قال والت ديزني: "ينبغي على الإنسان أن يحدد أهدافه سريعاَ ويكرّس كل طاقته وموهبته لتحقيقها". ورائد الأعمال اللبناني كريم صفي الدين، طبّق هذا القول بالفعل، فهو يثابر على النجاح منذ العام 2013 - أي عندما أسّس شركته الخاصة "My Broker Inc." - ويسعى بكل جهده لتحقيق الأهداف التي وضعها لنفسه ولمشروعه.

فقد أدرك في سنّ صغيرة أن النجاح في الحياة ليس مرتبطا بالأرباح المادية السريعة، وبعمر الشركات ومدّة تواجدها في الأسواق، بل هو ثمرة الإرادة القوية، والخطوات الثابتة والرصينة، والتقنيات المعتمدة والخدمات المقدّمة بهدف الحصول على ثقة العملاء وولائهم.

صفي الدين خصّ "الاقتصاد" بهذه المقابلة الحصرية، التي عرض فيها لأبرز المراحل التي مرّ بها حتى قرّر إطلاق مشروعه الخاص، بالاضافة الى تطلعاته المستقبلية ورسالته الى جيل الشباب اللبناني.

كيف تختصر مسيرتك الأكاديمية والمهنية؟ متى قررت تأسيس "My Broker Inc."؟

تابعت دراستي الثانوية في مدرسة "IC"، كما تخصصت في مجال الاقتصاد في "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB"، وتخرجت في العام 2001.

بدأت مسيرتي المهنية في قطاع التأمين في لبنان، حيث توظفت في شركة "SNA" لمدة ثماني سنوات، قدمت بعدها استقالتي، لأنني أردت تحقيق المزيد من التقدمّ؛ فالوظيفة في لبنان صعبة للغاية، وعلى الانسان أن يناضل كثيرا من أجل الوصول.

بعد ذلك، استلمت منصب مدير قسم المبيعات في شركة "Fidelity" لمدة ستة أشهر، لأنني حصلت حينها على عرض للعمل في الشركة العالمية "Zurich Insurance Group"، كمدير لقسم التوزيع.

استمريت في العمل مع الشركة لمدة سنتين، ولكن لسوء الحظ لم تنجح في الانطلاق في السوق اللبناني، وبالتالي أغلقت أبوابها وسرّحت كل الموظفين، مما شكل ضربة صعبة للغاية.

ولكن في ذلك الوقت، كنت قد اكتسبت معرفة واسعة في المجال، أتاحت لي التقدّم الى شركات أخرى، فعملت مع شركة "LIA Insurance" لمدة سنتين. وبالتوازي، قرّرت أن الوقت قد حان لكي أفتتح شركتي، خاصة أن خبرتي في مجال التأمين، لا تقل عن 14 سنة، وبالتالي أصبحت قادرا على إفادة الزبائن والعمل بشكل مباشر معهم.

فأسست "My Broker Inc." في العام 2013، واستمريت أيضا بالعمل مع "LIA". وفي نهاية العام 2014، كرّست كامل وقتي وطاقتي واهتمامي لشركتي، وحصلت على مكتب في منطقة سن الفيل.

واليوم، أنا أعمل في مجال الاستشارات، أي في وساطة التأمين (Broker)، وبالتالي أستفيد من عملي في مجال التأمين، ومن قاعدة المعارف والمراجع التي بنيتها، لأتمكن من الانفتاح على عدد كبير من شركات التأمين. فنحن كوسطاء تأمين، لا نتعامل بشكل حصري مع شركة واحدة، بل نتواصل مع كل شركات التأمين، من أجل تأمين العرض الأفضل للزبون.

من جهة أخرى، نركز نشاطنا على اللبنانيين في الخارج، خاصة الموجودين في الخليج وفي الدول الافريقية، من أجل إعطائهم التأمينات الخاصة بالحاضر وبالمستقبل أيضا.

