سارة عزيز، قصة جديدة من قصص نجاح المرأة العربية وتألقها. أثبتت على مرّ السنوات، أن المثابرة والإصرار، وحدهما الدافع نحو ضمان النجاح. فتسلّحت بالعزيمة وحافظت على الروح الإيجابية في كل ما تقوم به، دون أن تلتفت الى "المتشائمين الذين لا يرون من الحياة سوى ظلها"، بحسب قول الشاعر والكاتب اللبناني جبران خليل جبران.

حازت عزيز على بكالوريوس في الإعلام من جامعة "City University of Seattle"، بالإضافة إلى شهادة من جامعة "Columbia University"، في التسويق الرقمي والاتصالات: التفاعل مع الجمهور المستهدف، وسائل الإعلام الاجتماعية والتخطيط والتحليلات.

انضمت في العام 2004، إلى شركة "Bank of America Merrill Lynch"، حيث عملت لعقد كامل كان آخره تبوؤها منصب نائب الرئيس - مديرة التسويق والعلاقات العامة في منطقة الشرق الأوسط.

أما في العام 2014، فشغلت لمدة عامين، منصب رئيسة قسم التسويق والاتصالات في مصرف "Coutts" لمنطقة الشرق الأوسط، فرع دبي؛ وهو المصرف الذي يشتهر بكونه البنك المعتمد من ملكة بريطانيا والعائلة الحاكمة.

وفي العام 2016، تم تكريمها كواحدة من أفضل 50 سيدة أعمال في مجال التسويق في دول مجلس التعاون الخليجي، خلال مؤتمر "CMO Asia & World Brand".

دعونا نسرد اليوم قصة سيدة لبنانية ناجحة ورائعة؛ قصة المستشارة والخبيرة في مجال التسويق والإعلام والعلاقات العامة، سارة عزيز، التي خّصت "الاقتصاد" بهذه المقابلة المميّزة:

كيف تصفين مسيرتك المهنية الطويلة؟ هل كانت صعبة ومليئة بالعوائق؟

بالطبع كانت صعبة، خاصة أنني عملت تحت مظلّة شركتين عالميتيّن؛ وفي هذه الظروف، لا بد لنا أن نبذل جهوداً أكبر لكي نثبت أنفسنا أكثر، ونتقدم في مسيرتنا المهنية بثبات.

لكن يمكن القول إن القدر لعب دوراً هاماً في مسيرتي، خاصة لدى انخراطي في القطاع المالي، وانضمامي الى "Bank of America Merrill Lynch"؛ فقد تم توظيفي بمحض صدفة، لكن مسيرتي لم تخلُ من العقبات التي تخطيتها، فسجّلت تقدما تلو الآخر حتى أثبت جدارتي في كبريات الشركات المالية العالمية. وأنا سعيدة للغاية لتمكنّي من العمل في المجال الذي تخصصت به، أي الإعلام.

ما هو الإنجاز المهني الأكبر الذي حققته الى حدّ اليوم؟

يكمن الإنجاز الأكبر في الخطوات التي قمت بها ضمن عملي في مجال "المسؤولية الاجتماعية للشركات" (CSR).

فقد شعرت بفرح وفخر كبيرين لما قمنا به في الشركة من الناحية الإنسانية؛ والإنجاز الأكبر تحقق عندما عملنا يدا بيد مع منظمات غير ربحية، لدعم المجتمعات وتحقيق التنمية البشرية والتكافل الاجتماعي في دول عدة.

معنويا، ماذا يعني لكِ التكريم الذي حصلت عليه في العام الماضي خلال مؤتمر "CMO Asia & World Brand"؟

لقد تم تكريمي إلى جانب 49 امرأة، هنّ من أبرز المواهب في دول مجلس التعاون الخليجي، وكنت سعيدة جدا بهذا الأمر، لأن تعبي وجهدي ومثابرتي في العمل أتت بثمارها، وأنا لا أزال في مقتبل العمر، وأتطلّع للمزيد من الانجازات الإضافيّة في مسيرتي المهنيّة.

