تتجه انظار العالم الى الاتحاد الاوروبي وبالتحديد الى اسبانيا التي تقف على حافة ازمة على المستوى الوطني بسبب مطالبة حكومة اقليم كتالونيا الانفصال عن الدولة الام وقيام جمهورية كتالونيا كدولة مستقلة،ووقع رئيس حكومة إقليم كتالونيا كارلس بوغديمونت والأحزاب المؤيدة للانفصال عن إسبانيا على وثيقة رمزية "لإعلان استقلال إقليم كتالونيا"، مع وقف تنفيذها، تمهيدا لحوار سياسي مع الحكومة المركزية في مدريد، ويكاد يجمع الرأي العام ان انفصال اقليم كتالونيا عن اسبانيا سيكون ذات وقع خطير ومؤلم على اسبانيا نظرا الى أن مقاطعة كتالونيا من أكثر المقاطعات تقدماً في إسبانيا وهذا الانفصال سيكون بمثابة هزة خطيرة للبلاد.

وسبق أن المحت الحكومة الإسبانية إلى احتمال استخدام المادة 155 من الدستور التي يجري بموجبها حل الحكومة في كتالونيا وتعليق امتيازات الحكم الذاتي،

ولم تستبعد مصادر اللجوء إلى قوانين أخرى قد تمهد لاعتقال رئيس الحكومة الكتالونية، هذه المعطيات وغيرها تنذر بامكانية قيام مواجهات اقتصادية واجتماعية خصوصا مع انطلاق المظاهرات الشعبية منذ بداية ظهور المشاعر الانفصالية في برشلونة ومدريد ومدن أخرى الرافضة لانفصال الاقليم الشمالي الشرقي للبلاد والمؤيدة للاتحاد ولمطالبة راخوي وبويغديمونت بالتفاوض من أجل إيجاد حل لأسوأ أزمة سياسية تعانيها إسبانيا منذ نحو أربعة عقود.

وكانت قد اعلنت السلطات الكتالونية في وقت سابق الى ان الاستفتاء الذي جرى للتصويت عن انفصال الاقليم عن اسبانيا اظهر ان حوالي 90% من الكتالونيين يؤيدون هذا الانفصال الذي شابته مداهمات الشرطة لمراكز الاقتراع بناء على أوامر بمصادرة صناديق الاقتراع.

في حين تعهد رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي بألا تسمح حكومته لكتالونيا التي تمثل خمس اقتصاد البلاد بالانفصال عن باقي البلاد، و اتخاذ أي إجراء "مسموح به قانونا" للتصدي للانفصاليين في كتالونياوان كل الخيارات مطروحة للرد على احتمال إعلان انفصال إقليم كتالونيا،، كما اعتبر وزير الخارجية الإسباني ألفونسو داستيس أن الانفصال الذي أعلنته كتالونيا مع وقف التنفيذ هو "خداع" سيؤدي إلى "مواجهات" اقتصادية واجتماعية.

وكرر الاتحاد الاوروبي دعوته للحوار في اسبانيا لانهاء ازمة الانفصال والوصول الى حلول بأسرع وقت ممكن بما يتماشى مع القانون الاسباني والحقوق الاساسية للمواطن، كما تتخوف الحكومة الاسبانية مناحتمالات التفتت وتشجيع أقاليم أخرى على الانفصال، خاصة تداعيات الانفصال على مقاطعة الباسك، التي يطالب أهلها بالانفصال منذ سنوات.

ماذا يعني انفصال اقليم كتالونيا اقتصاديا:

يتفق الراي العام العالمي على ان انفصال اقليم كاتالونيا عن اسبانيا من شأنه ان يؤدي الى ازمة في البلاد الذي يجاهد للحاقباقتصادات شمال أوروبا المتقدمةوسيؤدي الى حصول خسائر فادحة في البلاد ككل خصوصا ان اسبانيا تكبدت الكثير من الخسائر جراء ازمة اليورووالتي خرجت منها مؤخرا نتيجة جرعات الانقاذ المالي وخطوط الائتمان الذي ضخها الاتحاد الاوروبي في الاقتصاد الاسباني ومصارفه التجارية.

وتعتبر اسبانيا رابع اقتصاد في الاتحاد الأوروبي ويحتل في الترتيب العالمي الرقم 13 بين الاقتصادات المتقدمة، واشارت إحصائيات "يورو ستات " في نهاية 2016 الى ان اقتصاد اسبانيا يعاني من خدمة الدين العام المرتفع الذي يقدر بحوالى 1.18 تريليون دولار، ومعدل البطالة الكبير البالغ 17.7% وبلغ حجم الاقتصاد الاسباني 1.232 تريليون دولار، حقق نمواً بنسبة 3.2% عام 2016، كما نما بنسبة 0.7% في الربع الأول من العام الجاري.

ويتوقع اقتصاديون ان تكوين كتالونيا لدولة مستقلة سيؤدي الى الاضطراب على الصعيد الاقتصادي في اسبانيا وسيؤثر على المستثمرين الاجانب والتدفقات المالية الخارجية وبالتالي هذا الامر سيؤثر على عجلة النمو ،كما ان فقدان مدينة برشلونة عاصمة الإقليم والتي تعد من أكثر المدن جذباً للسياحة والأعمال التجارية الكبرى والبنوك العالمية، كارثة للاقتصاد الإسباني كما ستمتد الخسارة إلى الضرائب والتعرفة الجمركية ومستقبل الإقليم في الاتحاد الأوروبي.

واشار وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي غويندسالى أن "اقتصاد مقاطعة كتالونيا سيخسر من ناتجه الإجمالي نسبة تراوح بين 25 إلى 30%، كما أن البطالة ستتضاعف في المقاطعة، وتغرق مقاطعة كتالونيا في الدين حيث يقدر الدين العام للمقاطعة حوالى 86.9 مليار دولار. وفي حال انفصالها وتكوين دولة مستقلة، فإن الحكومة الإسبانية ستطالبها كذلك بتحمل ديون إضافية من إجمالي الدين العام الإسباني المقدر بحوالى 1.18 تريليون دولار حتى نهاية العام الماضي 2016، كما سيكون هنك معضلة وهو كيفية حصول اقليم كتالونيا على عضوية الاتحاد الاوروبي.