خاص ــ الإقتصاد

وقع رجلا أعمال ضحية مناورة إحتيالية بطلتها سيدة لبنانية تقيم في مصر، قادتهما الى الانخراط في مشروع تجاري واسع، والتوقيع على تفضي الى التعاقد من فنانين عرباً، وأغلبهم من مصر، لتنظيم حفلات لهم في لبنان والامارات العربية المتحدة، والتسويق لتلك الحفلات بحملات إعلانية واسعة، كلّفت المجني عليهما أموالاً طائلة، قبل أن يكتشفا خسارة أموالهما بمشروع وهمي، لا وجود له على أرض الواقع.

لقد تقدّم المدعيان "توفيق. ه" و"مروان. ه" بشكوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، عرضا فيها أنهما يعملان في مجال التجارة العامة، وقد أسسا شركة تحت إسم "راديان جونيت غروب" كمنطلق وإطار قانوني لعملهما، وبحكم عملهما تعرفا على المدعى عليها "غريس. م"، التي قدّمت نفسها أنها سيدة أعمال، ضليعة في مجال الإنتاج الفني ولها صلة مع كبريات الشركات العاملة في هذا الحقل، إضافة الى علاقات مباشرة مع فنانين عرباً لا سيما المصريين منهم.

أمام الصورة المغرية التي قدمتها، وافق المدعيان توفيق ومروان على عرض تقدمت به "غريس" يرمي الى ضرورة التعاقد مع عدد من الشركات الفنية التي تتعامل معها، وبالفعل استحصلت على عقد مع إحدى أكبر الشركات المصرية لمصلحة المدعيين، وهي "شركة نجوم ريكوردز ــ نايل راديو برودكشن"، قضى بأن يتولى توفيق ومروان استئجار عدد من اللوحات الإعلانية في لبنان، تخصص للترويج للحملات الفنية لمصلحة الشركة المذكورة، وقد سددت حينها هذه الأخيرة حقوق الدعيين المالية الناتجة عن العقد المشار اليه.

وما بين شهري أيار وتشرين الأول من العام 2014، وجّهت المدعى عليها "غريس. م" عبر البريد الالكتروني وعلى الحساب العائد للمدعيين، عقدين جديدين مع "شركة نجوم ريكوردز ــ نايل راديو برودكشن"، يلزم المدعيين بإستئجار عدد كبير من اللوحات الإعلانية في لبنان بمبالغ باهظة، فلم يتأخرا في تنفيذ العقدين المذكورين، وأقدما على توقيع عقود إستئجار اللوحات مع عدد كبير من مالكيها والإلتزام معهم بتسديد المبالغ الطائلة المتوجبة عليهم طوال فترة الإيجار، ثم تلقى المدعيان أيضاً عبر البريد الالكتروني عقدين موقعين من الشركة المذكورة يلزمانهما أيضاً، بإستئجار عدد كبير من اللوحات الاعلانية في دولة الامارات العربية المتحدة للتسويق لحفلات فنية تنظمها الشركة المصرية، حيث سارع توفيق ومروان الى تسديد المبالغ الطائلة تنفيذاً للعقود، مقابل رسائل عبر البريد الالكتروني بعثت بها "غريس"، تثبت بأن التحويلات المالية أجريت بالفعل.

رغم مراجعة المدعيين مصرفهما مرات عدة للإستفسار وصول هذه التحويلات، أفادهم المصرف بعدم استلامه أي تحويلة، ولدى مراجعة المدعى عليها بالأمر، أكدت صحة هذه التحويلات ونصحتهم بالإنتظار بعض الوقت لقبضها، ومع إنقضاء أشهرٍ عدّة لم تصل التحويلات، الأمر الذي حمل توفيق الى السفر الى القاهرة، ومراجعة الشركة المذكورة، فكانت المفاجأة أن الأخيرة أبلغته أنها ليست على علم بهذه العقود، وأفادته بأن كتب التحويلات التي أبرزها مزورة وليست صحيحة، وهناك اكتشف أن "غريس. م" توارت عن الأنظار، ولم تخضع لأي تحقيق أولي أو استنطاقي.

قاضي التحقيق في جبل لبنان رامي عبدالله، الذي وضع يده على التحقيق في هذه الدعوى، إعتبر أن الوقائع المعروضة، والمؤيدة بالأدلة والوثائق المشار اليها، تحمل على الظنّ أن المدعى عليها "غريس. م" أقدمت على تزوير عقود وإجراء تحويلات مصرفية غير صحيحة، متوسلة بذلك الإستيلاء على أموال الجهة المدعية بالوسائل الإحتيالية.

وأكد قاضي التحقيق أن أفعالها تنطبق على مضمون المادة 471 من قانون العقوبات التي تنصّ على أنه "من ارتكب جرم التزوير في أوراق خاصة، عوقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات، والمادة 454 التي تنص على العقوبة نفسها لأنها المدعى عليها استعملت الوثائق المزورة مع علمها بالأمر، والمادة 655 من قانون العقوبات أيضاً، التي تتضمن ما حرفيته "كل من حمل الغير بالمناورات الاحتيالية على تسليمه مالاً منقولاً أو غير منقول، أو أوهم المجني عليه بوجود مشروع وهميأ أو لفّق أكاذيب صدقها المجني عليه، أو تصرف بأموال منقولة وغير منقولة ليس له حق أو صفة التصرف بها، عوقب بالجبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات، وأحال القاضي عبد الله الملف على القاضي المنفرد الجزائي في المتن، لمحاكمة المدعى عليها سنداً الى المواد المذكورة.