بهيّة شهاب هي فنانة، ومصممة غرافيكية، ومؤرخة فنية لبنانية – مصرية. كما أنها أستاذة مساعدة في التصميم، ومؤسِسة برنامج التصميم الغرافيكي في "الجامعة الأميركية في القاهرة"، حيث وضعت المناهج الكاملة، التي تركز بالأساس على الثقافة البصرية في العالم العربي؛ وقد درّست أكثر من 14 حلقة دراسية حول هذا الموضوع.

عرضت أعمالها الفنية في المعارض، والصالات، والشوارع في كندا، الصين، الدنمارك، فرنسا، ألمانيا، اليونان، إيطاليا، اليابان، لبنان، المغرب، تركيا، الإمارات، والولايات المتحدة.

وفي العام 2015، تم إصدار فيلم وثائقي بعنوان "Nefertiti's Daughters"، يضم أعمالها الفنية في الشوارع خلال الانتفاضة المصرية.

حازت مشاريعها المتعددة على عدد كبير من شهادات التقدير والجوائز الدولية ومنها "TED fellowship" في العام 2012، و"The American University in Beirut distinguished alumni " في العام 2015، و "TED Senior fellowship" و"Shortlist for V&A’s Jameel Prize 4" و" Prince Claus Award " في العام 2016. وحصلت خلال العام الجاري 2017، على جائزة "UNESCO-Sharjah Prize for Arab Culture".

في العام 2013، اختارتها "BBC" بين أفضل 100 امرأة لتمثيل نساء العالم، كما ورد اسمها في العام 2014 بين أفضل 100 امرأة يبادرن على تحقيق التغيير.

في العام 2010، نشرت كتابها "A Thousand Times NO: The Visual History of Lam-Alif ". فخلال بداية الثورة المصرية في كانون الثاني 2011، عمدت شهاب الى رسم كلمة "لا" احتجاجا في شوارع القاهرة، وكتبت "لا للدكتاتورية"، "لا للعنف"، و"لا للحكم العسكري". وأصبحت حملتها معروفة في مختلف أنحاء العالم عبر الإنترنت، وجذبت الكثير من الاهتمام والتقدير.

من هي بهية شهاب؟ وكيف تمكنت من الوصول الى ما أنتِ عليه اليوم؟

تخصصت في التصميم الغرافيكي في "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB"، وتخرجت في العام 1999. بعد ذلك، توجهت الى العاصمة المصرية القاهرة - حيث أعيش منذ العام 2003- من أجل متابعة الدراسة، وحصلت على ماجستير في تاريخ الفن والعمارة الإسلامية في العالم العربي من "الجامعة الأميركية في القاهرة". وفي العام 2011، أسست قسم التصميم الغرافيكي في هذه الجامعة.

هل تفكرين يوما ما بالعودة للاستقرار في لبنان؟

لا أعلم بعد، فقد تركت جميع الخيارات مفتوحة، لأن لا أحد يعرف الى أين قد تأخذه الحياة.

كيف تصفين مسيرتك المهنية الطويلة والغنية بالأحداث؟

لا يمكن الحصول على مسيرة ناجحة بسهولة، لذلك من المهم أن يستمر الانسان بالعمل ولا يستسلم أبدا.

معنويا، ماذا تعني لك كل الجوائز التي حصدتها خلال السنوات الماضية؟

على الصعيد الشخصي كل الجوائز مهمة، لكن ما يهمني بشكل أكبر هو تمثيل المرأة العربية بأفضل صورة.

فأنا كامرأة عربية عملت وثابرت ووصلت، أشكّل مثالا لنساء أخريات في العالم العربي، لكي يتمثلن به؛ وهذا ما تعنيه لي الجوائز. اذ يهمني ما أقدمه لمجتمعي، أكثر من ما أقدمه لنفسي شخصيا كفرد.

ولا بد من الاشارة الى أن الجوائز هي بمثابة دفعة تشجعني وتحثّني على الاستمرار بالعمل.

كيف تصفين نفسك كسيدة عاملة وناجحة؟

لا شيء يساعد على النجاح سوى العمل الدؤوب، وكل شخص يعمل بجدية وبضمير سيصل حتما الى أهدافه كافة.

ما هي مشاريعك وطموحاتك المستقبلية؟

على الصعيد المهني، أعمل في الوقت الحاضر على ثلاث مشاريع مهمة:

أولا، أحضر لإطلاق موسوعة للخط العربي بمساعدة من "Prince Claus Fund"، نتمنى أن تكون موجودة على الانترنت خلال السنة المقبلة. وهذا المشروع هو عبارة عن موسوعة بصرية للخط العربي، تعرّف الفنانين العرب على هذا الخط لكي يستوحوا منه، وتكون بمثابة مرجع يشرح لهم تاريخ تطور الحرف العربي.

وهذه المبادرة مهمة للغاية وتعني أي مصمم عربي، لأن كل تصميم يحتوي حتما على الخط العربي، وبالتالي يجب فهم تاريخ هذا الخط وشكله وتطوره من أجل تسهيل العمل.

ثانيا، أستعد لنشر كتاب بالتعاون مع أستاذ يحاضر معي في "الجامعة الأميركية في القاهرة"، حول تاريخ التصميم الغرافيكي في العالم العربي. وقد انتهينا مؤخرا من مرحلة الأبحاث، وأصبحنا في طور الكتابة. وهذا الكتاب سيغطي تاريخ التصميم العربي منذ العام 1900 وحتى العام 2000 من المغرب الى العراق.

