تحدث حاكم ​مصرف لبنان​ رياض ​سلامة​ عن إصدار المركزي "عدة تعاميم تضمن التعاطي الشفاف في القطاع ​المصرف​ي والتعاطي الذي يحمي علاقتنا مع المراسلين في الخارج. هذا أمر أساسي، إذ يعجز أي قطاع مصرفي في لبنان أو في العالم عن الاستمرار، إن لم يكن ملتزما أو على تواصل مع ​المصارف​ المراسلة الدولية. إن هذا الموضوع بغاية الأهمية بالنسبة إلى لبنان لأن نسبة الدولرة فيه مرتفعة. إن هذا الإلتزام ساعد بتسهيل التمويل في لبنان، بحيث أن القطاع المصرفي اللبناني استطاع تمويل القطاعين الخاص والعام بشكل طبيعي جدا، رغم ​تصنيف​ لبنان بدرجات متواضعة، ورغم التحديات الكبيرة التي يواجهها على الصعيد السياسي أو الأمني، ورغم تكبده لنتائج المشاكل الإقليمية. الموضوع الآخر التي شكل اهتماما دوليا هو تطوير أنظمة الدفع واستعمال أكبر للتقنيات المالية وتطوير هذه التقنيات بحيث تعزز النمو الاقتصادي. فكلما ازداد انتشار التقنيات المتصلة بأنظمة الدفع، كلما كانت الحركة التجارية أفضل. غير أن هذا التطور سبب ظهور موضوع الجريمة الإلكترونية. اليوم، وبسبب هذا التطور التقني الحاصل والضروري والمحتم، يقوم مرتكبو الجرائم الإلكترونية بعدة طرق لإجراء نوع من القرصنة على القطاع المصرفي. قد تشمل تزوير لبعض الرسائل الإلكترونية لتحويل الأموال، وطرق أخرى اكتشفناها مؤخرا تقضي بالدخول على النظام المعلوماتي لمصرف أو مستشفى أو أي مؤسسة والتلاعب بالعمل ثم طلب فدية لتصحيح الوضع".

وأكد سلامة أن "مصرف لبنان مدرك لهذا الموضوع، وهو بالتعاون مع الأمن الداخلي والقضاء اللبناني والحكومة اللبنانية، يقوم دوما بمبادرات للتوعية ولاستعمال التركيبة الموجودة في القطاع المصرفي من أجل مكافحة الجريمة المالية. وكان مصرف لبنان قد طلب من المصارف تشكيل لجان مسؤولة عن إدارة المخاطر، وتشكيل دوائر مسؤولة عن الامتثال. وبفضل التنسيق من ضمن المصرف بين هذه الجهتَين والجانب الذي يهتم بتقنيات المصرف، نقدر تزويد كل مصرف بالوقاية المطلوبة بهدف حمايته من الجرائم الإلكترونية".

وأضاف: "نعيش اليوم في عصر حيث أنظمة الدفع ستشهد تطورا متزايدا وحيث استعمال الهاتف الجوال يشكل إحدى وسائلها، واستعمال العملة الرقمية سينتشر أكثر أيضا تبعا لما نراه عالميا وتبعا لما هو معمول به في الدول بإشراف صندوق النقد الدولي. ويأخذ مصرف لبنان هذا الموضوع على محمل الجد، ويعتبر أن وضع تدابير الحماية اللازمة ضد الجرائم الإلكترونية هو مقدمة ليكون لدينا نحن أيضا عملة رقمية، تكون وسيلة دفع إضافية يمكن أن يستعملها المواطن اللبناني أو المتعاطي مع القطاع المصرفي والمالي في لبنان. إن مصرف لبنان منع طبعا استعمال الـ Bitcoin و​العملات​ الافتراضية الأخرى كوسيلة دفع، لأنها سلع وليست عملات ترتكز على المعطيات أو القواعد التي نعرفها لخلق الثقة في العملة. صحيح أن أسعارها ترتفع ولكن نجهل سبب ذلك، وصحيح أن استخدامها ينتشر ولكن نجهل مستخدميها. فما يهمنا للمحافظة على الثقة، هو أن تكون العملة الرقمية صادرة عن البنك المركزي، وسنتوصل إلى ذلك تدريجيا".

وأشار الى أن "هيئة التحقيق الخاصة تمكنت من حماية لبنان والسرية المصرفية في لبنان. العديد من الأشخاص يتساءلون عن النسبة المتبقية من السرية المصرفية في لبنان. نؤكد أن السرية المصرفية في لبنان لا تزال قائمة، ويتم رفعها بموجب آلية. ولهيئة التحقيق الخاصة دور كبير في هذه الآلية".

وقال سلامة: "نحن نواجه اليوم الجرائم الإلكترونية، لكن على هذه المواجهة ألا تكون فردية فقط، أي على صعيد كل دولة على حدى. ففي عمليات القرصنة اليوم، إذا خرجت الأموال إلى دولة أخرى، وإذا لم يكن هناك تعاون يفرضه القانون، وإذا قام المصرف باستلام أموال مسروقة وتحويلها، تعتبر العملية ناجحة وتكون هذه الأموال قد ضاعت ومن الصعب إعادة تحصيلها. من هنا، يؤكد مصرف لبنان في جميع الاجتماعات الدولية التي يشارك فيها، أن إحدى الوسائل لمكافحة الجرائم الإلكترونية هي وجود قوانين تسمح بالتعاطي والتعاون بين المصارف في هذا المجال. وبهذه الطريقة، لا يستفيد الشخص الذي يقوم بعملية السرقة من الأموال المسروقة. هذا الجهد يتطلب وقتا ولا يستطيع لبنان القيام به وحده، بل يستطيع أن يساهم على الصعيد الدولي بالتوعية والتطوير في هذا المجال. من ناحية أخرى، نحن نترقب كل تقدم سريع من قبل مرتكبي الجرائم الإلكترونية ونحاول القيام بالتوعية على صعيد قطاعنا".

ورأى انه "من الواضح أن هذه المهمة صعبة، إذ شهدنا عمليات قرصنة على حكومات ومصارف مركزية ومكاتب محاماة. هذه العمليات كافة طالت مؤسسات لديها الوقاية والحماية اللازمة. وهناك عمليات قرصنة أخرى نجهلها، سيما وأن المؤسسات لا تفصح عنها لتضمن حمايتها. ولم يشهد مصرف لبنان أي عمليات قرصنة، وذلك بفضل تدابير الحماية التي وضعها. وهو يتخذ الوقاية اللازمة عبر الطريقة التقليدية، بحيث نقوم بإقفال نظامه عند اللزوم".

وجاء كلام سلامة خلال الملتقى الثالث لمكافحة الجريمة الالكترونية، برعاية ​حاكم مصرف لبنان رياض سلامه​، تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال، بالتعاون مع: هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان، ومكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية ​الملكية الفكرية​ لدى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، في فندق فينيسيا.