خاص ــ الاقتصاد 

ثلاثة أشخاص انخرطوا في مشروع تجاري وهمي لكسب المال، فاتخذوا من كفالة السوريين مدخلاً لتحقيق هدفهم، ولم يترددوا في تزوير مستندات رسمية عائدة للأمن العام، تخوّلهم الايقاع بعشرات السوريين الراغبين بالقدوم من الخارج للعمل بطريقة شرعية، أو حتى الموجودين في ​لبنان​، الساعين الى تسوية أوضاعهم، قبل أن يكتشفوا أنهم ضحية عمليات احتيالية، أفقدتهم أموالهم وأوقعتهم في اشكالات قانونية.

هذا المشروع لم يكن وليد ساعته، بل كان ثمرة جهد وتفكير مشترك بين الشركاء الثلاثة، بدايته كانت مع رغبة "ايلي. ن" قام بإنشاء شركة تجارية وهمية لكفالة السوريين وأطلق عليها اسم (رافي)، مقابل مبلغ 300 دولار لكل كفالة، ساعده في ذلك المدعى عليه عماد. ك"، وقد إصطنع ايلي ايصالاً نموذجاً وتوقيعاً وأختاماً ومندرجات وتاريخاً باسم "زياد. ك"، ناسباً صدوره الى رئيس دائرة أمن عام بيروت، وسلّمه مع علمه بالأمر الى سيدة قامت بكفالة أحد العمال السوريين، ثم تمادى في تزوير إيصالات أخرى مزعوم صدورها عن الأمن العام اللبناني، وسلّمها الى عدد كبير من السوريين، موهماً اياهم أن وضعهم بات قانونياً، واستولى بهذه الطريقة الاحتيالية على أموال العشرات، الذين قصدوا شركته للحصول على كفالة والعمل بطريقة شرعية.

في وقت سابق حضع "ايلي" لملاحقة قضائية، حيث صدر بحقه قرار عن الهيئة الاتهامية في بيروت، قضى باتهامه بجنايات المادتين 459 و459/454 من قانون العقوبات التي تنص على الأشغال الشاقة المؤقتة، وبمقتضى أحكام المادتين 392 و655 من القانون نفسه، ولدى استجواب "ايلي" من قبل مفرزة بيروت القضائية، أفاد بأن "عماد. ك"، كان يعمل في مجال انشاء مؤسسة من أجل استقدام العمال السوريين وتأمين اقامات لهم، وأن عماد قام بإنشاء مؤسسة له، وتسجيلها في السجل التجاري في بعبدا باسم "رافي"، بعد أن اتفق معه على فتح مؤسسة لاستحضار السوريين من خارج لبنان، وبالفعل قام "عماد. ك" بانشاء تلك الشركة في برج حمود، وأطلق عليها اسم "رافي".

ولم تتوقف اعترافات "ايلي" عند هذا الحد، إنما شرح كيفية حصول التزوير في مستندات الأمن العام، وأفاد بأنه تعرف على "عماد. ك"، من خلال المدعى عليه "ألكسي. ه"، الذي استعمل مادة الـ"تيب أكس" لتزوير التأشيرات، وأن دورية للأمن العام ضبطت معه بعض المستندات العائدة لأشخاص سوريين، ونسخ مصورة عن الايصالات المحرفة وأداة تحريف، وقد ضبطت في منزله ايصالات عدّة مزورة باسم اشخاص سوريين، وقد أظهرت التحقيقات أن "عماد" و"ألكسي" اشتركا بهذه العملية الاحتيالية، عن طريق ايهام سوريين آخرين بانجاز معاملاتهم القانونية من دون أن يسلموهم اياها.

وتطرق قرار الهيئة الاتهامية الى دور "الكسي" في العملية، حيث قام بتسليم ايلي أوراق دخول ال لبنان، وأخذ منه مبلغاً مالياً تقاسمه مع الأخير ولم يكن "عماد. ك" موجوداً، وإن "ألكسي" كان يصطحب السوريين مع كفلائهم الى مركز الأمن العام في جلّ الديب، لإيهامهم بأنه يطبق الاجراءات القانونية.

أما المدعى عليه "عماد. ك" فأفاد بأنه تعرف على "ايلي" من خلال "ألكسي"، وأن أخبره بأن لديه مشكلة في الأمن العام اللبناني، وبحاجة الى محامٍ لكونه منسوباً اليه تهمة تزوير البطاقة البيضاء العائدة للأمن العام، وأن "ايلي" أخبره أنه لا علاقة له بتلك البطاقة، وكان يستحصل عليها من أحد الأشخاص في منطقة الدورة يقوم بتزوير بطاقات لمصلحته، ولم يقم بإنشاء شركة لـ"ايلي" بل كانت توجد بحوزته شهادة تسجيل مؤسسة تجارية باسم مؤسسة "رافي" العائدة لصاحبها "ايلي. ن"، وهذا الأخير كان يتردد الى محل لبيع الخضار في منطقة برج حمود، يملكه "ألكسي" المتواري عن الأنظار.

هذه المعطيات الجرمية، كوّنت قناعة لدى قاضي التحقيق في بيروت فريد عجيب، حملته على الظنّ بأن فعل المدعى عليهما "عماد. ك" و"ألكسي". ج" لجهة اقدامهما على تزوير ايصالات وتأشيرات صادرة عن الأمن العام اللبناني واستعمال المزور مع علمهما بالأمر، ينطبق على مضمون الجنايتين المنصوص عنهما في المادتين 459 و459/454 من قانون العقوبات اللتان تنص على الأشغال الشاقة الممؤقتة حتى عشر سنوات، كما أن فعلهما لجهة اقدامهما على تسليم الايصالات والتأشيرات المزورة للسوريين، والاستيلاء بوااسطتها على أموالهم احتيالاً يشكل الجنحة المنصوص عنها في المادة 655 من قانون العقوبات التي تقضي بالسجن ما بين ستة أشهر وثلاث سنوات، وقرر احالتهما على محكمة الجنيايات في بيروت لمحاكمتهما.