رصد مجلس النواب في الموازنة العامة للعام 2017 التي أقرّها مؤخراً مبلغ 30 مليار ليرة لدعم الصندوق الخاص بالمستأجرين القدامى الذي نص عليه قانون الايجارات. ففي حين رحّبت نقابة مالكي الابنية والعقارات المؤجرة بهذه الخطوة والتي اعتبرتها بانها جاءت لتستكمل تطبيق قانون الإيجارات على جميع المستأجرين ولا سيما فئة المستفيدين من حساب الدعم للذين لا يتخطى مدخولهم خمسة أضعاف الحد الأدنى للأجور، اضافة الى ان هذه الخطوة تمثل استعادة التوازن في العلاقة بين المالكين والمستأجرين وإعادة حقوق المالكين، حذرت لجان المستأجرين من خطر تهجير الناس من بيوتها الى الشارع وبادرت الى تقدم مشروع قانون يدعو الى تخفيض بدلات الايجار الخيالية التي تقدر بـ 4% من قيمة المأجور وأرض العقار إلى 1% واعفاء الدولة من هذه الديون الخيالية ومن انشاء اللجان والحساب ومعتبرة ان قانون الايجارات لايزال غير نافذ بانتظار اصدار المراسيم التطبيقية.

وحول هذا الموضوع، اشار رئيس تجمع المحامين للطعن وتعديل ​قانون الايجارات​ المحامي ​أديب زخور​ في حديث لموقع "الاقتصاد" الى انه "تم رصد مبلغ 30 مليار ليرة لصندوق الحساب في الموازنة العامة ولكنه لا يكفي لحي سكني واحد فاذا اخذنا 100 الف شقة وكان سعر الشقة الواحدة 300 ألف دولار فان الصندوق سيدفع لمدة 12 سنة ما نسبته 33% كتعويضات وبحساب بسيط يبلغ المبلغ 11 مليار دولار اميركي".

وأضاف زخور ان "للصندوق وظيفتان: الاولى هي ان يقوم بدفع الايجارات عن المستأجر الى المالك مباشرة لمدة 12 عاماً، وذلك بعد ان يكون المستأجر قد تقدّم بطلب للاستفادة من هذا الصندوق على ان يبقى في مسكنه طيلة المدة المذكورة ويبقى يدفع الايجار القديم الذي كان يدفعه من قبل، وأما الوظيفة الثانية ان يقوم الصندوق بدفع تعويضات للمستأجر بنسبة 33% وهي تمثل مجموع الايجارات على فترة 12 عاماً في حال اراد ان يخلي المأجور ويحق له من السنة الاولى بذلك"، ومتسائلاً "اذا اراد المستأجرون أن يقبضوا التعويضات في حال ارادوا اخلاء المنزل أو ان يقبض المالكون بدلات الايجار من الصندوق المذكور ولم يكن هناك أموال فيه فكيف يتم التصرف بالموضوع؟"

وشدد على ان "مبلغ الـ30 مليار ليرة المرصود في الموازنة لا يكفي أبداً وخاصة ان هناك 80% من المستأجرين القدامى في منطقة الطريق الجديدة والاشرفية وغيرها من المناطق". ولفت الى انه "اذا اراد المستأجر اخلاء المأجور، فيمكنه الذهاب الى اي مصرف لسحب التعويضات على الخزينة، التي تصبح بدورها مديونة للمصارف والشركات العقارية بمليارات الدولارات وهذا ما يضع الدولة امام موقف كارثي".

ولفت الى ان" المستأجر لا يمكنه أن يترك منزله بحال كانت السيولة غير متوفّرة، بالرغم من انه يحق له اخلاء المأجور منذ السنة الاولى، وان يقبض التعويض من الخزينة"، ومشدداً على "ضرورة تأمين المبالغ كلها عند فتح الصندوق وليس تخصيصاُ لان التعويض يتناقص 1 على 9 كل سنة من فترة الـ12 سنة".

كما أوضح زخور ان "الصندوق يدفع بشكل كامل بدلات الايجارات عن المستأجرين الذين لا يتخطى مدخولهم الشهري 2.025.000 فقط وأما من يترواح مدخوله بين 2.025.000 ليرة و3.375.000 فيدفع الصندوق بدلات الايجارات بشكل جزئي فيما يدفع المستأجرون من هذه الفئة 20% من مدخولهم".

وقال ان "الدولة مكسورة على مبلغ مليار دولار للسلسلة فهل من المعقول ان تضع ديناً اضافياً عليها بقيمة 11 مليار دولار"، ومعتبراً ان "هناك محاولة للتغيير الديموغرافي في لبنان بحيث ان هناك عدد من المسيحيين الذين يقطنون في الحمرا والمزرعة اغلبيتهم من المستأجرين القدامى فاذا تركوا بيوتهم سيذهبون الى مناطق ذات اغلبية مسيحية ومن لون واحد وهذا ما سيحصل مع اشخاص من طوائف اخرى في الاشرفية وغيرها."

وعن الخطوات المتخذة، لفت الى ان "هناك استمرارية في الاعتصامات اضافة الى اقتراح مشروع القانون الذي تم تقديمه للرئيس سعد الحريري من قبل لجان المستأجرين والذي يوفر على الدولة كل الصناديق واللجان والمصاريف تخفيض الايجار من قيمة المأجور من 4% الى 1% فيستطيع المواطن ان يدفعه، بالاضافة الى ان يدفع المالك 50% كتعويض في حال اراد اخراج المستأجر من المنزل ومن دون تناقص لانه يتناقص بنسبة 1/9 كل سنة ما يعني ان بعد كم سنة يستطيع المالك اخراج المستأجر دون دفع ليرة واحدة، بالاضافة ايضاً الى اقرار خطة سكنية واضحة".

