كتب الدكتور ​غازي وزني​ في صحيفة "الإتحاد": يواجه إقتصاد 2018 تحديات الاحداث في المنطقة وتوتر العلاقات مع بعض دولها وأجواء عدم اليقين المحلي والاستحقاقات السياسية.

تظهر التحديات في العام 2018 على الشكل التالي:

1- النمو الاقتصادي: نتوقع ان يبقى متباطئا وضعيفا وان لا يتجاوز 1.5% بسبب أجواء القلق والضبابية المحلي والتأزم الاقليمي ما يؤثر على قطاعات السياحة والتجارة، ويبقي القطاع العقاري في حالة جمود مع مرونة في الاسعار.

2- المالية العامة: نتوقع ان يستمر التدهور وان يقارب العجز 9% من الناتج المحلي اي حوالي 5.5 مليار دولار بسبب تزايد خدمة الدين العام نتيجة ارتفاع معدلات الفوائد، وتزايد عجز مؤسسة كهرباء لبنان نتيجة تحسن اسعار النفط عالميا، وتزايد كلفة الرواتب والاجور نتيجة ضعف الواردات المخصصة لتغطيتها، وأخيرا تزايد الانفاق العام نتيجة الانفاق الانتخابي والهدر المتسارع لا سيما في قطاع الاتصالات.

اما الدين العام فإنه سيتابع منحاه التصاعدي ليقارب 86 مليار دولار ونسبته 152% من الناتج المحلي اي بزيادة نسبته 7%.

3- الوضع النقدي: نتوقع ان تبقى الليرة مستقرة بفضل إحتياطات مصرف لبنان الضخمة بالعملات الاجنبية وتدابيره الاستيباقية وبفضل السيولة المرتفعة بالعملات الاجنبية لدى المصارف.

في المقابل نتوقع ان ترتفع الفوائد على الودائع وعلى تسليفات القطاع الخاص والقطاع العام ما ينعكس سلبا على النمو الاقتصادي وعلى المالية العامة.

4- قانون العقوبات الاميركية على حزب الله: نتوقع ان يحتوي لبنان العقوبات الاميركية الجديدة في العام 2018 بفضل تقيد القطاع المصرفي بشكل كامل بالقانون الاميركي، وبالقوانين اللبنانية وتعاميم مصرف لبنان وايضا بفضل تفهّم السلطات الاميركية لخصوصية الوضع الاقتصادي والمالي والسياسي في لبنان وقرارهم الحفاظ على إستقرار هذا البلد.

أما تصريح عادل الجبير "بأن حزب الله يستخدم البنوك اللبنانية لتهريب الاموال" فإنه تصريح سياسي بإمتياز، غير دقيق وغير سليم ماليا وتقنيا، هدفه افشال التسوية السياسية، وتهديد الاستقرار المالي والمصرفي، وتظهر خفة هذا التصريح من خلال: حصول القطاع المصرفي اللبناني على الاشادة الدولية من مجموعة GAFI ومن الخزانة الاميركية لالتزامه بالتشريعات والقوانين المالية الدولية، ومن خلال اعلان حزب الله مرارا وتكرارا انه لا اموال او معاملات مالية له مع المصارف، ومن خلال عمليات التدقيق والمراقبة التي تمرّ بها المعاملات المالية والمصرفية في لبنان: تدقيق على صعيد القطاع المصرفي عبر دائرة الامتثال لديه، تدقيق مصرف لبنان عبر هيئة التحقيق الخاصة لديه، تدقيق المصارف المراسلة عبر المصارف الاميركية، تدقيق السلطات الاميركية عبر وزارتي الخزانة والخارجية.

لذلك فإن تصريح عادل الجبير يتميز بالخفة وليس لديه أية مخاطر إقتصادية او مالية على لبنان.

5- إرتفاع معدلات الفوائد في الولايات المتحدة: يتأثر سوق الفوائد على الدولار في لبنان بسياسة الارتفاع التدريجي للفوائد من قبل المصرف الاحتياطي الفدرالي حيث نتوقع ان تصل معدلات الفوائد الى 1.50% في نهاية العام الحالي و 2% في نهاية العام المقبل.

6- اسعار النفط عالميا: تبقى توقعات اسعار النفط في العام 2018 حذرة ولكن نتوقع ان تتحسن وان تصل وسطيا الى 57.5% دولار للبرميل نتيجة استمرار التفاهمات بين دول الاوبك وروسيا بخفض الانتاج .

يستفيد لبنان من انخفاض اسعار النفط على صعيد عجز المالية العامة ( التحويلات لمؤسسة الكهرباء) وعجز ميزاني التجاري والمدفوعات ولكنه يخسر على صعيد الواردات (الضريبة على القيمة المضافة) وتحويلات اللبنانيين المقيمين في الدول المنتجة للنفط حيث تشكل عائداتها النفطية وسطيا 46% من اجمالي عائداتها و 75% من صادراتها.

7- تباطؤ النمو الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي: يتوقع استمرار ضعف النمو الاقتصادي في هذه الدول في العام 2018 رغم التحسن الطفيف لاسعار النفط عالميا.

نشير في هذا الاطار الى ان نمو الناتج المحلي تراجع في العام الحالي في غالبية الدول الخليجية من 2% الى 0.9% وطال التراجع بشكل رئيسي الامارات المتحدة العربية من 3% الى 1.3% والسعودية من 1.8% الى 0.1% والكويت الى انكماش اقتصادي.

تبدو التوقعات الاقتصادية للعام 2018 ضبابية وحذرة لان إيقاعاتها إقليمية، تحتاج الى اجراءات استيعابية لها عن طريق توقيع اتفاقية تلزيم استكشاف النفط والغاز، إقرار مشروع موازنة العام 2018، تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وضع آلية لعودة النازحين السوريين، عقد مؤتمر باريس 4، وقف الهدر المتسارع في بعض الوزارات، الاعداد للمشاركة في إعادة إعمار سوريا، البدء بورشة تطوير وتحديث اقتصادنا من إقتصاد ريعي يعتمد على الخارج الى إقتصاد انتاجي يعتمد على الداخل.