تتميز مارغريت جباره ببعد النظر، وحسن التقدير، والحنكة السياسية، والذكاء الاجتماعي، والمهارة الإدارية. نظرتها تجمع ولا تفرّق، رؤيتها تقوي ولا تضعف، إصرارها يشجّع ولا يكلّ. هي سيدة لبنانية ناجحة في حياتها، واستثنائية في أفكارها وأعمالها ونشاطاتها في القطاعين العام والخاص في لبنان.

كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع مسؤولة قسم دراسة وتحليل الأسواق في دائرة المنتجات والخدمات بالتجزئة في "بنك عوده"، مارغريت جباره، للتعرف الى مسيرتها المهنية والاجتماعية، والى نظرتها لواقع المرأة في لبنان اليوم.

- من هي مارغريت جباره؟ وما هي المراحل التي مررت بها حتى وصلت الى ما أنتِ عليه اليوم؟

إن هدف عملي الرئيسي ورسالتي في الحياة، تكمن في العمل مع المؤسسات والأفراد،والتركيز على الإبداع، والمعرفة، والخبرة، في عملية تحقيق النتائج الناجحة. أضف الى ذلك، مساعدة الآخرين وقيادتهم من الناحية المهنية والشخصية أيضا،وتحسين وتطوير المجتمعات (من خلال العمل التطوعي الاجتماعي، وتنظيم المشاريع الاجتماعية، والتدريب، والتوجيه).

على الصعيد الشخصي، بدأت رحلتي الاجتماعية والتطوعية منذ أكثر من 15 عاما، مع عدد من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، مثل "مركز سرطان الأطفال في لبنان"(CCCL)، وجمعية "INJAZ"، وغيرها.

في العامين 2009 و2010، تم اختياري للمشاركة في برنامج (Leadership in Community Development – LICD) من تنظيم المجلس الثقافي البريطاني في لبنان لمدة ستة أشهر. بالإضافة الى مشاركتي في برنامج "شباب وبلديات" من تنظيم "جمعية التنمية للإنسان والبيئة" (DPNA)، بالتعاون مع "المعهد الديمقراطي الوطني" (NDI)، في لبنان لمدة ستة أشهر.

في العام 2014، تطوعت مع منظمة دولية غير حكومية اسمها "Arcenciel"، حيث عملنا على تطوير "ريادة الأعمال الاجتماعية" في لبنان من خلال برنامج "Nabad"، الذي شاركت من خلاله بتأسيس منظمة غير حكومية جديدة اسمها "CHREEK" (Capital Human Recycling Environmental Economic Kit). وأنا حاليا نائبة المدير في الجمعية ومسؤولة عن العلاقات العامة والتسويق.

وفي السنة ذاتها، أطلقنا أيضا أول علامة تجارية إيكولوجية-اجتماعية تحت اسم "DOORI"، حيث نقوم بمعالجة المواد غير المرغوب فيها وغير القابلة لإعادة التدوير، وتحويلها إلى منتجات إبداعية جديدة ذات جودة أفضل وقيمة بيئية أعلى. ومن خلال هذه المبادرة، نوظّف النساء المهمشات، والشباب المنتمين الى الفئات الأقل حظا، والمدمنين والسجناء السابقين.

كما فزنا في العام 2014، بجائزة "Nabad Social Entrepreneurship Award"، وجائزة "Berytech Social Venture Award".

في عامي 2012 و2014، تطوعت مع "TedxBeirut"،للمساعدة في تنظيم الأحداث الرئيسية. وذلك بالإضافة الى كوني داعمة لجمعية "Women in Front – WIF"، الهادفة الى مساعدة المرأة اللبنانية وبناء قدراتها وكفاءاتها، لتصبح قيادية أفضل في كل من القطاعين العام والخاص.

بعد ذلك، تم اختياري عام 2015، من بين النساء اللواتي شاركن في سلسلة من الدورات التدريبية وورش العمل في برامج "المرأة في السياسة"(Women in Politics) و"المرأة في البرلمان" (Women in Parliament)، بالإضافة الى ورش العمل التي تمت في 16 و17 و18 آذار 2017، لمشروع "نساء في القرار" (Women Decision Makers)، الممول من مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط (MEPI)، والهادف إلى تعزيز معرفة المرأة اللبنانية في المجال السياسي، وتحسين قدراتها القيادية لتحقيق المشاركة الفعالة في الحياة العامة والسياسية.

