خاص ــ الاقتصاد

في كلّ دولة من دول العالم، يسطع نجم اللبنانيين الذين يعملون فيها، فيسجلون نجاحات باهرة في القطاعات التي يخوضون غمارها، لكنّ هذا النجاح غالباً ما يدفع ضريبة غالية، إما إخفاقات أو خسائر ناجمة ربما عن رهانات خاطئة، والمثال هذا ينطبق على "ن. ع" التي تعمل في مجال البناء الهندسي والمقاولات في دولة الامارات العربية المتحدة، حيث جمعتها هناك صداقة بمواطنها اللبناني "م. س"، البارع أيضاً في أعمال التعهدات و​تنظيم الحفلات​ والمهرجانات والأعراس، فاستغلّا صداقتهما بتأسيس مشروع تجاري مخصص لتنظيم الحفلات وتجهيزها في إمارة دبي، لكنه هذا المشروع سرعان أسس خلافاً عميقاً بين الطرفين، إنتهما بهما أمام المحاكم.

فقد أفادت المهندسة "ن. ع" في شكوى قضائية تقدمت بها ضدّ "م. س"، أنها اتفقت مع الأخير على تأسيس مشروع يقوم على انشاء شركة تعنى بتنظيم المعارض وادارتها وتنظيم الحفلات والمؤتمرت وتأمين وتجهيز المعدات العائدة لها، وبالفعل تأسست الشركة بين شقيقتها "ل" والمدعى عليه "م. س"، الذي تفرّغ عن 20 بالمئة من رأس مال شركته الخاصة لصالحها، وقبض لقاء ذلك مبلغ مليون دولار على سبيل تقديمات نقدية إضافية في الشركة، زاعماً أن المبلغ المذكور مخصص لشراء معدات وتجهيزات بهدف تأمين مستلزمات العمل، فاستجابت لطلبه وسددت المبلغ المطلوب منها بموجب شكين مصرفيين لأمر المدعى عليه، قيمة كل منهما 500 ألف دولار أميركي.

ما إن قبض المدعى عليه المبلغ (بحسب ما ورد في االشكوى)، حتى تمنّع عن شراء المعدات والتجهيزات التي جرى الاتفاق عليها، ولم يقم بتوظيف المبلغ في أصول الشركة ولم يتم ايداعه في ميزانيتها، كما يفرض القانون ولا في حسابها، بل استعمله لغير الغاية المخصص لها، وأودعه في حسابه المصرفي الخاص، وأوضحت المهندسة المذكورة، أن المدعى عليه تولى ادارة الشركة طيلة فترة سنتين ونصف بعد تأسيسها، ممتنعاً عن مسك دفاترها التجارية وحساباتها وفقاً للأصول، وعن إعداد أي ميزانية تبين الربح والخسارة، بينما قام بتوزيع الأرباح إعتباطياً.

بناء على هذه الشكوى، أخضع المدعى عليه للتحقيق الأولي، فأوضح أنه يعمل منذ العام 1994 في مجال تعهّد الحفلات والأعراس وتركيب الصوت والانارة والديكور، وأنه ذو شهرة واسعة في هذا المجال، وعلى معرفة بالمدعية قبل عشرين عاماً وتربطه بها علاقة صداقة، ومنذ عشر سنوات أخذت تطلب منه وتلحّ عليه أن يشاركها في مجال عمله في دولة الامارات، فلم يوافق في باديء الأمر، لكنه في الثاني من آذار 2014، قام بتأسيس شركة لتنظيم المعارض مع شقيقتها "ل"، وفي 17 أيلول 2014 تفرّغ عن حصة من شركته بنسبة 20 بالمئة للمدعية، وقد تمّ تنظيم اتفاق بينهما في محكمة الامارات التجارية، على أن يكون هو المدير العام للشركة، واستلم من والد المدعية شيكين كل منهما بقيمة 500 ألأف ددولار، وهذا المبلغ هو ثمن اسمه وسمعته وعلاقته، والا لكانت المدعية أسست الشركة بمفردها مع شقيقتها دون الحاجة اليه.

ولدى الوسع بالتحقيق مع "م. س" أمام الفرزة القضائية في بيروت، أفاد أن المدعية سألته عن المبلغ المالي الذي يجب أن تعطيه أياه ليشاركها في انشاء شركة في دولة الامارات، فأخبرها أن شركته تساوي خمسة ملايين دولار، وبامكانها أن تدخل شريكة معه بنسبة 10 بالمئة، على أن تسدد 500 ألأف دولار لكنها رفضت، وطلبت أن تشاركة بـ50 بالمئة من الشركة، أي بما يعادل مليونين ونصف المليون دولار، فرفض ذلك، ثم اتفقا على أن تكون شريكة بنسبة 20 بالمئة، ودفعت له لقاء ذلك الشكين المشار اليهما. وقد تم فتح حساب باسم الشركة في دبي، وأنكر المدعى عليه اقدامه على الاحتيال.

قاضي التحقيق في بيروت، اعتبر في قرار ظني أصدره في هذه القضية، أن المدعى عليه ذو خبرة واسعة في مجال تنظيم المهرجانات والحفلات، وأنه اتفق مع المدعى عليها على تأسيس شركة في دبي للقيام بهذه الأعمال وتحقيق الأرباح، فجرى تخمين كلفة مشروع الشركة بخمسة ملايين دولار، استلم المدعي عليه مبلغ مليون دولار بغية ادخال المدعية كشريك بحصة تقدر بـ20 بالمئة، وجرى اعطاءها الحصة، وتأسيساً على ذلك لم يثبت من التحقيقات أن المدعى عليه استولى على أموال المدعية احتيالاً، ما يستدعي منع المحاكمة عنه لجهة الجنحة المنصوص عنها في المادة 655 عقوبات، وحفظ أوراق الدعوى وتديك المدعية النفقات القانونية. لكن النيابة العامة في بيروت، استأنفت القرار، وطلبت فسخه والظن بالمدعى عليه بجنحة المادة 655 عقوبات، لثبوت استيلائه احتيالاً على أموال المدعية..