تعيش ​فنزويلا​ اليوم ​كارثة​ انسانية بكل ما للكلمة من معنى ، كارثة تجلتبارتفاع عدد الجوعى في البلاد وفقدان 95% من ​الادوية​ ووصول ​معدلات التضخم​ الى مستويات مخيفة يقدرها البعض بـ4000 %، واقع يبدو غريبا بعض الشيئ فكيف لدولة كانت تعتبر من انجح الاقتصاديات ان تتحول الى دولة مثالا في الفشل دولة خسرت ثلث ​الناتج المحلي الاجمالي​ خلال خمس سنوات دولة تقف اليوم على حافة الانهيار الاقتصادي بعد ان بلغت ​الديون الخارجية​ 150 مليار دولار في ظل وجود رئيس متمسك بالسلطة متغاضيا عن حجم الخراب الذي يلحق ببلاده متجاهلا ال​مظاهرات​ المعارضة لسياسات الحكومة وللقتلى والجرحى نتجة التصدي لهذه التحركات هذا المشهد يختصر ما تعيشه فنزويلا اليوم بعد ان كانت دولة نفطية من العيار الثقيل والتي تمتلك أكبر ​احتياطات​ ​النفط​ الخام في العالم و صاحبة أكبر نسبة ذهب فى احتياطيات العملة .

وينقسم الشارع الفنزويلي اليوم بين مؤيد ومعارض للرئيس مادورو الذ يعتبره البعض امتدادا لسياسة تشافيز الاشتراكية التي ادت الى خفض نسبة الفقر في البلاد من 50 الى 29% خلال 14 عاما في المقابل يريد البعض انهاء حكم الحزب الاشتراكي ويطالبون بحكم ليبرالي،واشتدت حدة الصراع السياسي بعد اعلان الرئيس مادورو في شباط الماضي عن اجراءات لمواجهة ​الازمة الاقتصادية​ التي تمر بها البلاد والتي تشمل تعويم العملة وزيادة ​اسعار المحروقات​، اجراءات قابلتها مظاهرات تندد بقرارات الرئيس وتعتبره السبب في وضع البلاد المتردي.

وبسبب تفاقم ​الأزمة المالية​ للبلاد تراجعت واردات كاراكاس بنسبة 80% خلال الخمس سنوات الاخيرة الامر الذي ادى الى فقدان العديد من السلع الاساسية في الاسواق حيث اشار الاطباء الى فقدان حوالي 95% من الادوية، كما انعكس التضخم على السلع والمواد حيث أشار مسح لأحوال الأسر المعيشية في فنزويلا إلى أن قرابة 82% من الأسر الفنزويلية تعيش في فقرمنذ 2016، وإن نحو 4.5 مليون فنزويلى لايأكلون بشكل يومي، واكدت مؤسسة "​كاريتاس​" الدولية، على أن 300 طفل على وشك الموت بسبب سوء التغذية و​المجاعة​ التى تعانى منها البلاد. كما عبر أكثر من 600 ألف فنزويليالحدود في العام 2017 بسبب خوفهم من الجريمة والقمع ونقص الغذاء بحسب تصريحات المفوض السامي للامم المتحدة لحقوق الانسان .

عقوبات دولية على فنزويلا ومادورو يحمل واشنطن مسؤولية تردي الاوضاع

الاوضاع المتردية في فنزويلا دفعت بالاتحاد الاوروبي الى اتخاذ حزمة من الاجراءات ابرزها منع بيع ​السلاح​ للاخيرة ووضع نظام يمهد لتجميد الممتلكات وفرض حظر السفر على عدد من مسؤولي البلاد على ان يتم ​تطبيق​ هذه الاجراءات بشكل تدريجي ومرن، كما فرضت ​الولايات المتحدة​ التي تعتبر اكبر مستورد للنفط الفنزويلي عقوبات مالية على مسؤولين فنزوليين بسبب ​الفساد​ وسوء استغلال السلطة وسيتم تجميد كل أصولهم هؤلاء الأشخاص وسيحرم على المواطنين ​الأمريكيين​ التعامل التجارى مع هؤلاء الاشخاص خطوة اعلنت فيها الولايات التحدة ان الهدف منها الدفاع عن الديمقراطية في فنزويلا حث اشار البيت الأبيض في بيان ان واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي أمام انهيار فنزويلا، وان هذه الإجراءات تم اختيارها بعناية لحرمان ديكتاتورية مادورو من مصدر تمويل ​مهم​، الا ان الرئيس مادورو يعتبرها معركة يقودها للدفاع عن استقلال بلاده مهددا بوقف بيع نفط بلاده إلى الولايات المتحدة والتي تزودها بنحو 750 ألف برميل يوميا، كما حاول مادورو الالتفاف على ​العقوبات الأميركية​، معلناً أن حكومته ستبيع النفط و​الغاز​ و​الذهب​ وسلع اخرى بعملات غير الدولار من بينها ​اليوان الصيني​، و​الين الياباني​، و​الروبل الروسي​، و​الروبية الهندية​.