ولا بد من الاشارة الى أن فريق العمل لا يزال صغيرا، لكننا ركزنا بشكل واسع على استراتيجية علامتنا التجارية (branding)، وعلى وجودنا الالكتروني عبر الانترنت، من خلال موقعنا المميز والواضح (www.mybrokerinc.com)، وصفحاتنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ونحن نحاول دائما أن نكون السبّاقين في البرامج التي نطرحها، وقد قدمنا مؤخرا برنامج تأمين الحيوانات، وبشكل خاص الكلاب والقطط. وهذا النوع من التأمين موجود بشكل واسع في الولايات المتحدة وأوروبا، لكنه جديد في لبنان، وقد عمدنا الى إطلاقه أولا. لكن هذه الفكرة بحاجة الى التوعية، ونحن نعمل في الوقت الحاضر على تحقيق هذا الأمر.

مع العلم أنه عندما بادرنا بهذا المشروع، حصلنا على ردة فعل إيجابية من الناس، وباتوا يعرفون شركتنا أكثر، كما أصبح اسم "My Broker Inc." متداولا أكثر فأكثر في السوق.

عندما قررت تأسيس شركتك في العام 2013، ألم تخف من المخاطرة في ظل الأوضاع الصعبة في البلاد؟

نعم بالطبع شعرت ببعض الخوف والقلق، خاصة أن سوق التأمين في لبنان غير مؤهل وغير منظم؛ اذ أن عدد الشركات والوسطاء هو أكثر من الحاجة، وبالتالي فإن المنافسة واسعة وشرسة.

لكن خدماتنا، ومعارفنا، ومهاراتنا، وخبرتنا، تميزنا عن غيرنا، وتقنع الزبائن وتشجعهم على التعامل معنا، وعلى الوثوق بنا وببرامجنا أيضا.

فالانطلاقة كانت قاسية وشاقة للغاية، انما أشكر الله دائما على النتائج الإيجابية التي تمكنا من تحقيقها خلال فترة قصيرة.

هل تمكنت "My Broker Inc." من منافسة الشركات الكبرى والموجودة منذ فترة طويلة في السوق؟

نعم بالطبع، فعندما يرى الزبائن طريقتنا في العمل، سوف يقتنعون بالتعامل معنا. فأنا شخصيا أجتمع مع كل زبون، وأحلل معه كل البرامج الموجودة، وألفت نظره حول الثغرات الموجودة في برامجه الحالية، وبالتالي أحصل على كامل انتباهه، لكي يثق بالشركة وينتقل للعمل معها.

وأنا شخصيا أعتقد أنه لا يوجد أي فرق بين الوسيط الصغير والكبير، طالما أنه قادر على تقديم الخبرات، والخدمات، والتقنيات الأفضل.

ما الذي يميز "My Broker Inc." عن غيرها؟

خدماتنا تتمثل في:

أولا، الاطلاع على برامج التأمين القائمة.

ثانيا، شرح الحلول التأمينية المخصصة وتوصيتها.

ثالثا، تقديم جهة واحدة لجميع حاجات التأمين للزبائن.

رابعا، الاهتمام بخدمة العملاء لسبعة أيام في الأسبوع، ولمدة 24 ساعة في اليوم.

ما هي الصفات التي تتحلى بها وأسهمت في تقدمك المهني؟

أولا، إن التأمين هو مجال خاص للغاية، والثقة تشكل عاملا أساسا فيه؛ فالناس يلحظون من طريقتي في التعامل معهم، أنني لا أسعى الى البيع فحسب، بل أهتم بالتواصل والتعاون من أجل تقديم النصيحة كمرحلة أولى، وفي حال تمكنت في المستقبل من البيع، فسأكون حينها قد أفدتهم واستفدت بدوري.

ثانيا والأهم، هو أن يدرك الزبائن أنني قد فهمت السوق، والمجال، وبرامج التأمين المطروحة بشكل واسع ومفصّل.

ثالثا، أحاول التعاون مع كل زبون للاهتمام بجميع تأميناته؛ أي السيارة، الطبابة، المنزل، الحياة، الحيوانات،... وذلك لأنني قادر على تقديم حلول شاملة من خلال "My Broker Inc."، مما يُشعر الزبائن بالارتياح، لأن كل الأمور ستكون واضحة أمامهم؛ أي التكلفة والخدمات المتوفرة على سبيل المثال. فأنا أسعى من خلال شركتي، الى تأمين الشفافية في العمل وفي الوضع التأميني للزبون.