وشدد على انه "اذا لم يتم توفير المبلغ المطلوب في الصندوق لتسديد بدلات الايجار والتعويضات كما هو مذكور في الموازنة فيعتبر القانون غير نافذ كونه لا يعطي الحقوق كاملة او جزئية الى المالكين والمستأجرين"، ومضيفا ان "الموازنة التي صدرت عن مجلس النواب لا تنشأ الصندوق بل هو يحتاج الى مراسيم تطبيقية في مجلس الوزراء، ومؤكدا ان المادة 58من قانون الايجارات لا تزال معلقة القانون واحكامه لحين دخول الصندوق حيّز التنفيذ، أي أن يبدأ برصد مبلغ جدي أقله 11 مليار دولار  وان يبدأ بالدفع الفعلي لا النظري، وقد صدرت عشرات القرارات من محكمة الاستئناف في بيروت تؤكد تعليق القانون والجلسات لحين انشاء الصندوق ودخوله حيّز التنفيذ الفعلي، وبالتالي يعتبر انشاء الصندوق الوهمي يبطل القانون برمّته لعدم تمكين المالكين والمستأجرين على حد سواء من الحصول على حقوقهم كاملة وهذا ركن اساسي في القانون".

من جهته، اعتبر رئيس نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة باتريك رزق الله في حديثه لـ"الاقتصاد" ان "اقرار الصندوق ورصد 30 مليار ليرة هو أمر طبيعي تطبيقاً لقانون نافذ صدر عن مجلس النواب وكان على السلطة التنفيذية ان تلتزم بنيّة المشترع اعادة التوازن في العلاقة بين المالكين والمستأجرين ضمن البرنامج الذي ينص عليه قانون الايجارات وكان من المفترض ان تجري هذه الخطوة في السابق ولكن وضع البلد لم يسمح بذلك وهي اتت اليوم من ضمن الموازنة العامة".

وأضاف رزق الله انه "تم تطبيق هذا القانون على المستأجرين الذين لا يستفيدون من الحساب وخاصة الذين يتجاوز مدخولهم الشهري 3.375.000 ليرة حيث يدفع المستحقات بشكل تدريجي حيث بلغت في العام 2015 15% من الزيادة على بدلات الايجار وفي العام 2016 30% والعام 2017 45% ونصل الى نسبة 100% في السنة السادسة والقانون يلزم المالكين تجديد الايجار لمدة 3 سنوات، ومعتبراً ان ليس هناك من مبرّر لهذه الفئة من الاشخاص التي يتجاوز مدخولهم 3.375.000 ليرة ان يقطنوا في المنازل لمدة 40 عاماً بشكل مجاني وليصلوا الى وقت ينهدم فيه المبنى او المسكن فوق رؤوسهم".

واشار الى ان "الحساب يرتبط بالمالك ولا يمكن للمستأجرين ان يتذرّعوا بان الدولة لن تكمل في تمويله وداعياً اياهم الى مطالبة الدولة برصد مبالغ اضافية في موازنة العام 2018" ومتسائلا "لمصلحة من مطالبة الدولة بعدم التمويل وخاصة انه بعد ان سكنوا لاكثر من 40 سنة ويحرمنا من حقنا كمالكين بالبدلات التي ستدفعها الدولة لنا؟"

كما سأل "لماذا لا يطالب المستأجرون بالايجار التملّكي وبتطوير برامج الاسكان وخاصة ان الخطوة التي قامت به المؤسسة العامة للاسكان ومصرف الاسكان من خلال تخفيض قيمة الفائدة الى 3%".

واعلن ان "النقابة بانتظار اصدار اللجان حيث ان مهمتها الفصل بالخلاف بين المالك والمستأجر حول بدلات الايجار وتحديد المستفيدين من الحساب، بالرغم من ان لقاضي الايجارات ولاية شاملة على قضايا الايجارات ولكنها تأخذ فترة قد تصل الى 3 سنوات واما المدة التي تأخذها القضية مع اللجان هي شهر واحد او شهرين كحد اقصى. وكشف ان هناك لجان مستأجرين حلوا الموضوع الخلاف مع المالكين وهم يتظاهرون ومؤكدا رفض النقابة لاستثمار هذا الموضوع لامور شعبية وغايات اخرى ومضيفاً ان البعض منهم غير مستأجر".

وذكّر رزق الله "المستأجرين بان المهل التي نص عليها القانون نافذة ونافيا ان يكون معلقا وخاصة انه صدر عن مجلس النواب وتم نشره في الجريدة الرسمية وهو قيد التطبيق على الجميع ويستطيع قاضي الايجارات ان يبت بكل القضايا المتعلقة بالايجارات"، ومضيفاً ان "المادة 58 من القانون تنص على انه يعلق تطبيق مواد هذا القانون المتعلقة بالحساب الى حين وضعه حيّز التنفيذ وهذا ما حصل بالفعل وموضحا ان ما يتطلب مراسيم تطبيقية هو تشكيل اللجان وليس الحساب".

واشار الى ان "الحساب تم انشاؤه في وزارة المال وطالب برصد مبلغ اكبر في موازنة 2018 كي يأخذ المالك حقه بالزيادة على بدلات الايجار مقابل التمديد الذي تم ارغام المالكين فيه لمدة 12 عاماً".

وفي النتيجة، يجب على الدولة ان تكون عادلة بين المالكين والمستأجرين وان يحصل كل ذي حق على حقه بعيداً عن الخلافات والمشاكل، كما عليها ان تؤمّن برامج وخطط سكنية واضحة لكل المستأجرين القدامى من ذوي الدخل المحدود كي يتسنى للجميع العيش في مسكن في ظل حق كفله له الدستور اللبناني وعليها ان تؤمن حقوق المالكين وصونها.