واثار تعين الرئيس الفنزويلي ​نيكولاس مادورو​ لمانويل كيبيدو رئيسا للشركة الوطنية للنفط الفنزويلي والمعروفة اختصارا"PDVSA "، الكثير من التكهنات حول بسط الرئيس قبضته على أرجاء الشركات الحيوية في البلاد وخاصة تلك التي لها طابع دولي وتتعامل مع العالم الخارجي في خطوة للسيطرة على ولاء مديريها وعدم ترك الباب مفتوحا لتشجيعهم على الانشقاق كما تم القاء القبض على 6 من المسؤولين التابعين لفرع الشركة في ​اميركا​ والتي تحمل اسم "سيتجو" بتهم الفساد و​اختلاس​ الاموال و​الخيانة​ بهدف إقصاء كل من يتم الشك في ولائه داخل المؤسسات السيادية.

تراجع احتياطي النقد الاجنبي في فنزويلا الى 10 مليار دولار

كما اعتبر المراقبون ان لجوء الرئيس السابق هوجو شافيز للاقتراض لتمويل ​الإنفاق​ الاجتماعي السخي في البلاد احد ابرز اسباب الازمة التي تمر بها كراكاس اليوم بالاضافة الى تراجع ​اسعار النفط​ العالمية الامر الذي ادى الىتراجع احتياطي الدولة من النقد الاجنبي ليصل الى نحو 10 مليار دولار ما يعد الأدنى منذ 20 عاما .

وفي وقت سابق كنت قد أعلنت المجموعة النفطية الفنزويلية الحكومية "بتروليوس دي فنزويلا" أنها بدأت تسديد 233 مليون دولار من فوائد ​سندات الخزينة​ المستحقة في 2020 و2022 قبيل انتهاء فترة العفو المحددة بثلاثين يوما، ودعت المجموعة النفطية دائنيها إلى الثقة في قدراتها اللوجيستية والإنتاجية والمالية، مؤكدة أنها نفذت كل التزاماتها على الرغم من التخريب الفاضح للإمبريالية وأتباعها، في إشارة إلى العقوبات الأميركية، وتشكل سندات القروض الخاصة بالشركة النفطية 30% من ​الدين الخارجي​ للبلاد الذي يقدره بعض الخبراء بنحو 150 مليار دولار، بينما يعاني سكان البلاد من نقص حاد في ​المواد الغذائية​ و​الأدوية​ نظرا بعدم وجود أموال لاستيرادها.

وكالات ال​تصنيف​ تؤكد تخلف فنزويلا عن تسديد ديونها والمنظمات الحقوقية تدق ناقوس الخطر

كما اعتبرت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" ان فنزويلا في حالة تخلف جزئي عن سداد ديونها الامر الذي دفع بها التي تخفيض تصنيف البلاد معتبرة ان كراكاس فشلت في تسديد دفعات مستحقة عن سنداتها السيادية الامر الذي اكدت عليه وكلة "​ستاندرد اند بورز​" لعدم تسديد دينها بعد إخفاقها فى دفع200 مليون دولار لسنداتها.

ومن الناحية الانسانية اشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الى الاسلوب المنهجي التي تعتمده قوات الامن الفانزولي في إســـــاءة معاملة متظاهرين معارضين احتُجزوا خلال ​احتجاجات​ دموية دامت شهوراً هذا العام، حيث يتعرّض موقوفين من اكثر من 5 آلاف محتجز لضرب واعتداء جنسي او لصدمات كهربائية، في ما اعتبرته مستوى من القمع «لم تشهده فنزويلا في الذاكرة الحديثة.