء هذه الفكرة وتحويلها الى حقيقة.

هل تفكرين بالعودة في يوم من الأيام للاستقرار والعمل في لبنان؟

أفكر دائما بهذا الموضوع، لكن مدينة دبي هي بيتي في الوقت الحاضر.

وفي نهاية المطاف أنا لبنانية، وسيبقى لبنان بلدي الأم، لكن لا توجد مشاريع قريبة للعودة بشكل دائم.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

هناك العديد من المشاريع التي أهتم بها حاليا وخاصة في مجال التكنولوجيا. كما أنني أسعى دائما الى إفادة رائدي الأعمال قدر الإمكان، من خلال الخبرات التي اكتسبتها.

فخلال السنوات الستة الماضية، والتي كنت أعمل خلالها على "Nabbesh.com"، مررت بالعديد من الصعوبات، وعايشت مشاكل وتحديات مختلفة، وبالتالي تعلمت الكثير. لهذا السبب، أعتقد أن هذه التجربة قادرة على مساعدة العديد من الأشخاص الذين يحاولون تأسيس شركاتهم الخاصة، وذلك من خلال الاستشارات الخاصة.​​​​​​​

فنحن نستفيد من خلال مشاركة المعرفة، لكي نتقدم بشكل أسرع وأكثر فعالية، ولا نقع جميعا بالأخطاء ذاتها.​​​​​​​

هل شعرت يوما بالتقصير تجاه حياتك الخاصة بسبب انشغالاتك العملية؟

التوازن صعب للغاية، خصوصا خلال سنوات التأسيس الأولى، لأن الشركة تتطلب الكثير من الوقت الخاص.

لكن عندما يؤسس الشخص شركته، ستتحول هذه الشركة الى شغفه والى هواية يستمتع بممارستها، ولن يعتبرها مجرد عمل أو واجب عليه.

فالمشروع الخاص يتطلب العمل لمدة 24 ساعة و7 أيام في الأسبوع، ولكن عندما يقوم الانسان بما يحبه، لن يفكر حينها بالوقت الذي يقضيه في العمل.

نصيحة الى المرأة.

المرأة اللبنانية تتمتع بالكثير من الإمكانيات والمهارات، فهي متعلمة ومثقفة، تتكلم لغات عدة، منفتحة على الحضارات والمجتمعات المختلفة،...

ومع العلم أنني بعيدة عن لبنان منذ فترة، إنما أشعر أن المرأة في بلادي لا تقدّم كل طاقاتها، كما أن نسبة النساء العاملات لا تزال قليلة مقارنة مع نسبة تعلّم المرأة وخبراتها.

لذلك يجب أن تسعى المرأة الى تحقيق طموحاتها المهنية، وليس لتحقيق المردود المادي فحسب، بل لكي تثبت نفسها. فللأسف هناك الكثير من الطاقات التي لا نستفيد منها في لبنان، ولهذا السبب أتمنى أن نرى المزيد من سيدات الأعمال اللبنانيات اللواتي يأخذن المبادرة ويحققن الإنجازات. فالأهمية ليست للنجاح والفوز، بل لتحقيق هدف ما، وفي نهاية المطاف سيأتي النجاح حتما.