لا تزال أزمة الحكومة اللبنانية عالقة منذ إعلان الرئيس سعد الحريري استقالته من الرياض. وفي هذا الجو، من الطبيعي أن يتأثر الإقتصاد اللبناني سلباً، وخاصةّ بعد طلب كلٍّ من السعودية، والكويت، والبحرين والإمارات من رعاياهم مغادرة لبنان وعدم السفر اليه من أي جهة.

وبانتظار عودة الرئيس الحريري المرتقبة، أكدت كافة الهيئات الإقتصادية والنقابات مع الإتحاد العمالي العام، وتجمع رجال وسيدات الأعمال في العالم، استعدادهم الكامل للتعاون ومنع انهيار الإقتصاد اللبناني، ليترافق ذلك مع إجراءات كافة المسؤولين اللبنانيين، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بالإضافة الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامه.

ولمعرفة المزيد عن الوضع الحالي، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم " RDCL World"، د. ​فؤاد زمكحل​:

- هل ترى ان تداعيات استقالة الرئيس الحريري جاءت بالسوء الذي كان متوقعاً في اليوم الأول، أم ان تعامل الدولة اللبنانية مع الموضوع خفّف من حدتها؟

في البداية أودّ أن أوضح بعض النقاط، بعد الإتفاق السياسي الذي أدى الى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري رئيساً لحكومة وفاق وطني، أثنينا كهيئات اقتصادية على هذا الإتفاق وكنا ننتظر الآثار التي ستنتج عن هذه الصدمة الإيجابية، لكن، ولسوء الحظ بعد عام من هذه التسوية لم نرى المردود المطلوب.

طالبنا بصدمة إيجابية ثانية أقوى، كصدمة إقليمية أو مساعدات دولية، فبدلاً من هذه الصدمة الإيجابية، جاءت أخرى سلبية تمثّلت باستقالة رئيس الحكومة، ما يعني الإنتقال الى حكومة تصريف أعمال.

كما أود الإشارة الى ان هذه الصدمة السلبية حصلت في الشهرين الأهم من العام، وعلى هيئة أزمة إقليمية، لذلك فإن هذه الإستقالة والأزمة سيكون لها مردود سلبي على لبنان إقتصادياً واجتماعياً.

- ما هو تأثير الإستقالة برأيك على رجال الأعمال اللبنانيين في الخليج؟

أود أن أشدّد على ان رجال الأعمال اللبنانيين في العالم، لطالما كانوا على الحياد وبعيدين كل البعد عن المشاكل السياسية وغيرها. رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين تركوا بلدهم لأسباب إقتصادية وإجتماعية بهدف تحسين أوضاعهم المعيشية، إن كان في الخليج أو غير الخليج، فهم لم يتركوا لبنان لأسباب طائفية ومذهبية وسياسية. وجود اللبنانيين في الخليج أو في أفريقيا أو أميركا اللاتيينية، غير مرتبط منطقياً بسياسة هذه الدول أو بسياسة لبنان.

عند حصول تجاذبات إقليمية، لسوء الحظ، القطاع الخاص هو أول من يدفع الثمن، ولكن أعود وأكرر بكل فخر أن رجال الأعمال اللبنانيين لطالما كانوا على الحياد، لم ولن يتدخلوا بأي من التجاذبات ومنها هذه الحرب الباردة بين "عملاقي المنطقة".

نحن كرجال أعمال لبنانيين نتريث في خطواتنا ونراقب الأمور والتطورات وليس أكثر، وذلك لأن علاقاتنا مع كافة البلدان تقتصر على الشركات ورجال الأعمال فيها. الأنظمة تتغيّر والسياسات تتغيّر، لكن الشركات ورجال الأعمال ثابتون.

- ألا تعتقد أنه وبعد هذه الأزمة، برزت أهمية أن لا يكون اقتصادنا معتمد بالدرجة الأولى على تحويلات المغتربين؟

يجب أن نضع الإقتصاد اللبناني في الإطار الصحيح، فهو اقتصاد صغير مهما حقق من نسب نمو، الناتج المحلي يصل الى 50 مليار دولار فقط. من المعلوم أن اقتصاد لبنان مرتبط باقتصادات المنطقة، كي لا أقول الإقتصادات الدولية، لذلك لا يمكن أن يكون اقتصاد مستقل. لبنان كبلد صغير، من الطبيعي أن يكون اقتصاده مبني على التبادل التجاري مع المنطقة ومع العالم، وهذه نقطة قوة برأيي.

اللبنانيون منتشرون في بلدان العالم منذ زمن بعيد، وليس فقط في البلدان العربية، وليس هناك أسواق قديمة وجديدة فمن واجبنا الإنفتاح الدائم على العالم. في زمن العولمة، لا يمكننا أن نرتبط ببلدين أو ثلاثة فقط.

وفي موضوع التحويلات، "زيادة الخير، خير". اللبنانيون يقومون بتحويل أموالهم لثلاثة أسباب: أولاً، لعائلاتهم في لبنان، ثانياً للإستثمار في مشاريع جديدة وثالثاً لشراء العقارات أو الممتلكات المختلفة.

يجب أن نعتبر الإقتصاد اللبناني مختبر نقوم فيه بتدريب أهم الموارد البشرية ونبني أهم الشركات الناشئة والإبتكارات، لنصدّر فيما بعد ليس الشباب، بل السلع والأفكار والنجاحات.

- ما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذوها كتجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم للحؤول دون انهيار الإقتصاد؟

أولاً، أعطينا تعليمات لكافة رجال وسيدات الأعمال في العالم بالمراقبة والتريث وعدم التدخل في هذه المعركة السياسية بامتياز. نفضّل أن نكون على مسافة واحدة من الجميع، نحن متواجدون في الشق الإقتصادي ولن نركّز إلاّ على نجاحاتنا.

ثانياً، اللبنانيون الذين عملوا في الخارج، إن كان في الخليج أو أي بلدٍ آخر، لم يطلبوا مساعدة أحد بل نجحوا بتعبهم وعرق جبينهم، وحصلوا على المردود الذي استحقّوه من الشركات التي نمت بفضل مجهودهم.