عادة ما نسمع الهيئات الإقتصادية تدعو في كل مناسبة رجال الأعمال في لبنان للإستفادة من فرصة الحصول على تراخيص إمتياز لعلامات تجارية عالمية، بغية تحفيز اللبنانيين على الإستثمار في بلدهم.. ولكن قلّما نشهد أشخاصا في لبنان تخلوا عن هذه الإستراتيجية ليرسموا لأنفسهم مساراً خاصاً بهم، ويؤسسوا علامتهم التجارية المحلية من بلدهم وينطلقوا منها للخارج..

عندها لا تُعتبر فقط قصة نجاح علامة تجارية لبنانية بل أيضاً إحتفالاً بروح المواطن اللبناني الذي لا يستسلم ويتحلى بروح المغامرة والصبر على أحلك الظروف الإقتصادية والأمنية.

شخصيتنا اليوم تتحدث عن رجل لبناني تخلّى عن منصبه في شركة مرموقة في السعودية ليعود إلى وطنه في زمن يتزاحم فيه اللبنانيون على أبواب السفارات طالبين الهجرة ..

أما هو وحتى بعد عودته إلى وطنه، تخلى عن منصبه كمدير شركة "فولكس فاغن" في لبنان ليؤسس مشروعه الخاص مع عقيلته، فهما يشكلان سوياً فريقاً متكاملاً تمكن من تحويل متجر بسيط إلى علامة تجارية تضم عدة متاجر متواجدة في أبرز المجمعات التجارية في لبنان.

ولنتعرف أكثر عن هذه الشخصية النموذجية كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "Candy Cool" وسام سلامة الذي شاركنا أبرز حقبات حياته المهنية وحلمه بتحويل متاجره إلى المحطة الرئيسية لـ"Candies" في لبنان.

-هل لك أن تشرح لنا عن مسيرتك الأكاديمية وكيف ساهمت في بلورة حياتك المهنية في لبنان والخارج؟

تخصصت في مجال إدارة الأعمال في جامعة "NDU"، وعملت في عدّة شركات في لبنان. في العام 2003 سنحت لي الفرصة أن أتجه إلى السعودية، وفي جدّة عُدت لأتدرّج أولى خطوات السُلّم الوظيفي، بعد أن كنت مديراً في وظيفتي في لبنان، ولكني كنت مدركاً أن هذه التجربة تستحق التضحية، وكنت على دراية بأن الإيجابيات تفوق السلبيات.

عملت في السعودية حتى العام 2011، وشهدت مسيرتي المهنية تطوراً ملحوظاً إلى أن أصبحت المدير العام لمشروع مشترك سعودي- فرنسي.

خلال عملي في السعودية بدأت بالعمل في مجال التعبئة والتغليف "packaging" وبعد فترة، سنحت لي الفرصة ضمن الشركة نفسها، أن أؤسس أول مصنع عربي ضخم لصناعة نكهة الطعام "Food Flavor".

قررت من بعدها أن أعود إلى لبنان، علماً أن الجميع في العام 2011 كان يسعى للهجرة  من البلد خاصة مع بزوغ بدايات الحرب السورية، ولكني على الصعيد الشخصي إعتبرت إني إن لم أعود إلى لبنان حالاً لن أعود أبداً، لذا قررت أن أخوض هذه المجازفة.

وفور عودتي تسلمت منصب مدير عام شركة "فولكس فاغن" في بيروت. وبعد 3 أعوام تغيّر مسار حياتي المهنية بشكل كُليّ.

إذ كان عملي السابق في السعودية يتطلب مني السفر بشكل دوري، وكنت أزور عدة بلدان أوروبية ولاحظت حينها وجود ظاهرة محلات الحلوى "Candy Shops" التي لم أجدها في لبنان بشكل رسمي.

وكانت هذه المحَال تلفت نظري أنا وزوجتي رغم سننا، لذا قررنا سوياً أن نُطبق هذا المفهوم في لبنان بشكل محترف.

وبالتالي في نهاية العام 2013 أسسنا متجراً في منطقة الفنار حمل إسم "Candy Cool" ، وإستلمت زوجتي "السيدة بولين" تطوير المفهوم من الألف إلى الياء، ولاحظنا بعدها الإقبال الشديد على هذا النوع من المتاجر، بعد أن أضافت زوجتي لمستها الخاصة على الفكرة.

