خاص ــ الإقتصاد

عميلة إحتيالية مكتملة الأركان، حيكت خيوطها ما بين الامارات العربية المتحدة ولبنان والأردن و​العراق​، بطلها رجلٌ بارعٌ في جرائم السرقة بواسطة المناورات الإحتيالية، لكنّ التنفيذ حصل في ​بيروت​، بالتعاون مع شركاء الجاني، أفضت الى سلب أحد المتمولين مبلغ مليون و200 ألف دولار، بعد إقناعه بصفقة تجارية وهمية، لم يجد الضحية منها سوى أوراقاً عقوداً ومستندات مزورة، كانت الوسيلة التي مكنت أبطال العملية من ايقاعه في حبائلهم.

فصول هذه العملية المعقدة نسبياً، تكشّفت من خلال شكوى تقدّم بها المدعي "طارق. ح" عرض في شكواه أن يعمل في إمارة ​دبي​ في دولة االامارات العربية المتحدة، وهناك تعرّف عن طريق أحد الأشخاص النافذين في العراق، على شخص يدعى صفاء، وهو رجل دين ملتزم ويرتدي اللباس الديني، وقد استطاع الأخير إقناعه بأن لديه أصدقاء في لبنان، يستطيعون درّ أرباح طائلة له في حال استثمر أموالاً كبيرة لديهم، في المشاريع التي يعملون فيها.

بالفعل، استطاع صفاء إقناع طارق بالاتصال بشخص يدعى "أبو أحمد" تبيّن أنه المدعى عليه "علي. ج" وهو عراقي الجنسية، زاعماً أن الأخير يستطيع أن يقوده الى تحقيق أرباح طائلة من خلال عملية معينة، وعليه انتقل طارق من دبي الى بيروت، بعد أن أجرى اتصالاً بــ"علي. ج" الذي قابله في المطار، وهناك بدأ الأخير ينسج خيوط المؤامرة التي حاكها، عبر زعمه بوجود صفقة اسمدة زراعية موجودة في الأردن، بسعر مغر جداً، وايهام المدعي بأن إرسال هذه المواد الى العراق سيدرّ عليه أرباحاً طائلة، فإستطاع المدعى عليه مع رفاقه الآخرين بإقناع "طارق" بالمشروع وكذلك اقناعه بضرورة حصولهم على شك مصرفي بقيمة مليون و200 ألف دولار أميركي، للتأكد من ملاءة المدعي مالياً ومن جديته بالمضي في المشروع.

كثيرة هي المبررات التي ساقها المدعى عليهم، حتى زرعوا في رأس المدعي بأنه سيحصل على مواد زراعية تفوق قيمتها المليوني دولار، ومن خلال اجتماعات وابراز مستندات مزورة، استطاع "علي . ج" وأقنعوه بالمشروع الوهمي، وانطلاقاً من ذلك قام المدعي بتوقيع شكّ مصرفي مسحوب على أحد البنوك اللبنانية، بقيمة مليون و200 ألف دولار أميركي، ثم التقى بالمدعى عليه "علي. ج" وكان الأخير معه أشخاص آخرين مجهولي الهوية، وقد استطاع أن يوهم "طارق" بضرورة التأكد من صحة الشك ليصار الى وضعه في ظرف مختوم لا يفتح الا حين تسليم البضاعة في العراق، كما أقنع المدعي بضرورة وضع الشك في ظرف وتوقيع بعض المستندات التي وقع عليها المدعي، وقام بتسليم الشك الى المدعى عليه، من أجل التأكد منه.

ما إن تسلّم "علي. ج" الشك للتأكد من صحته في المصرف، عمد الى وضعه في ظرف مع العقود التي حمل المجني عليه على توقيعها احتيالاً، ثم قام بتسليم الأخير الظرف، على اعتبار أن الشك والعقود موجودة فيه، موهماً اياه بأنه يقتضي إبقاء الظرف بحوزته، أي بحوزة المدعي من دون فتحه الى حين استلامه البضاعة الموجودة في العراق، ليصار بعدها الى تسليمه الظرف، كي لا يصار الى التأكد مجدداً من الشك، وعندما تسلّم الظرف المذكور، على اعتبار أن الشك موجود فيه، بقي بانتظار ابلاغه كيفية ومتى سترسل البضاعة الموعودة، الا أن المدعى عليه بدأ بعملية مماطلة مع شركائه ثم تواروا عن الأنظار، فقام المدعي بفتح الظرف وفكّ الأختام ليتبيّن له أن الظرف يحتوي على أوراق بيضاء فقط لا غير، وأن الشك قد سرق منه.

ولدى مراجعة المدعي للمصرف المسحوب عليه الشك، تبيّن أن الشك المسروق تم صرفه، وأن الأموال المسحوبة على أساس الشك قد سرقت وتم الاستيلاء عليها إحتيالاً وعن طريق المناورات، وأن الأموال سحبت من حسابات المدعي وايداعها في حسابات خاصة للمدعى عليهم المجهولين، ولدى مراجعه "علي. ج" أخذ الأخير يماطل ويسوف عارضاً على المدعي اعادة جزء من المبالغ، مستعملاً لغة التهديد والتهويل، وأخبره أن العقود الموقعة منه تغطي أي عميلة احتيال تعرض لها المدعي، وبأنه وقع ضحية عملية احتيالية ​محكمة​.

قاضي التحقيق في بيروت، الذي أجرى استجواباته في هذه القضية، أوضح في قرار ظني أن المدعى عليه "وسام. خ" تسلم شكاً مصرفياً بقيمة مليون و200 ألأف دولار من المدعو "نعمة. ش"، الذي تم الاستيلاء عليه احتيالاً من قبل المدعي عليه "علي. ج"، وهو على علم بمصدر الشك المستولى عليه احتيالاً، وقام بتسليمه الى "رزق. ن" وايداعه في حساب مشترك مع آخرين بهدف اخفاء مصدر االشك.

وخلص القرار الى اتهام المدعى عليه "علي. ج" بجرم الاحتيال وتبييض الأموال، الذي ينص على عقوبة السجن ثلاث سنوات، واتهام المدعى عليهما "وسام. خ" و"ندى. ف" بمقتضى جرم تبييض الأموال، وأحالهم على القاضي المنفرد الجزائي في بيروت لمحاكمتم.