أظهرت بيانات "تومسون رويترز" بداية هذا الأسبوع تراجع سندات لبنان "الدولارية" وارتفاع تكلفة التأمين على ديونه إلى أعلى مستوى منذ أواخر 2008، وسط تصاعد الأزمة التي نتجت عن استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض وما تبعها من توترات إقليمية.

وتراجعت السندات اللبنانية استحقاق 2022 بواقع 3.4 سنت إلى 92 سنتا للدولار، مسجلة أدنى مستوى لها على الإطلاق، في حين هبطت السندات اللبنانية استحقاق 2025 بواقع 2.4 سنت إلى 89.95 سنت للدولار، مسجلة أدنى مستوياتها منذ إصدارها في شباط 2015، بحسب البيانات.

وقفزت عقود مبادلة مخاطر الائتمان اللبنانية لخمس سنوات 15 نقطة أساس، مقارنة مع إغلاق أول من أمس الاثنين، لتصل إلى 588 نقطة بحسب بيانات "آي.اتش.اس ماركت" وهو أعلى مستوى لتكلفة التأمين على ديون لبنان منذ أواخر 2008.

وللإطلاع أكثر على تفاصيل هذه الأرقام والتأثيرات، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي ​وليد أبو سليمان​:

ما هو أثر تراجع سندات لبنان "الدولارية" وارتفاع تكلفة التأمين على الديون؟

أولاً، من الطبيعي جدّاً، في أي أزمة أو حالة عدم إستقرار في أي بلدٍ كان، أن يرتفع ما يسمى بتكلفة التأمين على الديون. بالدرجة الأولى، شهدنا في لبنان حالة من الخوف لذلك جرت عمليات بيع لسندات الخزينة، ولكن هناك آراء أخرى تقول أن الأسعار باتت منخفضة وهي بمثابة فرصة لشراء وحمل هذه السندات.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن لبنان لم يتأخر يوماً عن تسديد مستحقاته وديونه.

إلى أي مدى تنحصر التأثيرات السلبية لاستقالة الحكومة، في حال استمرت الدولة اللبنانية بالتعامل معها وكأنها غير دستورية وأن الحكومة مستمرة بعملها؟

نحن نمرّ بأزمة، لنكن صريحين مع أنفسنا. كلّما طالت الأزمة التي نمرّ بها وطالت معها حالة انعدام الإستقرار، فإن الضغط سيستمر على الإقتصاد وعلى الوضع المالي. اليوم، علينا اتخاذ موقف معين والبت باستقالة رئيس الحكومة، إما الإعتراف بها أو الرجوع عنها، وذلك لتوضيح الصورة، ليتحسن الوضع. المستثمر يهرب من الضبابية وعدم الإستقرار، الإستثمارات دائماً ما تتوجه الى بلدان الأمور فيها واضحة.

هل ترى تأكيد البنك الدولي على الشراكة طويلة الأمد مع لبنان والإستمرار بالدعم يعكس الثقة بالدولة اللبنانية وقدرتها على تجاوز الأزمة؟

ممّا لا شك فيه أن هذا اللقاء والتصريحات التي تلته، أعطت دفعة إيجابية للدولة اللبنانية، وأودّ الإشارة هنا الى أهمية الإدارة التي اتبعها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للأزمة. إدارة الأزمة من قبل الرئيس يمكن وصفها بالـ"جيدة جداً"، حيث تمّ استيعابها سياسياً ومالياً، وتمّت ترجمة الأمر بعدم التهافت على المصارف وسحب الودائع أو التحويل من الليرة اللبنانية الى الدولار الأميركي.

الأمر المؤسف هو أننا لا نعلم ما يخبئه لنا الغد، فحتّى يوم السبت الماضي كانت الأمور طبيعية جدّا. طلبنا هو ألاّ تأخذ النزاعات الخارجية مجرياتها على أرضنا، لا نريد أن نكون حلبة للصراعات. إن شهدنا ترجمة عسكرية على أرضنا، لا سمح الله، لا البنك الدولي ولا غيره سيدعمنا أو يشكّل قوة ردع لأجلنا.

ما هي توقعاتك للفترة المقبلة وما هي الخطوات التي يجب اتخاذها؟

لا يمكن معرفة ما سيحدث غداً، لأن الأزمة سياسية بحت وليست مالية ولكن هناك خطوات يمكن اتخاذها لمنع حصول أي تدهور مالي: أولاً، اللُّحمة والوحدة الوطنية في هذه السفينة التي تحملنا جميعاً بقيادة الرئيس عون، ثانياً، الإستقرار السياسي الداخلي وهو بمثابة مفتاح لإقتصادنا، وثالثاً، نتمنّى من الدولة اللبنانية أن تحلّ أمورها وألاّ تسمح بحدوث أي فراغ سياسي أو شلل في المؤسسات الدستورية.

في الفترة الأخيرة، شهد لبنان إقرار الكثير من القوانين المهمّة، على رأسها المتعلّقة بملف النفط وكنا على وشك التلزيم، واليوم كل ذلك توقف لحين حلّ الأزمة، وهذا أمر لا يجب أن نسمح به.

والجدير بالذكر ان وزير المال علي حسن خليل، أكد يوم الإثنين خلال مؤتمر صحافي عقده في قصر بعبدا بعد إنتهاء الإجتماع المالي الذي جمعه مع رئيس الجمهورية ميشال عون بحضور رئيس لجنة المال والموازنة النائب ​ابراهيم كنعان​، حاكم مصرف لبنان ​رياض سلامة​، ورئيس جمعية المصارف ​جوزيف طربيه، إلى ان الكل "مجمعون على استقرار الوضع النقدي والدولة قادرة على تمويل نفسها".

وقال "هناك بعض الإجراءات الّتي من الواجب متابعتها لإبقاء الأمور مستقرة"، مؤكّداً أنّ "​لبنان​ قادر بمؤسساته المالية على استيعاب التطورات، وأنّ الدولة قادرة على تمويل نفسها وعلى إدارة هذه العملية، والأمر تحت السيطرة الكاملة والتنسيق وثيق بين ​الحكومة اللبنانية​ و​وزارة المالية​ و​مصرف لبنان​".