بيروت هي المدينة النابضة بصخب الحياة، ولبنان هو عنوان السهر والطعام اللذيذ، ولطالما عُرف بأنه من الدول السياحية المشهورة بحسن الضيافة وكرمها، وبالخدمات المميزة والمتنوّعة، والتي قد لا يجدها الشخص في بلدان أخرى. وفيه تجد المطاعم المحلية والعالمية ذات المستوى الممتاز، والمقاهي والحانات (pubs) الرائعة، بالاضافة طبعا الى أجمل وأرقى النوادي الليلية.

ولا شك في أن هذا المجال يجذب عددا كبيرا من المستثمرين اللبنانيين المقيمين والمغتربين، لذلك، فإن تقديم الأفكار الإبداعية يعدّ أمرا ضروريا من أجل النجاح وضمان الاستمرارية فيه.

قصتنا اليوم تدور حول رجل الأعمال اللبناني الشاب، ​أدهم بعيني​، الذي توجّهت بوصلة استثماراته نحو المطاعم والملاهي الليلية والمقاهي في لبنان والخارج، فلمع اسمه وتميز في هذا العالم الواسع.

هو ببساطة مثال للشخص الناجح في حياته، والمتميز في مشاريعه وأعماله، فأكد على مرّ السنوات، أن الاستثمار الحقيقي يكمن في الأفكار.

مؤسِس شركة "Cin Cin Services"، أدهم بعيني، خصّ "الاقتصاد" بهذه المقابلة المميّزة:

أين كانت البداية؟ وما هي المحطّات التي مررت بها حتى وصلت الى ما أنتَ عليه اليوم؟

تخصّصت في الحقوق في "جامعة الحكمة"، وخلال مرحلة الدراسة الجامعية دخلت في شراكة في النادي الليليّ "Escobar"، ومن ثم في نادٍ آخر اسمه "Nai"، وفي شركة "C Plus".

بعد ذلك، أطلقت شركة "FFactory"، وتعاونت من خلالها مع "Fashion TV Arabia"، حيث كنّا ننظّم الأحداث، والنشاطات، والمناسبات، وحملات التسويق الخاصة بالقناة في منطقة الشرق الأوسط.

في تلك الفترة أيضا، كنت شريكا في الملهى الليلي "SkyBar"، وشريكا إداريا في "B 018".

ومن ثمّ افتتحت مطعم "Mamapita" بالشراكة، في مدينة دالاس الأميركية، كما كنت شريكا في مطعم "Al Falamanki" في بيروت.

بعدها، أطلقت المطعم والملهى الليلي "Maison Blanche"، وكنت قد استلمت أيضا في تلك المرحلة، منصب المدير العام في "Fashion TV Arabia".

بعد فترة من الوقت، أسّست شركتي الخاصّة "Cin Cin Services"، الموجودة اليوم في بيروت ودبي ومصر، وهي عبارة عن "Bar Catering". وفي الوقت الذي كنت أعمل فيه على التوسّع في الشركة، افتتحت أيضا الملهى الليلي "Trainstation". ومنذ حوالي سبعة أشهر، أطلقت مطعم "Dalida Shisha Bar" في منطقة الأشرفية في بيروت.

كما أنني عضوا في نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان، للدورة الثانية على التوالي، أي منذ العام 2010.

كيف تقيّم حركة المطاعم والملاهي في لبنان خلال موسم اصطياف 2017؟ هل جاءت على قدر التوقّعات؟ وهل كانت أفضل من العام 2016؟

الحركة خلال صيف 2017، أتت مشابهة للعام الماضي، لكن المشكلة الأساس تكمن في الصرف؛ فموجودات صناديق المطاعم والملاهي الليلية تراجعت بنسبة 20% بالمقارنة مع العام 2016، والسبب يعود الى غياب ما يسمى بـ"الإنفاق الثقيل" (heavy spending).

فأولا، المواطن اللبناني لا يمتلك سيولة كبيرة، وراتبه بقي على ما هو عليه، وبالتالي ما زال يصرف كما كان يفعل في الماضي، لكنه في الوقت الحاضر خائف ومتردد أكثر.

ثانيا، اللبناني الذي يعيش ويعمل في الخليج، قد يكون قد خسر عمله، أو لم يعد يحصل على الراتب ذاته، بسبب الركود الاقتصادي القائم في البلدان الخليجية.

ثالثا، اللبناني الذي يعيش ويعمل في إفريقيا، يمرّ أيضا بفترة صعبة بسبب الركود، وبالتالي لا يصرف اليوم كما كان يفعل في الماضي.