رابعا، إن خبرتي الطويلة في سوق التأمين اللبناني، تعطيني منظورا مميزا حول كيفية مساعدة الأفراد والشركات على فهم المشهد التأميني، في الوقت الذي أخطط فيه لجميع الاحتمالات، وأسعى للحفاظ على ضمانتهم المالية الحالية والمستقبلية. فقد اكتشفت على مرّ السنوات، أنني أحب التعاطي مع الناس، والتعرف عليهم وبناء العلاقات معهم، وتقديم الخدمات الفريدة لهم.

هل تعتبر أنك حققت طموحاتك المهنية كافة؟ ما هي مشاريعك المستقبلية؟

لم أحقق أهدافي بعد، والطموح هو ما يدفع بالانسان الى السعي وراء عمله ونجاحه.

فقد سجلت "My Broker Inc." كمؤسسة، في حين أنه كان بامكاني تسجيلها باسمي الخاص لتكون شركة فردية، لكنني أصرّيت على المؤسسة، لأنني أسعى الى بنائها وتطويرها وتوسيعها في المستقبل لتشمل أسواق عدة خارج لبنان.

من جهة أخرى، أعتبر أن التوظيف هو عامل أساس، اذ أنني أبحث دائما عن أشخاص مناسبين للوظيفة، وأتعاون كثيرا مع الجامعات والمتخرجين الجدد، بهدف إيجاد أشخاص مستعدين للعمل مع شركة جديدة تسعى الى التوسع.

هل حصلت على الدعم المعنوي من الأشخاص المحيطين بك؟

أنا أبلغ من العمر 38 سنة، ومحيطي مكوّن من أشخاص ناجحين في أعمالهم (Business oriented)، وبالتالي لدي عدد من الأصدقاء المقرّبين، والقادرين على تقديم الاستشارات المفيدة في العمل، وعلى مشاركة الآراء والتجارب التي تساعدني على التطور والتقدم.

هل يؤثر عملك على وقتك الشخصي وحياتك الخاصة؟

نعم بالطبع، فنحن لا نزال حاليا في المرحلة التأسيسية للشركة، وعلينا أن نسعى بكل طاقاتنا وجهدنا من أجل تأمين انطلاقة ايجابية تضمن استمراريتنا.

وبالتالي فإن عملي يأخذ حوالي 90% من وقتي، لذلك لا يتبقى لي الوقت الكافي للقيام بأمور أخرى. لكنني أعتقد أن الوضع سيتغير بعد حوالي سنتين، لأن كل شركة بحاجة الى ستّ سنوات تقريبا، لكي تتمكن من الوصول الى المكان الذي تجني فيه مصاريفها وأرباحها بشكل طبيعي ودوري، وبالتالي تتيح حينها لمؤسسها أن يحصل على إجازة أو فترة نقاهة.

أما اليوم، فكل ما أفكر فيه بشكل دائم، هو الشركة، وطرق إيصالها الى أهدافها. وبعد سنتين سأتمكن حتما من تغيير هذا الواقع، خاصة اذا دربت أشخاصا قادرين على استلام المسؤوليات والمهام الأساسية.

بالاستناد الى تجربتك المهنية الخاصة، ما هي النصيحة التي تقدمها الى جيل الشباب؟

لا شك في أن السوق اللبناني صعب، بسبب غياب الأرضية الصلبة التي تضمن النجاح. ولكن اذا حدد الانسان أهدافا واضحة، وركز على ما يحبه، وقدم خبراته ووقته من كلّ قلبه، سيلتمس الزبائن ذلك، وسيحصل حينها على ثقتهم.

وبالتالي فإن نصيحتي هي أن يمارس الانسان عمله من كل قلبه، ويفكر على المدى البعيد، وليس فقط بالأرباح المؤقتة، لأنه قد يتمكن من تحقيق الأرباح السهلة اليوم، لكنه قد يفشل بعد فترة في ضمان استمرارية عمله؛ والاستمرارية هي الأساس.