في العام 2014، أطلقت مبادرة "Volunteer For Egypt, Volunteer For Jordan, Volunteer For Syria"، وهي بمثابة منصبة عبر الانترنت، تهدف الى زيادة الوعي حول أهمية التطوع وفوائد التبرع بشكل عام، بالإضافة الى تعزيز أنشطة التطوع وحملات التبرع. أما مهمتنا الأساس، فتتمثل في تشجيع الناس على التبرع بوقتهم وطاقاتهم، وليس فقط بأموالهم وممتلكاتهم، وذلك من خلال تزويدهم بمنصة لاختيار التطوع المناسب، في الوقت والمكان المناسبين،مع مختلف المنظمات غير الحكومية، أو المجتمعات المحلية، أو الأفراد.

وأعقب ذلك، المشاركة في تأسيس جمعية "Volunteer For Lebanon"، في العام 2015، ليكون بمثابة مركز للعمل التطوعي في لبنان. و"VFL" هي منظمة غير هادفة للربح، غير طائفية وغير حكومية، تهدف الى تعزيز وتسهيل وتحسين التطوع وخدمة المجتمع في جميع المناطق اللبنانية.

وفي كانون الأول 2016، أطلقنا حملة "أسبوع الخدمة الوطنية للشباب 2017"، وهي مبادرة لتمكين الشباب من عمر خمسة الى ثلاثين سنة، وتشجيعهم على المساهمة في تحسين مجتمعهم، وتوفير التدريب لهم، ومساعدتهم على تخطيط مشاريع الخدمات التي تم تنفيذها خلال الأسبوع الوطني لخدمة الشباب في نيسان 2017.

كما أطلقنا "Projects For Lebanon"، وهي بوابة إلكترونية جديدة، غير محدودة بعمر معين، وهادفة للربط بين المكونات الأربعة الرئيسة لمشاريع الخدمات في لبنان:

أولا، المضيفون، أي الكيانات الراغبة في تنفيذ مشاريع الخدمات (المنظمات غير الحكومية، ومؤسسات الخدمات، والبلديات، وغيرها).

ثانيا، المجموعات التي ترغب في القيام بمشاريع الخدمة (فصول المدارس، والنوادي، والمنظمات الشبابية، وبرامج التطوع للشركات،...).

ثالثا، المرشدون، أي الأفراد الذين يقدمون توجيهاتهم للمنفذين ذات الصلة بأنواع محددة من المشاريع.

رابعا، المانحون، أي الأفراد والمنظمات والشركات التي تقدم الأموال أو السلع (التبرعات العينية) للمساعدة في المشروع.

أما على الصعيد المهني، فبدأت بالعمل في العام 1998، كمذيعة تلفزيونية عبر شاشة الـ"NBN"، في برنامج متعلق بالاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي.

في العام 1999، انضممت الى "بنك عوده ش م ل"، وتنقّلت بين عدد من الفروع الممتدة في المناطق اللبنانية كافة، حيث شغلت منصب صراف، كما عملت في قسم خدمة العملاء. وفي العام 2002، انتقلت إلى قسم التسويق والاتصالات في الإدارة العامة، وشغلت مناصب عدة، فبدأت كموظفة في قسم التسويق والاتصالات، حتى وصلت في العام 2005، الى منصب مسؤولية في قسم التسويق والاتصالات.

بعدها، تم تعييني كمسؤولة في قسم دراسة وتحليل الأسواق في دائرة المنتجات والخدمات بالتجزئة في لبنان حتى نهاية العام 2006.

وفي عامي 2007 و2008، انضممت إلى برنامج التطوير الإداري (MDP – Managerial Development Program) لمدة سنة واحدة، حيث شاركت في العديد من الدورات التدريبية وورش العمل حول التنمية الإدارية، التي نظمها "بنك عوده".

في العام 2007، انتقلت إلى دائرة المنتجات والخدمات بالتجزئة في المجموعة (Group Retail Banking)، لتأسيس قسم الدراسة وتحليل الأسواق في المجموعة (لبنان،الأردن، مصر وتركيا).وأنا أشغل حاليا منصب مسؤولة عن قسم دراسة وتحليل الأسواق في دائرة المنتجات والخدمات بالتجزئة في المجموعة (Head of Group Business Intelligence).

ومهمتنا تتمثل في الحصول على البيانات والأبحاث الداخلية والخارجية، التي تشكّل العمود الفقري لاستراتيجية المنتجات والخدمات بالتجزئة المصرفية لـ"بنك عوده".

كما أكملت بنجاح في كانون الأول 2016، برنامج التطوير الإداري (AMP – Advanced Managerial Program) لمدة سنة واحدة، حيث شاركت في العديد من الدورات التدريبية وورش العمل حول التنمية الإدارية، في "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB".

