استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "في الأسبوع الثاني على إستقالة الحريري، ما هي مفاعيل الصدمة على الأوضاع الإقتصادية والمالية؟" عميد كلية إدارة الأعمال والإقتصاد في جامعة الحكمة البروفسور روك أنطوان مهنا، والخبير المالي د. وليد أبو سليمان، وشارك في الندوة الخبير الإقتصادي د. كامل وزنة عبر مداخلة هاتفية.

بداية قال البروفسور روك أنطوان مهنا أنه "لا شك بان إستقالة الرئيس الحريري أدت إلى صدمة سياسية سلبية، لها تداعياتها الإقتصادية، خاصة أن إقتصادنا كان جامداً بالأساس .. ففي الوقت الذي بدأنا فيه بالتحضير للإنطلاق بالإقتصاد الوطني من جديد، جاءت إستقالة الرئيس الحريري لتجمّد الإقتصاد مجددا، وخلقت جو من الخوف والترقب".

وأضاف "لا شك ان الوضع النقدي مستقر نظراً لحجم الودائع الكبير والذي يتخطى الـ 160 مليار دولار، ولكن هذا لا يعني بأنه نستطيع أن نبقى مكتوفي الأيدي بل يجب أن نضع خطة طريق لتجنيب لبنان هذا الصراع، خاصة أن هناك توجه في الولايات المتحدة الأميركية لنسف الإتفاق النووي مع إيران، وإحتدام الصراع السعودي الإيراني، إضافة إلى عقوبات مرتقبة على حزب الله ... فعلى لبنان إذا العمل على تجنّب الدخول في هذا الصراع، لأننا لسنا بوارد التصعيد او الإصطفاف مع أي محور من المحاور".

وإعتبر مهنا أنه "إذا لم نستطع تجنيب لبنان اليوم الصراع في المنطقة، فهناك على الأقل حرب إقتصادية كبيرة ستستهدف لبنان، وستطيح بكافة الأطراف اللبنانيين وليس فقط بالطرف المستهدف من هذه الحرب، فالعقوبات عادة لا تصيب المستهدفين منها بدقة، بل تؤذي أيضا كافة الأطراف الحليفة وغير الحليفة للفريق المستهدف".

ولفت إلى ان "أي أزمة أو حرب إقتصادية أو عسكرية على لبنان ستنعكس بدون شك على أوروبا، خاصة مع وجود أكثر من مليون ونصف نازح سوري في لبنان، فالدول الأوروبية لا يعنيها إستقرار لبنان الإقتصادي أو غير الإقتصادي، ولكنها تخاف من فكرة توجه النازحين وهروبهم نحو شواطئها .. كما أن الولايات المتحدة بإعتقادي ليس من مصلحتها عدم إستقرار لبنان، خاصة أنها تقوم في هذه المرحلة بتوسيع سفارتها في بيروت، لأنها تعتبر هذا البلد من البلاد القليلة التي تشهد إستقراراً في الشرق الأوسط".

وفي سؤال للزميلة خداج عن التصعيد الإقتصادي الذي قد يحصل في حال إستمرت الأزمة، قال البروفسور مهنا "موضوع إستقالة الرئيس الحريري والأزمة الحاصلة مازال ضبابياً، ورأينا اليوم أن المجتمع الدولي يلعب دورا لتوضيح هذه الضبابية .. وبالتالي علينا الإنتظار".

وأضاف في موضوع الودائع السعودية الموجودة في لبنان وإمكانية سحبها قال "الودائع السعودية غير موجودة في لبنان، فوديعة المليار دولار التي كانت موجودة سابقا، ووديعة النصف مليار التي وضعتها الحكومة السعودية في حرب تموز 2006 لدعم الليرة، تم سحبهم منذ فترة طويلة، وقبل أن تبدأ هذه الأزمة ... ولا شك ان هناك بعض الودائع لمواطنين سعوديين، ولكن هذه الودائع لا تشكل أكثر من 5% من إجمالي الودائع البالغة 160 مليار دولار، وبالتالي سحب هذه الودائع لن يشكل أي ضغط على لبنان".

بدوره قال الخبير المالي د. وليد أبو سليمان أن "مفتاح إزدهار الإقتصاد اللبناني هو الإستقرار الأمني والسياسي، وإستقالة الرئيس سعد الحريري هي عبارة عن زلزال سياسي وبالتالي لها إنعكاسات سلبية على الإقتصاد بدون شك .. وهنا يجب أن نفصل بين الشق الإقتصادي وبين الشق المالي والنقدي، فبالنسبة للشق النقدي نحن نمتلك إحتياط بالعملات الأجنبية تتخطى الـ 44 مليار دولار واليوم مصرف لبنان قادر على الدفاع عن الليرة ومنع إنهيارها ... أما بالنسبة للشق الإقتصادي، فلكنا نعلم أن إقتصادنا الوطني كان يرزح تحت ضغط إنعدام الإستقرار وتحت ضغط الأزمة السورية التي كلفت الإقتصاد ما لا يقل عن 18 مليار دولار .. فالإقتصاد اللبناني اليوم يمكن أن يعود إلى سكة التعافي إذا إستطعنا أن نخرج من الأزمة القائمة حاليا في أقرب وقت ممكن، ولكن إذا طالت هذه الأزمة، وبقينا في هذه الحالة الهشة والوضع الضبابي، ستؤثر بدون شك الإستهلاك والإستثمار، وعندما يتأثر الإستهلاك والإستثمار سنصل لحالة ركود إقتصادي، ومن ناحية أخرى إن طالت الأزمة فإن وكالات التصنيف ستعيد تصنيف لبنان للأسف سلبيا، مما سيرفع تكلفة الإستدانة، وبالتالي سيزيد الدين والعجز".

وإعتبر أبو سليمان أنه "علينا اليوم أن لا ندخل بلعبة المحاور في المنطقة، وان لا نكون طرف مع أي فريق .. وإذا أردنا ان نقارن علميا اليوم الشراكة التجارية مع دول الخليج وخاصة السعودية، بالشراكة مع إيران .. فنجد ان التصدير إلى إيران لا يشكل أكثر من 1% من التصدير للمملكة العربية السعودية، أضف إلى ذلك وجود اكثر من 500 ألف لبناني مغترب في الخليج مع تحويلات تتخطى الـ 2 مليار دولار سنوياً".

وتابع "هناك أيضا مستثمرين لبنانيين في دول الخليج، وقيمة هذه الإستثمارات تتخطى الـ 6 مليار دولار، لذلك علينا العمل على البحث عن أسواق جديدة وفتح افق جديدة امام الإقتصاد، وأن لا نتركه مرتكزا أسواق معينة أو محصورا ببلدان معينة، لأن هذا الأمر يساعدنا على حماية إقتصادنا من أي مشكلة أو أزمة قد تحصل في الشرق الأوسط".