أكد حاكم مصرف لينان رياض سلامة "إنّ الأزمة التي يشهدها لبنان هي أزمة سياسية لا نقدية. ومن الطبيعي أن تتأثر السوق اللبنانية بهذه الأزمة السياسية وباستقالة الحكومة".

وقال سلامة خلال لقائه بعدد كبير من مدراء إدارة الأصول والمحافظ الإستثمارية، فضلا عن مدراء مصارف أجنبية في لندن، "أجرى رئيس الجمهورية محادثات مثمرة محليا ودوليا، ما سمح بتهدئة ردود الفعل السياسية المحلية والحصول على دعم دولي لصون استقرار لبنان. وقد صدرت بيانات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا، تدعم الاستقرار اللبناني. وكان لمواقف الدعم هذه أثرا إيجابيا إذ إنها حصرت الأزمة ضمن إطارها الحقيقي".

وأضاف أن "مصرف لبنان يؤكد استعداده وقدرته على الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار. هذا الاستقرار يخدم الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي. موجودات لبنان الخارجية، سواء لدى مصرف لبنان أو القطاع المصرفي، باتت مرتفعة، والسياسة التي نعتمدها لحفظ الاستقرار ثابتة وقوية".

وأشار إلى أنه "في الأسبوع الذي أعقب استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، شهدت سوق الصرف اللبنانية عمليات تحويل طبيعية ومتوقعة من الليرة اللبنانية إلى الدولار. غير أنّ الحجم اليومي لهذه العمليات انخفض تدريجا خلال الأسبوع".

وتابع سلامة قائلاً "في عامي 2016 و2017، أطلق مصرف لبنان هندسات مالية وعمليات مالية استباقية، تحسبا للأوقات الصعبة. إن سياسة مصرف لبنان النقدية ترتكز على مؤشرات مالية واقتصادية، كما وتستند إلى واقع لبنان حيث المخاطر السياسية والأمنية هي بنفس أهمية هذه المؤشرات. إنّ هذه العمليات الاستباقية ساهمت في زيادة موجوداتنا بالعملات الأجنبية. وقد تجاوزت موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية 43 مليار دولار، ما يحافظ على سيطرة المركزي المطلقة على أسواق الصرف".

وأوضح أن "مردود سندات الخزينة اللبنانية الأسبوع الماضي كان مبالغا فيها. وسجّل المردود وشهادات الإيداع نشاطا ضعيفا. نحن نعتبر أنّ أسعار هذه السندات المصدرة بعملات أجنبية مقدّرة بأقل من قيمتها وأن أسعار شهادات الإيداع مبالغ فيها".

وقال حاكم مصرف لبنان "اتفقت وزارة المالية ومصرف لبنان قبل الأزمة السياسية الراهنة وقبل اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في منتصف تشرين الأول في واشنطن، على إجراء عملية تبادل، بحيث تصدر الحكومة سندات يوروبوند بقيمة 1.750 مليار دولار، يسدّد البنك المركزي قيمتها عبر تحويل سندات بالليرة اللبنانية من محفظته إلى وزارة المالية".

وأضاف "قمنا في تشرين الأول في واشنطن بإطلاع صندوق النقد الدولي على هذه العملية. لهذا السبب، سدّدت وزارة المالية نقدا السندات المستحقة في تشرين الأول من دون إصدار سندات بديلة في السوق. وبالتالي، لا إصدار يوروبوند مرتقب ولا نيّة لإصدار جديد في نهاية العام".

ولفت إلى أن القطاع المصرفي اللبناني يتمتع برسملة جيدة. فالهندسة المالية التي نفّذت سنة 2016 سمحت للمصارف بتكوين الأموال اللازمة للتقيّد بالمعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9 (IFRS 9)، وتحقيق نسبة ملاءة تبلغ 15% وفقا لبازل 3، وعلى الأخص تكوين احتياطيات عامة. والواقع أن مصرف لبنان طلب من المصارف الـ 33 المشاركة في الهندسة المالية لسنة 2016 أن تحتفظ في رأسمالها بعائدات هذه العملية. مصارفنا لديها وسيبقى لديها المؤونات اللازمة لمواجهة مخاطر الائتمان في حال تباطؤ الاقتصاد.

ورأى أنه من ناحية أخرى، من شأن العمليات المالية لسنة 2017 والتي ما زالت قائمة، أن تسمح للمصارف بدفع معدلات فائدة أعلى للمودعين، سواء لمواجهة مخاطر البلد أو لمواكبة معدلات الفائدة المتزايدة عالميا، وذلك مع الحفاظ في الوقت نفسه على ربحيتها.

وختم حديثه قائلاً "قبل استقالة رئيس الوزراء الحريري كانت المؤشرات التي نتبعها إيجابية: زيادة الودائع بنسبة 6%، توازن في ميزان المدفوعات، مستوى قياسي لموجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، نمو نسبته 2.5%، وتضخم بنسبة 3%".