من جهة أخرى، أنا فخورة بكوني عضوا في "نادي الروتاري بيروت سيدرز" (Rotary Club Beirut Cedars – District 2452)، منذ حوالي سنتين، حيث ترأست لجنة العلاقات العامة والإعلام في 2015 و2016، ولجنة المشاريع في 2016 و2017. وأنا حاليا أترأس لجنة العضوية (2017-2018).

كما أنني عضو في "الرابطة اللبنانية لسيدات الأعمال" (Lebanese League of Women in Business – LLWB)،وفي جمعية الخريجين في "الجامعة اللبنانية الأميركية" (LAU – Lebanese American University)، فرع جبيل. ومؤخرا، أصبحت عضوا في حزب "سبعة" السياسي، الجديد والمستقل.

أما خلفيتي الأكاديمية، فهي في الأعمال التجارية، والتسويق، والإدارة، والاقتصاد، اذ حصلت على إجازة (1998) وماجستير (2002) في إدارة الأعمال من "الجامعة اللبنانية الأميركية" (LAU – Lebanese American University) في جبيل.

أخبرينا عن جمعية "CHREEK" وعن أبرز أهدافها.

تهدف "CHREEK – Capital Human Recycling Environmental Economic Kit"– أي "الشريك" في اللغة العربية - الى خلق أنماط من الشراكة لتحقيق نتائج اجتماعية وبيئية واقتصادية إيجابية. وبعبارة أخرى، تهتم الجمعية بالمشاريع البيئية، بهدف خلق فرص عمل لمدمني المخدرات السابقين، والسجناء السابقين، والنساء اللواتي يفتقدن الى المهارات. كما تركز على الأشخاص الإيجابيين، والأفكار الإيجابية، والمنظمات غير الحكومية، والشركات، والجامعات، والمدارس، والبلديات، من أجل تحقيق التغيير الإيجابي الإبداعي في لبنان والشرق الأوسط.

ومن أهم أهدافها:

أولا، خلق المشاريع البيئية؛ وينصبّ التركيز الرئيسي على أنظمة إعادة التدوير، والغاز الحيوي، والطاقة المتجددة، ومشاريعنا موجهة بشكل خاص نحو الاحتياجات البيئية للدولة، التي وصلت إلى مستوى خطير جدا من التلوث والضرر. وبالتالي نسعى الى ووضع الخطط، لتحويل الاستثمار نحو هذه المشاريع، بهدف تحقيق المنفعة العامة، وإثبات أنه بإمكان المستثمرين كسب الأرباح عن طريق فعل الخير للناس وإفادة البيئة.

ثانيا، خلق فرص العمل؛ فنحن نقوم بتدريب مدمني المخدرات السابقين، والسجناء السابقين، والنساء اللواتي يفتقدن الى المهارات، والشباب الأقل حظا، على مهارات مهنية وحرفية محددة، لتلبية الطلب في السوق المحلية. ومن خلال شبكة المنظمات التي أنشأناها، نساعد في توظيف هؤلاء الأشخاص.

ثالثا، ترقية المواهب وتطويرها والاستثمار فيها. فنحن نبحث عن المواهب الشابة بين المجتمعات المحرومة، ونسعى الى ترقية هذه المواهب وتطويرها، كما نستثمر خبراتنا ومعرفتنا وشبكتنا فيها، بهدف حثّها على خلق المشاريع المبتكرة والجديدة.

ما هي الصعوبات التي تواجهك في مسيرتك المهنية؟

خلال مسيرتي في القطاعين العام والخاص، واجهت بعض الصعوبات في البداية، في التعامل مع الاختلافات الثقافية، بالإضافة الى التفاوض وإدارة النزاعات، لكنني لطالما وجدت طريقة ناجحة لتخطي تلك الصعوبات.

وماذا عن صفاتك كسيدة عاملة؟

ما ساعدني على الوصول في المسيرتين، هو ايمان الناس بي وبقدراتي وطموحاتي، بالإضافة الى ايمان "بنك عوده" بمهاراتي.

كما حصلت على الدعم من عدد كبير من الأشخاص المسؤولين عني في المراكز التي شغلتها.

وأنا أشعر دائما أنني ألعب دور المرشدة والمدربة، لأن مدرائي لعبوا هذا الدور معي، لذلك تعلمت كيف ألعبه بنفسي مع الأشخاص الذين أتعامل معهم.

بالإضافة الى ذلك، أركز على الخدمة القيادية (service leadership) في عملي، وأهتم بخدمة الناس، أكان من ناحية عملي مع "بنك عوده"، أو خدمة الأصدقاء أو المجتمع.

ولا بد من الاشارة الى أن المثابرة، والجدية في العمل، والطموح، والروح الايجابية، هي عوامل ضرورية لضمان النجاح والتقدم.

