استفاد القطاع العقاري اللبناني منذ بداية عام 2017 من تحسن البيئة السياسية المحلية، حيث شهد المشهد السياسي اللبناني انتخاب رئيس جديد في تشرين الأول 2016 وتشكيل حكومة وحدة وطنية في نهاية العام الماضي، وفقاً لتقرير "بنك عوده" الأخير.

ويوضح التقرير أن ذلك "أدّى إلى ارتفاع مؤشرات سوق العقار مقارنة بالعام الماضي. على سبيل المثال، ارتفع عدد مبيعات العقارات بنسبة 14.9% في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام بعد أن كان بالكاد يرتفع في العام الماضي، وارتفع عدد المبيعات للأجانب بشكل خاص بنسبة 23.4% سنويا خلال نفس الفترة بعد انكماش عام 2016. وقد ساهم ذلك في تحقيق نمو بنسبة 17.3% في إجمالي قيمة مبيعات العقارات خلال فترة السبعة أشهر الأولى من العام الحالي وفقا للأرقام الرسمية. ويأتي الطلب على الأغلبية الساحقة من القطاع المقيم، على الرغم من أن المغتربين يسعون حتى الآن إلى الشراء كما فعلوا في عصر الازدهار. وبغض النظر عن الظروف الإقليمية غير المواتية، فإن المغتربين والأجانب تغريهم بعض فرص الشراء المربحة في الإقتصادات المتقدمة حيث وصلت الأسعار إلى أدنى مستوياتها بعد الأزمة المالية العالمية حيث لا تزال أسعار الفائدة اليوم عند مستويات منخفضة للغاية".

ولمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع رئيس نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان ​مسعد فارس​:

تشير التقارير الإقتصادية الأخيرة الى تحسن وضع القطاع العقاري مع الإستقرار الذي شهدته الساحة السياسية اللبنانية، هل هذا صحيح وكيف أثّر ذلك على الأسعار؟

لا أعتقد ان نسبة المبيعات ارتفعت كما تشير التقارير، بل إنها نسب التسجيل التي شهدت ارتفاعاً، وخاصّةً في ظل الحديث عن زيادة كلفة التسجيل نتيجة الضرائب، والحديث ينطبق أيضاً على حالات الأجانب.

إذا أظهرت بيانات الدوائر العقارية ان نسبة التسجيل قد ارتفعت فهذا لا يعني ان نسب المبيع جيّدة، بل على العكس فإنها في انخفاض بشكل متفاوت، طبعاً بحسب الأسعار. الشقق التي يبلغ سعرها أكثر من مليون ونصف المليون دولار، انخفضت نسبة مبيعها أكثر بكثير من تلك التي يتراوح سعرها بين 500 ألف ومليون دولار، اما الشقق التي يبلغ سعرها 500 ألف دولار أو أقل فانخفضت نسبة مبيعها ولكن ليس بنسب تذكر. بشكل عام القطاع كلّه يعاني من التراجع.

أما بالنسبة الى الأسعار فإنها لم تتأثر بالوضع السياسي الذي لم يؤدي الى تغير في الحالة الإقتصادية العامة في البلد، وخاصةً أن محيطنا أيضاً ليس في حالة اقتصادية جيدة. بعد انخفاض أسعار النفط، تراجعت مداخيل المغتربين في الدول العربية ما أدى الى انخفاض تحويلاتهم الى لبنان وتراجع احتمالات شرائهم للعقارات.

كيف هي المرونة في الأسعار؟

المرونة في الأسعار جيّدة جداً وخاصةً للشقق ذات السعر المرتفع، كلّما ارتفع السعر ارتفعت المرونة معه والعكس صحيح. من يريد شراء عقار اليوم فإن السوق للمشتري وليس للبائع، ويمكن الحصول على اتفاقات جيّدة.

كيف سيكون انعكاس الضرائب التي سيتم إقرارها على أسعار العقارات في لبنان؟

لنرى أولاً ما هي الضرائب. لا زلنا لا نعلم التفاصيل، ولكن سمعنا أنه لم يطرأ تغيير على بنود القطاع العقاري وهذا أمر غير جيّد لأنه سيؤدي الى ارتفاع الضغط على السوق وخاصةً في ظل الإزدواجية الضريبية.

ما هي الإقتراحات التي ترى أنها ستنعش القطاع أكثر برأيك؟

لنشهد انتعاش القطاع العقاري، يجب على الدولة اللبنانية والقطاع الخاص أن يعملوا سوياً. نحن نتواصل مع رئيس إتحاد الغرف اللبنانية ورئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير ونحضّر سوياً لورقة اقتراحات نقدّمها للحكومة ولنرى ما الذي سيحصل.

حكومات العالم تتخذ الكثير من الإجراءات لتجذب الأجانب الى قطاعها العقاري، منها منح إقامات للأجانب ومنها منح الجنسية او حتى إعفاء من الضرائب، أما في لبنان فالدولة تزيد العبء على الأجانب وعلى قطاع العقارات.

القطاع العقاري يتحمل منذ سنوات مشاكل البلد والمنطقة الواحدة تلو الأخرى ولايزال قوياً، وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على قوة المطوّر العقاري اللبناني.

الى أي مدى ساهم دعم "مصرف لبنان" باستمرار القطاع العقاري؟

دعم "مصرف لبنان" كان كبيراً وأساسياً في موضوع الشقق الصغيرة ذات الأسعار المنخفضة فهناك 100 ألف شقة تم بيعها بدعم مصرف لبنان. وقام المصرف مؤخراً برفع السقف إلى 800 مليون ليتمكن من المساعدة بشكل أكبر.