ثالثا، لا أزال أرسم أشعارا لمحمود درويش على الجدران في مدن مختلفة في العالم. وقد سافرت مؤخرا الى النرويج وباريس لتحقيق هذه الغاية.

من يقدم لك الدعم في مسيرتك؟

في البداية، وخاصة في ما يتعلق بفن الشوارع، كنت أدعم نفسي بنفسي، ولم أتلقَ الدعم المادي من أحد.

لكنني لطالما كنت محظوظة أينما ذهبت، بسبب وجود أشخاص يؤمنون بالانسانية. فأنا لا أنتمي الى أي حزب أو جهة تدعمني ماديا، لكنني أتحلى في المقابل، بالحرية الابداعية الكاملة لممارسة عملي في أماكن مختلفة، وبالتالي لا أواجه أي ضغط مادي يجبرني على السير بحسب مفكرة معينة، بل أسير بحسب الأفكار الانسانية التي أؤمن بها، والتي تعكس الوضع الانساني في العالم العربي، وبشكل خاص وضع المرأة التي لا تحصل على كامل حقوقها.

ما هي التحديات والصعوبات التي تواجهك في عملك؟

الصعوبات موجودة على مستويات مختلفة؛ على المستوى المهني، الشخصي، والاجتماعي. ولكن علينا معرفة كيفية تخطيها، لكي لا تمنعنا من التقدم.

فكل الأشخاص يواجهون صعوبات عدة في الحياة، خاصة مع تقييد الحريات في معظم دول العالم العربي. لهذا السبب، يجب أن نتخطى الصعوبات، ونفكر دائما بطرق مواجهتها.

من أين تحصلين على الإلهام؟

تخصصت في الفن الإسلامي، وأنا أجد أن هذا الفن هو جزء أساسي ومهم من طريقة فهمي لهويتي الفنية، لأنه لا يهتم بـ"الأنا" الخاصة بالفنان، بل بالمجتمع ككل.

هل شعرت يوما بالتقصير تجاه عائلتك وحياتك الخاصة بسبب سفراتك الكثيرة وانشغالك بالعمل؟

المجتمع يحب أن يُشعر المرأة بأن دورها مقتصر على البقاء في المنزل وتربية الأولاد. لكنني امرأة عاملة وأم لابنتين في الوقت ذاته، وأشعر أنني قدمت لهما كل ما أستطيع تقديمه.

فالسعادة هي أفضل ما يمكن أن تعطيه الأم لأولادها؛ واذا كانت المرأة سعيدة في حياتها، ستكون حتما قادرة على منح الحب والسعادة والاهتمام والإلهام لمنزلها وعائلتها.

برأيك، هل تقدمت المرأة من ناحية الحقوق؟ وهل تحسّن وضعها في سوق العمل؟

أنا كامرأة لبنانية، لا يحق لي إعطاء جنسيتي لأولادي، وهذا الأمر كان بمثابة صفعة بالنسبة لي، لأنه من المعيب جدا في العام 2017، أن لا تمتلك المرأة هذا الحق.

فحكومتي تطلب من الرجال الذي يعيشون خارج البلاد، أن يحضروا الى لبنان من أجل الحصول على جوازات السفر، في حين لا يحق لي بذلك.

لكن وضع النساء ليس سيئا في لبنان فحسب، بل في كل العالم العربي، فأنا لا أنتمي الى لبنان أو مصر فحسب، بل أشعر كفنانة وباحثة بانتمائي الى العالم العربي بأكمله من شرقه الى غربه، لأننا نعاني جميعا من المشاكل ذاتها، وبالتالي يجب أن نتساعد مع بعضنا البعض من أجل حلها.

فوضع المرأة تحسن بالطبع، لكن الطريق أمامنا لا يزال طويلا بالنسبة الى موضوع الحقوق. اذ هناك عدد كبير من النساء الناجحات والرائدات والمتميزات في سوق العمل، ولكن أين هي حقوقهنّ الأساسية؟ يجب على المرأة الناجحة، والتي بات لديها دعما ماديا واجتماعيا وثقافيا، أن تغير القوانين المهترئة التي نعيش في ظلها.

وبالتالي يجب على المرأة أن تساعد المرأة، لأننا كنساء في العالم العربي، نكون أحيانا أعداءا لنفسنا.

ولا بد من الاشارة الى أنني أفتخر بالنساء التونسيات، وأرفع لهنّ القبعة، لأن المرأة في تونس بات لديها الحق بالحصول على الميراث، في حين أننا لا نزال في لبنان نقّسمه بحسب التمييز الجندري.

ما هي نصيحة بهيّة شهاب الى المرأة العربية بشكل عام واللبنانية بشكل خاص؟

المرأة تمتلك دائما المجال للحلم، لكن الصعوبات موجودة حتما، وستواجه أشخاصا يقولون لها أنها لا تستطيع النجاح، ولا يجب أن تفعل هذاالأمر أو ذاك، أو أن هذا الأمر معيب ولا يليق بها،...

لذلك يجب أن تبقى مؤمنة بحلمها، وبما تريد إنجازه، وأن تكون صادقة دائما مع نفسها، لكي تحقق ذاتها، وتحافظ على سعادتها مهما كانت أهدافها.