ما هي مشاريعك وتطلعاتك المستقبلية؟

أحاول أن أجمع ما بين خبرتي في القطاع المصرفي وخبرتي في الجمعيات، بهدف خلق أو تطوير شبكة واسعة لدعم أصحاب المشاريع الاجتماعية (Social Entrepreneurs)، أي الأشخاص الذين يخلقون شركات صغيرة أو متوسطة الحجم ذات هدف اجتماعي.

فهؤلاء الأشخاص لديهم شركات اجتماعية (Social Businesses)، تجني الأرباح، وليس فقط جمعيات، وبالتالي يتم تخصيص جزءا من هذه الأرباح لتطوير جوانب من المجتمع. وقد بدأت في هذا العمل من خلال جمعية"CHREEK".

ومنذ أوائل هذا العام، شاركت في تأسيس حزب "سبعة Sabaa". "سبعة" هي الحزب الجديد الواسع في لبنان، المنصة الحقيقيّة الوحيدة الوطنية والعابرة للطوائف، لتنظيم مشاركة المواطنين في الشأن العام وخلق قيادات جديدة... بالمفهوم العالمي للأحزاب.

"سبعة" ليست مبادرة يتيمة أو مبتدئة. "سبعة" مشروع سياسي جدّي وطموح على الساحة السياسية اللبنانية اليوم. وهدفنا ان تصبح "سبعة" أكبر حزب سياسي على مساحة الوطن. "سبعة" هي المنصة السياسية التي كان يفتقدها الشعب اللبناني، وجسر عبور للبنان الجديد. وأعضاء "سبعة" هم من جميع الطبقات والمذاهب والأجيال والمناطق.

وأنا حاليا نائبة ظل في المتن الشمالي، وممثلة عن قضاء المتن في حزب "سبعة". أسعى الى الترشح للانتخابات النيابية، في المستقبل القريب، عن المقعد الروم الأرثوذكس في المتن الشمالي. برنامجي الانتخابي سوف يكون مبنيا على دراسة الواقع في المنطقة وعلى حاجات المواطنين، والتركيز على المواضيع المتعلقة بالبيئة وإدارة النفايات، بالإضافة الى دعم أصحاب المشاريع الاجتماعية والشركات الصغيرة والمتوسطة الريادية.

كما أتمنى الوصول الى منصب عضو مجلس إدارة في عدد من الشركات الكبرى في لبنان أو في الخارج.

كيف تمكنت من التنسيق بين حياتك الخاصة وعملك في القطاعين العام والخاص؟

التنسيق هو ثمرة تنظيم الوقت وتحديد الأولويات، وبهذه الطريقة أركز على أعمالي، وأهتم في الوقت ذاته بالعائلة والأصدقاء، وأقضي الوقت المفيد معهم.

كيف تقيمين وضع المرأة في لبنان اليوم؟

هناك بعض القوانين التي يجب العمل على تحسينها من أجل تسهيل حياة المرأة أكثر، مثل قانون الجنسية، والعنف الأسري، وغيرها.

وأنا أعتقد شخصيا أن ضعف إيمان المرأة بنفسها قد يعرقلها في بعض الأحيان؛ فعندما تفتقد الى الثقة بالنفس، لن تعود قادرة على التواجد في مركز القرار.

ماذا عن دور الرجل في لبنان بشكل عام وفي مسيرتك المهنية بشكل خاص؟

دور الرجل في لبنان مهم جدا، خاصة عندما يؤمن بدور المرأة، ويفتح أمامها أبواب الفرص لتتواجد في مراكز القرار.

أما في مسيرتي المهنية، فدوره أساس وسيبقى كذلك، لأنه عندما يؤمن بعملي وبشخصيتي، ويقدم لي كل الدعم اللازم، سأتقدم وأصل الى أهدافي بشكل أسرع.

ما هي نصيحة مارغريت جباره الى المرأة؟

أنصح المرأة أولا أن تهتم بالتنمية الذاتية، وتتعرف الى نقاط قوتها وضعفها، وتركز على نقاط القوة، وتعمل على تحسين نقاط الضعف.

ثانيا، عليها أن تجد السلام الداخلي، اذ لا يمكن تحقيق أي هدف أو أي طموح أو أي حلم، دون أن يتحلى الانسان بالروح الايجابية والسلام الداخلي.

ثالثا، يجب أن تفرض المرأة نفسها دائما، لكي تكون واثقة بقدرتها على الوصول الى مراكز القرار.

رابعا، يجب أن تتذكر المرأة دائما أنها تشكل نصف المجتمع أو حتى أكثر.