لم يبذل أحد البارعين في عمليات الاحتيال، جهداً كبيراً للإيقاع بضحاياه، لقد استدرجهم الى مغريات كسب المال والربح السريع، مستعيناً بدهائه وقدرته على الإقناع، موهماً اياهم بأنه أحد أكبر تجار النفط على صعيد عالمي، وصاحب علاقات واسعة مع المسؤولين في لبنان والخارج، بما يسهّل عليه تجارته، فكان يصطاد طرائده بالجملة والمفرّق، لكن غنيمته الكبرى تمثّلت باستيلائه على ما يزيد عن مليون دولار من زبون واحد.

في أواخر العام 2010، تعرّف "غسان. ك" على المدعى عليه "جوزيف. ع"، وهو من أصحاب الأسبقيات في أعمال الاحتيال، حيث أوهمه الأخير أنه من كبار تجار النفط عالمياً، وأن له علاقات واسعة مع الكثير من الشخصيات النافذه داخل لبنان وخارجه، وعرض عليه فكرة الدخول كشريك معه في تجارته لتحقيق أرباح مؤكدة، شأنه شأن كل شخص يستثمر معه أمواله بهذه الطريقة، فانطلت الحيلة على "غسان" الذي منحه كامل الثقة، وسلّمه على مراحل مبالغ مالية طائلة، بلغ مجموعها مليون دولار أميركي، ليكتشف متأخراً أنه وقع ضحية المدعى عليه، الذي استولى على الأموال وتوارى عن الأنظار.

ما إن أدرك "غسان" أن وقع فريسة سهلة في مخالب من استولى على جنى عمره، سارع الى تقديم شكوى قضائية، أفاد فيها أن عملية تسليم المال تمت عن طريق حوالات مصرفية، لمصلحة شركات حددها المدعى عليه، بينها شركة (GMA) التي يشترك بملكيتها "جوزيف" مع المدعى عليه "نصر. ل"، في حين أن شركة Neverest المملوكة من "جوزيف"، تعمل أيضاً لمصلحة المدعى عليها شركة Long green وشركة (AMN)، كاشفاً أن جوزيف عمد الى تسليم زوجته المدعى عليها "ماري. ش" بطاقة إعتماد مصرفية، كان يتم عبرها تغطية سحوباتها للأموال من حسابات إحدى الشركات المدعى عليها.

ولدى استجواب المدعي، أفاد أنه لا يعرف المدعى عليه "نصر. ل"، في حين أنه يعرف المدعى عليها "ماري" كونها زوجة "جوزيف. ع"، لكنه لم يتم استجواب المدعى عليهم لعدم العثور عليهم، مما استتبع ابلاغهم لصقاً، لكن "جوزيف" و"ماري" تقدما بمذكرة دفوع شكلية بواسطة وكيلهما تقرر ردّها.

وأفادت حيثيات القرار الظني الذي أصدره قاضي التحقيق في جبل لبنان محمد بدران، أن "جوزيف. ع" أقدم على الاستيلاء على أموال المدعي عن طريق المناورات الاحتيالية المعتمدة أساساً على الكذب، وإن فعله هذا يؤلف جنحة المادة 655 من قانون العقويات التي تنص على السجن ثلاث سنوات.

ورأى القاضي بدران في قراره أنه لم تتوفر أدلة مقنعة بأن المدعى عليهم الباقين، اشتركوا في عملية الاستيلاء على أموال المدعي، سيما وأنه لم يثبت أن ماري كانت شريكة في المناورات الاحتيالية التي تعرض لها المدعى عليه فقط لمجرد أنها زوجة "جوزيف. ع"، ولا يوفر أي أساس قانوني لملاحقتها، سيما وأن موضوع السحوبات بواسطة بطاقة الائتمان غير ثابت، والأمر نفسه بالنسبة للمدعى عليه "نصر. ل"، مع الاشارة الى أن الأخير، سبق له أن إدعى على "جوزيف. ع" بموضوع مشابه للدعوى الحاضرة، كما أنه لم يثبت في الملف ما يدلّ على أن الشركات المدعى عليها المذكورة في متن الشكوى، عمدت الى الاستيلاء على تلك الأموال بواسطة أحد العاملين لديها، المخولين بالتوقيع عنها ما يستتبع منع المحاكمة عنهم لجهة الجرائم المسندة اليهم.

وخلص القاضي بدران في قراره الى الظنّ بالمدعى عليه "جوزيف. ع" بالاستيلاء على أموال المدعي بالوسائل الاحتيالية سنداً للمادة 655 من قانون العقوبات، التي تنص على السجن ثلاث سنوات، وأصدر مذكرة توقيف غيابية بحقه وأحاله على القاضي المنفرد الجزائي في المتن لمحاكمته.

وفي قضية أخرى طلب القاضي بدران عقوبة السجن حتى ثلاث سنوات للمدعى عليه "جوزيف" لإقدامه في العام 2012 على ايهام المدعي "سامي. ح"، بأنه يعمل في تجارة النفط وأنه أسس شركة لهذه الغاية باسم (LGI)، وأنه يستثمر أموالاً طائلة في قطاع النفط وتحقيق أرباح كبيرة في لبنان والخارج، حيث صدق المدعي مزاعمه، وقام بتحويل مبلغ 50 ألف دولار الى حساب "جوزيف" في أحد المصارف اللبنانية، ليكتشف متأخراً أنه وقع ضحية عملية احتيالية استولى عبرها المدعى عليه على أمواله، وتوارى عن الأنظار ولا يعرف مكان تواجده.وأحاله قاضي التحقيق على الحاكم المنفرد الجزائي لمحاكمته في هذه القضية أيضاً.

خاص "الإقتصاد"