شهد ​لبنان​ عشية عيد الإستقلال عودة رئيس الحكومة سعد الحريري الى وطنه من جولةٍ قام فيها بزيارة باريس، مصر وقبرص بعد أن كان يعيش في أوضاع تشوبها العديد من علامات الإستفهام في الرياض، عاصمة السعودية التي تقدّم منها باستقالته.

شارك الرئيس الحريري اللبنانيين احتفالهم بعيد الإستقلال الـ74، ليجري بعد ذلك مشاورات مع رئيس الجمهورية ميشال عون ويعلن عن قراره بـ"التريث" حيال الإستقالة. هذا القرار، وبالدلائل، أرخى بظلاله على الإقتصاد اللبناني فارتفعت ​سندات​ ​لبنان​ الدولارية إصدار 2027 بـ 1.7 سنت إلى أعلى مستوى في أسبوعين، وهبط متوسط فارق عائد سندات لبنان فوق السندات الأميركية 9 نقاط أساس إلى 521 نقطة أساس وهو أضيق فارق منذ 6 تشرين الثاني، وذلك عقب قرار "التريث" مباشرةً.

هو إذا، إما قرار بإنهاء الأزمة أو تأجيل لها، لكن أمر واحد لم يعد الى طبيعته: "العلاقات اللبنانية-الخليجية". كما نعلم، وبعد استقالة الرئيس الحريري دعت كل من السعودية والدول الأخرى التي تتبعها في كل خطواتها: الإمارات، الكويت والبحرين، مواطنيها الى مغادرة لبنان وعدم التوجه اليه من أي وجهة كانت. يمكن القول أنه وبالنسبة للمواطن اللبناني فإن الأمر لن يكون له أي تأثير على برنامج حياته اليومي، لكن، قطاع إقتصادي واحد قد يلحق به الضرر جرّاء ذلك: "​السياحة​". هل تأثر هذا القطاع بالمستوى الذي كان متوقعاً بعد هذه الأحداث؟ ما هي التوقعات بالنسبة لموسم الأعياد؟ وما هي الخطوات التي سيتم اتخاذها للتعويض عن الغياب الخليجي؟

يؤكد الأمين العام لنقابة اصحاب الفنادق في لبنان، وديع كنعان، أن "استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري قد ترافقت مع فترة الـlow season، حيث تكون نسبة الإشغال الفندقي خلالها متدنية اصلا، والغاءات الحجوزات في الأيام الأولى للأزمة بقيت محدودة وتركزت بشكل اساسي على السعوديين في فنادق الـ5 نجوم".

ومن جهته، الأمين العام لاتحاد المؤسسات السياحية، جان بيروتي، شدد أيضاً على عدم تأثر القطاع في الفترة التي تلت الإستقالة "بحكم أنها ليست موسم لسياحة الخليجيين أصلاً، وأن الإلغاءات اقتصرت على مؤتمرين أو ثلاثة"، مشيراً الى ان "عودة الرئيس الحريري عن استقالته تبشّر بمرحلة أفضل وتدفعنا إلى العمل للحفاظ على الحجوزات التي لدينا".

وعن الجنسيات الأكثر إقبالاً أوضح كنعان أن "الأسبوع الماضي شهد لبنان اقبالاً من العراقيين الذين استفادوا من عروض خاصة، عبر شركات الطيران، خلال العطلة في العراق، وترددوا إلى الفنادق في شارع الحمرا، بالاضافة الى السياح من الاردن ومصر ودول عربية اخرى، الذين استمر اقبالهم بالنسبة نفسها مقارنة مع العام الماضي. اما نسبة السياح الأوروبيون فكانت ضئيلة، وقد ترددوا بداية قبل ان يقرروا الإستمرار بالمجيء الى لبنان."

وأضاف: "لقد كنا قد لمسنا ارتفاعاً بنسبة السياح بحدود الـ11% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وكنا نتوقع ان تكون فترة الاعياد مزدهرة، وان يتخطى التحسن نسبة الـ11%. اما حاليا، فنسبة الاشغال الفندقي متدنية، وهناك حجوزات ألغيت هذا الأسبوع، والجميع يبدو في حال من الترقب، علما ان نسبة قليلة من الحجوزات العائدة للأسبوعين المقبلين وما بعد، قد الغيت، فيما لم تسجل اي الغاءات للأشهر الاولى من العام المقبل".

وعن التوقعات لفترة الأعياد من الميلاد الى رأس السنة، يؤكد بيروتي أنها "كبيرة جداً بحكمة رئيس الجمهورية ميشال عون ووعي رئيس مجلس الوزراء، وندعو الفنانين اللبنانيين الذين يميزون لبنان عن دول المنطقة، أن يقيموا أغلب حفلاتهم هنا في بلدهم ليشكّلوا عامل جذب للسياح".

أما كنعان فأشار إلى أنه وحتى اللحظة "الحجوزات خلال شهر الأعياد طبيعية من المغترب اللبناني وهي محط متابعة من قبلنا مع شركات السياحة والسفر، وما نلمسه ، هو ان الاغلببة تعتبر الأزمة الراهنة مرحلة ستمر وتعود بعدها الامور الى طبيعتها مجددا"، مضيفاً أن "الإستقرارين الامني والسياسي يعطيان ثقة للقادمين الى لبنان، او الذين يخططون للمجيء".

وذكّر كنعان أن "لبنان يعمل منذ فترة على فتح اسواق جديدة، وقد اتى ملتقى visit lebanon 2017 الذي استقبل 150 شركة سياحة وسفر في هذا الاطار وهناك مبادرة قامت بها وزارة السياحة منذ حوالي شهر من خلال التعاقد مع مكتب في باريس لتسويق لبنان على نطاق اوروبا والعالم بهدف فتح اسواق جديدة"، مشيراً إلى أن التعاون الحقيقي بين القطاعين العام والخاص يعمل جدياً على ابراز انواع السياحات التي تهم الاوروبيين كالسياحتين الدينية والبيئية، وتركيز القطاع الخاص على سياحة المؤتمرات، بالاضافة الى السياحة الشتوية والسياحات الاخرى التي يمتاز بها لبنان".

أما بيروتي فدعا بدوره شركة طيران الشرق الأوسط للعب الدور الأهم في هذه المرحلة من خلال تخفيض أسعار التذاكر من العراق والأردن الى لبنان بشكل كبير، هذا يشكل عامل جذب كبير، خاصة وأننا لاحظنا خلال ذكرى أربعين الإمام الحسين حين كانت أسعار التذاكر منخفضة، ارتفاع عدد العراقيين بشكل كبير في لبنان".