لمدّة 15 عام وبفضل التجاذبات السياسية والمحاصصة الطائفية تم إيقاف العمل بهيئة هامة، أقلّة للشعب اللبناني وإقتصاد هذا البلد الذي بات مهزوزاً ، تدعى المجلس الإقتصادي الإجتماعي، وهي الجهة التي من المفترض أن تقوم الدولة بإستشارتها فيما يخص القرارات الإقتصادية والإجتماعية المتخذة بين أروقة مجلس الوزراء، ومؤخراً تم البت بإعادة إحياء هذا المجلس بتوجيهات من رئيس الجمهوريّة ميشال عون، وبالإستناد إلى ذلك تمّ الاتفاق مع رئيس الحكومة سعد الحريري على إطلاق آلية تشكيل هيئة المجلس العامّة المؤلفة من 71 عضواً.

ولنتعرف أكثر على مهام المجلس الإقتصادي الإجتماعي، ما كان يفعله خلال مدة 15 عام، وما ستؤول إليه الأمور بعد هذه الخطوة المحفزة قام موقع "الإقتصاد" بمقابلة خاصة مع الرئيس الحالي للمجلس الإقتصادي الإجتماعي في لبنان د. ​روجيه نسناس​ الذي بيّن أن المجلس يضم العديد من الهيئات الإقتصادية والإجتماعية وجمعيات المجتمع المدني وشريحة كبيرة من أصحاب الكفاءة.

وكشف أن من مهام المجلس المذكور تفعيل الحوار والمساهمة مع الدولة بوضع السياسات الإقتصادية والإجتماعية. وأضاف "خلال السنوات الـ 17 الماضية اَمنا بالمجلس الذي تم إنشاؤه في العام 2000 وبقي فعال حتى العام 2002 فقط، وبعد ذلك أصبح منسيًا من قبل الدولة اللبنانية يعمل فيه بعض المتطوعين الذين لم يوقفوا العمل فيه، خاصةً بعد إتفاق الطائف حيث لمسنا مسؤوليتنا الكبيرة للإستمرار به ونقله إلى المرحلة التي يمكن أن يؤدي دوره فيها، إنطلاقاً من أهميته".

وأوضح نسناس أن "لدى هذا المجلس مهمة رسمية وهي معالجة الثغرات المنتشرة في القطاعات، طبعا عبر إعطاء خبرته في بعض المواضيع ومساعدة الدولة على تفكيك العقد في القطاعات الإقتصادية كافة".

وأكد أن "المجلس الإقتصادي والإجتماعي هو حاجة ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى في ظل الوضع المعيشي الصعب". وتابع "تغيير الهيكلية وتفعيل المجلس بعد 15 عام على تأسيسه كان يجب أن يتم منذ زمن، ولم يتم البت بها بسبب التجاذبات السياسية".

ورأى نسناس أن المجلس يحتاج إلى إعادة ترتيب للهيكلية الوظيفية فيه بالإضافة إلى ميزانية ملموسة. لأن ما كان يتم في السابق هو عمل تطوعي بحت من حيث الأشخاص العاملين فيه والأموال التي صرفت لتنفيذ بعض الخطط في لبنان والخارج لتسيير أعماله. وقال "بالرغم من الضعف الذي واجهه المجلس إلا أننا قمنا بالمشاركة بتفعيل المجالس الأخرى في دول عديدة عدا عن تفعيل عملنا في المجالس العالمية، وبذلك نكون قد أدينا دور مميز خارج لبنان ورسخنا العلاقات حيث تم إنتخابي كرئيس لرابطة المجالس العربية، وعلى الصعيد الداخلي قدمنا دراستين، الأولى في العام 2007 وعلى نفقتنا الخاصة قدمنا رؤية إقتصادية إجتماعية عبر سلسلة ورش عمل ما بين العمال وأرباب العمل لتقريب وجهات النظر وتسهيل التواصل ورفع مستوى التنمية، كما أطلقنا من السرايا الحكومي برنامج "نهوض لبنان نحو دولة الإنماء" لطرح عقد إجتماعي جديد لدعم المؤسسات الوسطى والصغرى، وبحثنا مع 21 إقتصادي وخبير لنتفق في نهاية المطاف على رؤية مستقبلية، وإجتمعنا مع النقابات لإسقاط البرنامج على الواقع الملموس كمسودة حوار ودارسة مواده سوياً وتعديل ما لا يتم التوافق عليه وذلك بهدف تحديد مهام المجلس المستقبلية، واَخر ورشة عمل في عهدي ستكون عن الصناعة وطريقة تفعيلها ونترقب مشاركه الجميع فيها. وبهذا نكون قد إتممنا إعدا الأرضية اللازمة لإنطلاق عمل المجلس الإقتصادي الإجتماعي".

ومن الجدير ذكره، بحسب نسناس، أن "المجلس يعمل وفق طريقتين الأولى هي تلبية إستشارة رئيس الحكومة عن موضوع معين وبالتالي يجب موافقة 51% من أعضاءه على البنود المطروحة، والطريقة الثانية هي أن يقرر المجلس من تلقاء نفسه بدراسة موضوع ما ولكنه يجب أن يحصل على موافقه ثلثي أعضاءه ولذلك نحنا قمنا بتحضير مشروع قانون تعديل اَلية عمل المجلس ليكون أكثر مرونة ليقدر أن يعمل دون عقبات مع الأخذ بعين الإعتبار عدم قدرة المجلس على أخذ الموافقة من ثلثي الأعضاء لإقرار مشروع ما، هذا ما قمنا بإعداده ونتمنى أن يقوم المجلس المقبل بالعمل به".

وختم نسناس "نتمنى التوفيق للهيئة العامة الجديدة والرئيس إيماناً مني بأهمية عمل المجلس بعد تفعيله".

إذاً ها نحنا نشهد إعادة إحياء هيئة إقتصادية إجتماعية تشمل كافة أطياف المجتمع اللبناني المتعدد في كل أوجهه، كبادرة لرؤية مستقبلية متفائلة بعض الشيء بالرغم من الأزمة الإقتصادية المرابضة عند كل أبواب القطاعات الإنتاجية لعلها تفكك ما تيسر من عقد إقتصادية – إجتماعية.