مع الوقت تطوّر نشاطنا، فأصبحنا نقوم أيضاً بإبتكار أفكار جديدة تليق للحفلات العائلية والعاطفية وغيرها، شرط أن تكون كل الفكرة مبنية من الحلوى بشكل حصري.

لاحظنا أن عملنا بات أكبر من أن ينحصر في متجر صغير، لذا قررنا أن نطوّر أنفسنا ونتواجد في الأسواق بشكل موسّع وفي أكثر من رقعة جغرافية في لبنان.

-إلى أي مدى تعتبر أن هذا القرار كان محفوفاً بالمخاطر خاصة أنك كنت تستلم منصباً مرموقاً في شركة عالمية؟

لا شك أن قرار تأسيس مشروعي الخاص مع زوجتي لم يخلو من المخاطرة، ولكني لاحظت أن زملائي في السعودية لا زالوا يعملون هناكوبات من الصعب عليهم العودة للوطن مع تزايد حدّة التوتر في المنطقة.

من جهة أخرى، لم يكن القرار سهلاً خاصة أن منصبي كمدير في شركة عملاقة كـ"فولكس فاغن" كان ممتازاً من حيث الراتب الشهري، الحوافز والخدمات الإضافية (كالتأمين، سهولة السفر وغيرهما).

-هل إيمانك برؤيتكم كان كافياً لإتخاذ قرار كهذا؟

لا شك أني أتشارك مع زوجتي صفة حبّ المجازفة، وتمكنت بولين من أن تثبت للجميع أن هذا المجال يستحق المغامرة. فعندما كنّا في متجرنا الصغير لاحظنا أن الزبائن تقصدنا من أماكن بعيدة، وعزمنا حينها على تطوير نشاطنا.

برأيي لكي ينجح الإنسان في عمله عليه أن يطبّق فكرة جديدة في السوق ويسعى لتحديثها دورياً لتواكب متطلبات السوق.

-كيف تواجهون المنافسة؟

في بداية مشوارنا في هذا المجال شكّلت المنافسة أحد أبرز عناصر التحديات التي واجهناها، أما اليوم فيمكنني أن أعتبر وبكل تواضع أن المنافسة لم تعد موجودة تقريباً، فلدينا حتى الساعة 6 متاجر ونضع اللمسات الأخيرة على متجرين آخرين. كما أن جميع متاجرنا تتمركز في أهم المجمعات التجارية في لبنان، وتحوّل متجرنا الأول الصغير إلى مركزاً إدارياً للشركة.

-ماذا يميّز "Candy Cool" في السوق عن الشركات الأخرى؟

برأيي على الإنسان أن يعمل إما ضمن متجر صغير، أو أن يعتمد على مستويات عالمية، فلا يمكنه ان يرزح في الوسط بين العادية والإحترافية، إنطلاقاً من هذه القناعة، عوضاً عن إستعانتا بـFranchise من الخارج قررنا تأسيس مفهومنا الخاص لمتاجر الحلوى ضمن معايير عالمية وجعلناه يتناسب مع الذوق اللبناني ومتطلبات السوق المحلي.

أما على سبيل البضائع، فكل بضائعنا أوروبية، رغم انه عادة ما تتطلع أي شركة ناشئة لتخفيض التكاليف في البداية لزيادة الأرباح فتلجأ للبضائع الأقل جودة للأسف، ولكننا قررنا ألا نعتمد هذه الإستراتيجية التي لم ولن نعتبرها مُجدية. لذا ومن الطبيعي أن أسعارنا في البداية كانت مرتفعة، ولكننا قررنا أن يكون تركيزنا الأكبر والأول على الجودة، خاصة أننا نعمل في مجال الغذاء ولا تساهل في هذا الموضوع، علماً أن بعض المنافسين كانوا يتجهوا للإستعانة ببضائع مكسيكسة، صينية وغيرها.

وإذا نظرنا للسوق من منظار أوسع للحظنا أنه عند تأسيس "Candy Cool" كان هناك 3 منافسين، منهم شركة كويتية إنسحبت من السوق اللبناني بعد فترة من وجودنا.

كذلك نولّي أهمية كبرى في الشركة لتدريب الموظفين لكي يتحلوا بأفضل مستويات خدمة الزبائن. ونضع أرقام هواتفنا الشخصية بمتناول الجميع، بحيث يتمكن كل زبون من التواصل مباشرة مع زوجتي أو معي.