ما هي أبرز التحديات التي تواجهك في عملك؟

كان التحدي الأكبر خلال تواجدي مع شركة "ميرل لينش"، يكمن في عملي المباشر مع الفريق المتواجد في لندن والولايات المتحدة. فالفارق الزمني بين المدن جعلني أعمل حتى ساعات متأخرة من الليل، ولم تكن تكنولوجيا البريد الالكتروني المشفّر على أجهزة المحمول متوفرة عندئذ. لكن سرعان ما أصبح الأمر أسهل وأكثر متعة عند بدء اعتماد وسائل تقنية متطوّرة في مجال العمل عن بعد، من خلال أجهزة الكمبيوتر الشخصي والهاتف المحمول.

ما هي المقومات التي ساعدتك على التقدم وتحقيق النجاحات؟

اعتمدت في مسيرتي على ما يسمّى بالذكاء العاطفي (emotional intelligence). كما أنني ولدت في لندن، وعشت في مصر ولبنان، وأعتقد أن هذا التنوع الثقافي، ساعدني كثيرا على التأقلم في دول المنطقة، حيث أتعامل مع أشخاص من جنسيات وثقافات مختلفة.

من قدّم لك الدعم الأكبر في رحلتك المهنية؟

تلقيت الدعم من أشخاص عدة يعملون في الشركات التي انضممت إليها، بالإضافة طبعا إلى والدي ووالدتي وإخواني الثلاثة.

لكن الدعم الأكبر أتى من خالي السيد محمد القاضي، لأنه يعيش في دبي منذ فترة طويلة، وقد ساعدني كثيرا عندما انتقلت إلى هناك؛ فقدّم لي الدعم المعنوي، ووقف إلى جانبي، وجعلني أشعر أنني أنتمي إلى عائلة كبيرة. كما أنني سرت على خطاه في الكثير من المواقف، لأنه بمثابة مثال أعلى بالنسبة لي.

هل شعرت يوما بالتقصير تجاه عائلتك وحياتك الخاصة بسبب العمل؟

التقصير موجود أحيانا من الجهتين، أي من جهة العائلة ومن جهة العمل أيضا، فأنا أم لطفلين، وأشغل في الوقت ذاته منصباً يحتّم القيام بمهمّات كثيرة.

لكن في النهاية، يجب العمل على تحقيق التوازن من خلال تنظيم الوقت للقيام بالدورين على أفضل وجه. كما أن الشركتين العالميتين اللتين عملت فيهما، هما من الشركات التي تدعم النساء، وتساعدهنّ في مسيرة الأمومة كجزء من ثقافة العمل، واتباع أفضل الممارسات العالمية في تحفيز الموظفين وتمكينهم على المستويين المهني والشخصي.

ما هي طموحاتك وتطلعاتك المستقبلية؟

أطمح الى المزيد من التقدم في عملي، وأسعى الى التوسع بشكل أكبر على نطاق أبعد من الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

لكنني أحب أن أبقى دائما في مجالي، أي التسويق والاعلام، وأن أكون واحدة من أكبر وأهم المتخصصين في المنطقة، خاصة في الشركات المالية.

فأنا أتمنى أن أقدّم في المستقبل الاستشارات لأي مصرف أو شركة مالية تسعى الى التوسع في المنطقة.

هل لاحظت أي فرق في وضع المرأة في لبنان والبلدان الأخرى التي عشت فيها؟

يمكن القول أن وضع المرأة في لبنان تقدّم الى حد ما، لكنها لا تزال تفتقد الى بعض الحقوق بالمقارنة مع المرأة الموجودة في بلدان أخرى.

فنحن لدينا أمثلة عدة في لبنان عن نساء ناجحات، ومن ناحية أخرى، رأينا أن المرأة اللبنانية قادرة على النجاح والتميّز في الخارج لأنها متعلمة ومثقفة وأنيقة ومنظمة؛ لهذا السبب تبرع وتتألق خارج بلدها الأم.

ما هي نصيحة سارة عزيز الى المرأة؟

أنصح المرأة أن تلاحق أحلامها دائما، فعندما تتقدم في حياتها المهنية ستجد أشخاصا متشائمين يضعون العقبات في مسيرة نجاحها، لذلك لا يجب أن تتأثر بالمواقف السلبية؛ فالمرأة اللبنانية قوية وملهمة ومتألقة في لبنان والخارج.