من هنا تجدر الاشارة الى أننا شهدنا على تراجع بالصرف، أما الإقبال فكان كبيرا من ناحية العدد فقط، في حين أن المشكلة الاقتصادية تتفاقم يوما بعد يوم، بسبب غياب السيولة المادّية. وأعتقد أن المرحلة المقبلة ستكون أسوأ من سابقاتها، لأن البوادر الايجابية غائبة.

لماذا قرّرت الدخول الى مجال المطاعم؟ وما هي العوامل التي ساعدتك على التقدّم؟

شبكة علاقاتي العامة، ومراجعي، ومعارفي، واتصالاتي، هي عوامل ساعدتني في المرحلة الأولى. ولكن في الوقت الحاضر، لم يعد الأمر متعلّق بالمعارف والاتصالات، بل بتقديم المفاهيم الجديدة والمميّزة، والتركيز على نوعية الأفكار الفريدة من نوعها، والتي لا تطالها المنافسة.

فعندما أطلقت "Cin Cin"، كنت أول من يفتتح هذا النوع من الشركات في منطقة الشرق الأوسط، أما اليوم فبات هناك عددا كبيرا من الشركات المشابهة. وعندما افتتحت "Trainstation"، كان المفهوم السائد في البلاد أن النوادي الليلية الخارجية يجب أن تكون على سطوح البنايات (rooftops)، لكنني في المقابل، قدمت مفهوما جديدا "على الأرض"، وذلك من خلال افتتاح ملهى في محطة القطارات القديمة في بيروت. كما أن "Dalida Shisha Bar" هو أول مطعم يقدم مفهوم الـ"shisha bar" في لبنان.

كيف تصف نفسك اليوم كرجل أعمال؟ وما هي المقوّمات التي أسهمت في نجاحك المهني؟

الأفكار الجديدة التي أقدّمها بشكل مستمر، ساعدتني حتما على التقدّم والنجاح. أضف الى ذلك الخدمات الاحترافية والجديدة، والابتكار والإبداع في تقديم المفاهيم.

لكن وضع البلد لا يساعدنا أبدا، لهذا السبب نرى أن الحياة الليلية (nightlife) في لبنان، عمرها قصير، مما يتطلّب خلق المشاريع الجديدة على الدوام من أجل ضمان الاستمرارية.

ما هي الصعوبات الأخرى التي تواجهك؟

أهمّ الصعوبات تكمن في التقلّبات التي نعاني منها في لبنان، فالناس يعتقدون أن صاحب المطعم أو الملهى الليلي يحقق أرباحا طائلة، في حين أنهم لا يعلمون أن كلفة العمل في هذا المجال مرتفعة للغاية، والأوضاع غير المستقرة تؤثر كثيرا على الاستمرارية فيه. كما أن الموسم الضعيف (low season) بات طويلا، وموسم الذروة (high season) هو عبارة عن حوالي شهرين فقط، في حين أنه منذ 10 سنوات مثلا، كان يستمر أحيانا لحوالي ستة أشهر.

هل تعتبر اليوم أنك حققت كامل طموحاتك المهنية؟ وما هي مشاريعك المستقبلية؟

طموحاتي لا تزال كثيرة ومتعدّدة، وأنا لم أصل بعد الى منتصف الطريق. وفي الوقت الحاضر أعمل على افتتاح مقهيين، وإطلاق ثلاث تطبيقات للهواتف الذكية، متعلقة بمجال الأغذية والمشروبات والخدمات.

هل شعرت يوما بالتقصير تجاه حياتك الخاصة ووقتك الخاص بسبب انشغالك بالعمل؟

كلا، لم أشعر أبدا بأي تقصير، بل تمكّنت دائما من التنسيق، وبالتالي لم أواجه يوما أي مشكلة على هذا الصعيد.

ما هي النصيحة التي تودّ إيصالها الى جيل الشباب؟

أنصح الشباب أن يحاولوا قدر الإمكان البقاء في لبنان وعدم الهجرة، وأن يلجأوا في المرحلة الأولى من العمل الى الوظيفة، حتى ولو كانت رواتبها متدنّية.

كما أنصح كل شخص يسعى الى افتتاح مطعم أو مقهى أو ملهى ليلي، أن يعمل على اكتساب الخبرة اللازمة قبل الإقدام على هذه الخطوة، لأن كثرة المشاريع في هذا المجال، تؤدي الى فشل المطاعم الجديدة، والى إلحاق الضرر بالمطاعم القديمة بسبب العدد الهائل من المؤسسات التي تفتح أبوابها وتغلقها خلال فترة زمنية قصيرة جدا؛ وهذا الواقع الصعب للغاية، يؤثر بشكل كبير على القطاع، اذ أنه لدينا اليوم أكثر من 6000 مؤسسة في بلد حيث الحركة السياحية شبه غائبة، وعدد رواد المطاعم قليل جدا بالمقارنة مع عدد المطاعم الموجودة.