استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "هل إقتصادنا في خطر؟"، رئيس المجلس الوطني للإقتصاديين اللبنانيين صلاح عسيران، وعميد كلية إدارة الأعمال والإقتصاد في الجامعة الأنطونية البرفسور جورج نعمة.

بداية قال رئيس المجلس الوطني للإقتصاديين اللبنانيين صلاح عسيران "أنه في الدستور وفي القوانين لا يوجد شيء إسمه تريث في تقديم الإستقالة، ولكن لا شك أنه في المرحلة الحالية جاء التريث بمكانه وبوقته لنتمكن من الخروج من الصدمة الكبيرة التي مرت بها البلاد، فالناس حتى الأن ليست مقتنعة بان ما حدث هو امر بسيط، بل حدث خطير وبالغ الأهمية، ودفع بالكثير من الناس للتوقف عند هذا الحدث والتمعن بهشاشة وضعنا السياسي، خاصة أنه ينعكس فورا على الوضع الإقتصادي، وقد لاحظنا ذلك من خلال حركة الأسواق التي توقفت بشكل شبه كلّي، وأصبح هناك نوع من الترقب بالنسبة للعملات، ولكن مصرف لبنان تمكن من تدارك الأمور، وإتخذ إجراءات فورية وسريعة للتخفيف من وضع الصدمة التي حصلت".

وأضاف "رغم تمكننا من تمرير هذه المرحلة الصعبة، ولكن هذا الأمر أوصلنا إلى نقطة تؤكد بأن إقتصادنا هو إقتصاد ضعيف البنية، وإقتصاد يسير للأسف بدون أي تخطيط، ويعمل فقط على الفعل وردة الفعل .. ونحن في المجلس نعتقد بأن النظام الإقتصادي والسياسي الحالي في لبنان أصبح منتهي الصلاحية، ونحن بحاجة لجلسة عميقة لأطراف الإنتاج في لبنان (الدولة، القطاع الخاص، العمال) كي نعيد إنتاج نظامنا الإقتصادي، ووظيفة الإقتصاد اللبناني، وأين يبرع الإقتصاد اللبناني، وأين يجب أن يركز، واين يجب أن يبتعد ... واتنمى أن نكون قد تعلمنا درس من هذه الصدمة، وأن نعي بأنه آن الأوان لنضع إصبعنا على الجرح".

وفي سؤال للزميلة خداج عن مصير اللبنانيين في الخليج، وعن مناشدتهم للدولة اللبنانية بعدم تصعيد الخلاف مع الدول الخليجية وخاصة السعودية، قال عسيران "موضوع المغتربين في الخليج يتم تصويره على أنه أزمة، وأنا برأيي لا يوجد اي أزمة في هذا الملف .. فنحن حريصون جدا على كل لبناني مغترب في الخليج ويهمنا الحفاظ على وظيفة كل مواطن أينما وجد، ولكن مع كل أسف الأرقام التي يتم طرحها عن أعداد اللبنانيين في الخليج غير دقيقة، ومبالغ بها أيضا، فهنا أشخاص تحدثوا عن وجود 500 ألف لبناني في دول الخليج، والرئيس الحريري قال أمس أن هناك أكثر من 300 ألف لبناني .. ولكن أنا أعتقد أن هذا الرقم مبالغ به، فالمعطيات والأرقام الموجودة معي كعضو في المجلس الأعمال اللبناني السعودي أقل من ذلك .. من جهة أخرى إذا نظرنا إلى الميزان التجاري بين لبنان ودول الخليج منذ 7 سنوات وحتى اليوم نجد ان الميزان هو لمصلحة دول الخليج مجتمعة والفرق يصل إلى 450 مليون دولار سنوياً".

وإعتبر أن "الكلام عن تهويل وخوف في هذا الموضوع هو أمر غير منطقي، ولا يوجد أي خطورة على أرزاق اللبنانيين العاملين في الخليج".

من جهته قال وعميد كلية إدارة الأعمال والإقتصاد في الجامعة الأنطونية البرفسور جورج نعمة "أن إقتصادنا معرض للخطر، ليس فقط مع ظهور الأزمة الأخيرة، بل منذ سنوات .. فاليوم هناك ظرف سياسي إستجد مؤخراً وألقى بثقله على الوضع المالي والنقدي في لبنان، ولكن إقتصادنا بخطر لأن البنية الإقتصادية لكل قطاعاتنا هي بنية مبنية على الإقتصاد الريعي والخدمات، وهذا بالمبدأ يعرض الإقتصاد كله للخطر في حال كان الظرف السياسي أو الأمني غير مستقر أو دقيق".

وتابع "إذا نحن إقتصادنا غير محصن وليس لديه مناعة تجاه ما يمكن أن يُستجد إن كان على الساحة السياسة او غيرها، أضف إلى ذلك أن إقتصادنا دخل إلى مرحلة جديدة بدأت فعليا في العام 2012، فنحن لدينا نموذج إقتصادي في لبنان مبني على قطاع مصرفي وعلى سياسة نقدية مرتكزة على موضوع تثبيت سعر صرف الليرة، ولكن منذ الـ 2012 شهدنا على خلل كبير جدا بالمؤشرات المكروإقتصادية حينما بدأ ميزان المدفوعات في لبنان يسجل عجزاً تراكمي، وهذا العجز وصل إلى 10 مليار دولار... أضف إلى كل ذلك أن موضوع إستقالة الرئيس الحريري أدخلنا إلى نفق مظلم أيضاً، مما أربك اللبنانيين وأدى إلى حالة هلع في الأسواق وشهية المستثمر إنقطعت نهائياً، والمستهلك كذلك الأمر، مما أدخلنا في حالة فوضى وأصبح هناك تخبط على مستوى إتخاذ القرارات".

وإعتبر نعمة أن "تدخل مصرف لبنان كان حاسماً وحازما في موضوع حماية الليرة، كما أن الخطوات السياسية الحكيمة حدّت من هذه الأزمة، وأعتقد أن القطوع الأساسي أصبح وراءنا .. ولكن هذا لا يعني أننا الأن في أمان، فالمرحلة القادمة حساسة جداً، ونحن في حالة ترقت للمؤشرات المكروإقتصادية في ظل دولة ليس لديها أي خطط على المستوى الإقتصادي، وبظل دولة كانت تسير بدون موازنات، فجسمنا الإقتصادي مريض بدون شك، وإقتصادنا معرض للخطر بشكل دائم وليس فقط بسبب هذا الظرف المُستجد".