خاص ــ الإقتصاد

لم يترك أحد المطلوبين للعدالة بموجب مذكرات توقيف وبلاغات بحث وتحري، وسيلة الا واستخدمها للحصول على مبالغ مالية طائلة، من صاحب أحد الفنادق في جبل ​لبنان​، مستعيناً بوثائق مزورة تفيد بأنه مدير أعمال كبار الأمراء السعوديين، وموظف في الأمم المتحدة، وشريك في شراء وبيع أسهم البورصة في العالم والإكتتاب في سندات خزينة مزعومة لدى مصارف لبنانية، مستعيناً بشريك سهّل له هذا الدور، وساعده في تنفيذ عملياته الاحتيالية والتخفّي عن العدالة.

فصول هذه القضية، بدأت تتكشّف مع تقدّم المدعي "أنطوان. خ" بشكوى جزائية أمام النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان، ضدّ المتهمين "كامل. ق" و"محمد. م"، عرض فيها أنهما حضرا الى الفندق الذي يملكه، وانتحلا صفة رجلي أعمال وأقاما في الفندق وترتب عليهما مبالغ مالية لم يدفعاها، وهما تمكنا عن طريق المناروات الاحتيالية، وعن طريق تزوير المستندات التي عرضاها عليه من الاستيلاء على أمواله، بعدما أوهما بأن "كامل" هو مدير أعمال أحد أكبر الأمراء السعوديين في لبنان، وهما يقومان معاً بجميع النشاطات المالية العائدة للأمير في لبنان وخارجه، من توطين للأسهم وبيعها لمصلحته ولمصلحة أمراء نافذين في العائلة الحاكمة وفي دول العالم وفي البنوك اللبنانية.

الشكوى نفسها تضمنت وقائع تفيد بأن المتهمين المذكورين، قاما بتزوير أوراق مزعوم صدورها عن مصرف لبنان، وعن إحدى أكبر الشركات المالية وعن وزراتي الداخلية والمال في لبنان وعن البورصة، وأقعنا المدعي بصحة تلك المستندات فدفع لهما مبالغ مالية فاقت الـ150 ألف دولار أميركي، قبل أن يكتشف أن تلك المستندات والأختام مزورة ولا قيمة مالية لها.

بناء على هذا الإدعاء أحضر المتهم "كامل. ق" الى التحقيق، فأنكر ما نسب اليه، وأفاد بأن علاقة صداقة تربطه بالمدعو "محمد. م"، وأنه كان يتردد بالفعل الى الفندق الذي يملكه المدعي "أنطوان. خ" ويقيم في غرفة بالفندق مستأجرة من قبل صديقه "محمد" ، وأقرّ أنه التقى بالمدعي مرات عدة وأخبره الأخير بوجود حسابات مالية بينه وبين "محمد. م" فوعده "كامل" بأنه سيتدخل لحلّ الموضوع، كما أخبره بأنه يعمل في البورصة الدولية، بحيث يشتري الأسهم ويبيعها منذ العام 1978، وأقرّ بأنه عرّف عن نفسه بأنه رجل أعمال، وأنه موظّف في الأمم المتحدة ومكتبه في فيينا وأبرز ورقة بذلك، وليست لديه مهمة محددة في الأمم المتحدة، لكنه نفى أن يكون سرق أي مبلغ مالي من صاحب الفندق.

بالاضافة الى كلّ هذه المراتب التي قدّم نفسه بها، إعترف "كامل. ق" أمام المحققين، أنه موقوف سابقاً بجرم مخدرات وتوجد بلاغات بحث وتحر بحقه قديمة، مصرّاً على أنه موظف في الأمم االمتحدة، ومسجّل تحت الرقم (63) بمعرفة وزارة العدل، وإعترف بأن الورقة المرفقة في الملف الصادرة وزارة المالية ــ مديرية المالية العامة ــ الواردات وضريبة الدخل ومن محافظة بيروت، عائدة له، لكنه لا يعرف من زوّر اسمه ووضع اسم "كامل . ج" عليها بدلاً من "كامل. ق"، مؤكداً في الوقت نفسه أنه كان له أسهم في أحد المصارف اللبنانية حتى العام 2004، الذي كان مديره "محمد. م"، وأنه طلب براءة ذمة من الأخير، عندما أبلغه بأنه ملاحق بقضية في أبو ظبي، وبالفعل أنهى "محمد" كل معاملات "كامل" في المصرف المذكور، بعدما علم الأخير بوجود مذكرة توقيف غيابية بحقه، فإضطر للتخفي والإقامة في فندق المدعي.

التنكر للجرائم المذكورة لم تقتصر على "كامل" فقط، إذ نفى "محمد. م" ما نسب اليه، وأكد أنه استأجر الغرفة في الفندق ليستعملها المتهم "كامل" لأنه ملاحق من القضاء، وكان يتردد اليه من فترة الى أخرى لتأمين حاجياته، وخلال وجوده في الفندق إدعى "كامل" أنه رجل أعمال سعودي، وأنه يقوم بنشاطات مالية لمصلحته من توطين أسهم وبيعها حول العالم، ولبعض الأمراء السعوديين، ومنها البنوك اللبنانية، وأنه طلب أموالاً من صاحب الفندق لمروره بضائقة مالية، الى أن وصل مجموع ما أخذه 140 ألف دولار.

محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي هنري خوري، حاكمت المتهمين، وإعتبرت في حيثيات الحكم الذي أصدرته في هذه القضية، أنه من الثابت أن "كامل. ق" و"محمد. م" تمكنا عبر المناورات الاحتيالية والعروض الكاذبة والمستندات والأختام المزورة، وتبادل الأدوار من إيهام المدعي "أنطوان. خ"، بأنهما يعملان في مجال البورصة لصالح أحد أكبر الأمراء السعوديين، وأطلعاه على مستندات رسمية وغير رسمية مزورة، وعلى أختام مقلدة طالبين منه المال من أجل الاستحصال على الأسهم والسندات من المصارف، الى أن انطلت المناورات على المدعي الذي سلّم المتهم "محمد. م" مبلغ 154 ألف دولار، حيث استوليا على هذا المبلغ ومن ثمّ تخلفا عن دفع ما يتوجب عليهما.

ووتحدث الحكم عن أدلة تثبت حصول المتهمين على مستندات مزورة وقرارات قضائية ومستندات مزعوم صدورها عن مصرف لبنان وسندات وصكوك وأسهم مزعوم صدورها عن مصارف خاصة، وعن وزارة العدل وأختام مقلدة بعضها صادر عن الأمم المتحدة، وعندما تمت مواجهتهما بالمستندات والوثائق المزورة بدأ كل منهما يلقي اللوم على الآخر، مدعياً أنه لا يعرف شيئاً عن تلك المستندات، كما جاءت أقوالهما متناقضة في مراحل التحقيقات الأولية والاستنطاقية وخلال المحاكمة العلنية.

وقضت المحكمة برئاسة القاضي هنري خوري، بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بحق "كامل. ق" مدة أربع سنوات، وانزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بحق "محمد. م" لمدة سبع سنوات ، والزامهما بالتكافل والتضامن في ما بينهما بأن يدفعا للمدعي "أنطوان. خ" مبلغ 154 ألف دولار، بالاضافة الى مبلغ 20 مليون ليرة كتعويض بدل عطل وضرر للمدعي.