-كيف تمكنتم من إثبات أنفسكم في السوق لتؤمن بقدراتكم مجمعات تجارية ضخمة ؟

بالطبع هذه المرحلة لم تكن سهلة، فعلى سبيل المثال، قضينا حوالي 7 أشهر من المشاورات والنقاشات مع مجمع تجاري مهم في لبنان في العام 2015، ومنذ 6 أشهر فقط إتصلوا بنا ليعبروا عن رغبتهم بالتعاون معنا. أي بعد عامين بالتحديد وهذا بعد أن إطلعوا إلى المعايير التي تتبعها متاجرنا، فكانوا يعتقدون أننا مثل أي متجر صغير يتطلع لإستقطاب عدد كبير من الزبائن فقط، ولكننا تمكنّا من أن نثبت لهم أننا قادرين على إحداث فرق في السوق.

-ما هي الصعوبات التي واجهت مسيرتكم في "Candy Cool" ؟

للأسف يفتقر بلدنا للإستقرار الأمني والإقتصادي، وبالطبع هذا عنصر مؤثر جداً في مجال عملنا الذي يُعتبر من الكماليات بالنسبة للزبون. فأي خبر يُثير رعب المستهلكين من التوجه لأي مجمع تجاري يؤثر بشكل كبير على نشاط عملنا.

بالإضافة إلى الوضع الإقتصادي الرديء الذي نواجهه في لبنان، فنحن في نهاية المطاف لا نبيع النفط أو القمح.. وهذا التحدي نواجهه يومياً ولكن حتى الآن نحن قادرين على تحمّل هذه الضغوطات والعوامل الخارجية. وصبرنا هذا نتج عن مراقبتنا لوضع زبون الـ"Candy Cool" الذي سرعان ما يتحول إلى أحد أفراد أسرتنا في الشركة.

-هل ستشهد "Candy Cool" مشاريع توسعية خارج لبنان على المدى القريب؟

بالطبع، ولكننا عدنا إلى وطننا لأننا نؤمن أن على كل لبناني أن يعطي موطنه حقّه بكل ما إستطاع من جهود وطاقات بشرية، فليس بالضرورة أن يكون معه إستثمارات طائلة لتأسيس مشروع في بلده، فنحن من الأشخاص التي بنت أنفسها بأنفسها.. وإذا غادر الجميع من وطنه فمن سيبقى في لبنان؟؟

كما أننا نمشي عكس التيار، ففي زمن يطمح فيه العديد للعمل في بلد كالسعودية مثلاً قررت أن أعود لوطني، وبينما يسعى البعض الآخر للإستعانة بعلامات تجارية من الخارج قررت أن أؤسس إسماً من لبنان وعلامة تجارية محلية ومنها إنطلق للعالم.

أن مؤمن أنه بإمكاننا تحقيق الكثير، فالبلاد الأخرى ليست أفضل منا بأي شيء، وبإمكاننا أن نكون أفضل منهم إذا رتّبنا أولوياتنا.

لا شك أننا نتطلع لتأسيس مشاريع توسعية في الخارج ولكننا نعمل في هذه المرحلة على توطيد أُسسنا في لبنان لكي نتمكن من تغطية مساحة أكبر في السوق اللبناني. متاجرنا متواجدة في "Le Mall" ، "City Mall"، "The Spot"، "Carrefour"، ونعمل حالياً بشكل رسمي لنتواجد في مجمعين تجاريين آخريين في لبنان. كما أننا حجزنا مكاناً لنا في "Le Mall" جبيل الذي سيفتح أبوابه بعد عام ونصف، و "The Spot" في مدينة صور الذي سيتم إفتتاحه بعد عامين، وفي زحلة أيضاً بعد عام ونصف.

هدفنا التواجد في المراكز التجارية الكبرى في المدن، وأن نتمكن بعد حين من إعطاء "Franchise" داخل لبنان في المناطق البعيدة، لنتوسع من بعدها للدول العربية.

ولكن رسالتنا الأسمى أن يمثل "Candy Cool" المحطة الرئيسية للـCandies في لبنان على المدى القريب والمتوسط، ونعمل بكل جهودنا لتحقيق متطلبات هذا الهدف.