تتجه الأنظار هذا الأسبوع نحو جلسة مجلس النواب المنتظرة للتصويت على مشروع القانون المعجل المكرر المتعلق ​بالضرائب​ والذي اقره مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة.

وكان مجلس الوزراء قد عدّل قانون الضرائب بعد الطعن به أمام المجلس الدستوري، وقد شملت التعديلات مادتين فقط، المادة الأولى تتعلق بتكليف المهن الحرّة والمصارف بالضريبة والتي إعتبر المجلس الدستوري أنه ينطوي عليها إزدواجاً ضريبياً ينقض مبدأ المساواة بين اللبنانيين، أما المادة الثانية فهي الضريبة على الأملاك البحرية، حيث لحظ المجلس الدستوري مخالفة دستوريّة في المادة 11 من القانون 45 المتعلّقة بتسوية الإشغال غير القانوني للأملاك البحريّة العموميّة، نتيجة الغموض في نص المادة الذي يفسح المجال أمام تطبيقه باستنسابيّة، تسيء إلى العدالة والمساواة.

من جهة أخرى أشارت بعض المصارد المطلعة إلى أن الأسبوع الذي سيلي الأسبوع الجاري سيكون مخصص للموازنة، حيث من المتوقع ان يتم إقرار مشروع موازنة 2017.

فهل ستحل جلسة مجلس النواب الجدل الحاصل وتحسم ملف الضرائب والسلسلة ؟ وماذا عن مشروع الموازنة ؟ وهل إقراره في الوقت الحالي مفيد ؟ وكيف سيكون تأثير السلة الضريبية الجديدة على المواطن اللبناني ؟ ... أسئلة كثيرة أجاب عنها الخبير الإقتصادي كامل وزنة في هذه المقابلة مع "الإقتصاد".

ما رأيك بالتعديلات التي قامت بها الحكومة على قانون الضرائب ؟ وهل ستحل جلسة مجلس النواب الجدل الحاصل وتحسم ملفي الضرائب والسلسلة ؟

من الواضح ان هناك إتفاق سياسي بين جميع الأفرقاء، وأغلب الأطراف كان لديهم إعتراض على إقرار السلسلة بدون الموازنة، لذلك حصل تدخل من رئاسة الجمهورية، وإتفق الجميع على ضرورة إدراج السلسلة ضمن الموازنة العامة، بالإضافة للعمل على حل مشكلة قطع الحساب ومعالجة هذا الملف.

لا شك أن هذا أمر إيجابي، حيث يمكننا القول بأنه هناك توجه للعودة إلى السكة الصحيحة في عملية الإنفاق، إذ يمكن من خلال الموازنة ان يتم تحديد النفقات والإيرادات بشكل أدقّ، بعد غياب الموازنات لأكثر من 11 سنة، ولكن هذا لا يكفي، لأننا ما نحتاج إليه فعلياً هو الإبداع في كيفية إيجاد وفر في خزينة الدولة، وإن لم نسعى لذلك فلا نكون قد اكملنا المرحلة المطلوبة، وهذا الأمر يبدأ من خلال ضبط الإنفاق، ووقف مزاريب الهدر.

بالسنبة للضرائب لا شك أن التعديلات كانت ضرورية، ولكن التأثير على المواطن البناني مازال موجوداً، خاصة ان هناك زيادات في عدد كبير من القطاعات وعلى رأسها المدارس الخاصة، والمشكلة الأكبر ليست في الضرائب بل في الزيادات التي تم إقرارها لموظفي القطاع العام من خلال السلسلة دون الإلتفات لموظفي القطاع الخاص الذين هم اكثر بكثير (يشكلون 80% من القوى العاملة)، والسؤال المطروح اليوم: متى سينتفض هؤلاء ويطالبوا برفع رواتبهم ؟ ... فنحن اليوم خلقنا خللاً في القدرة الشرائية بين القطاعين العام والخاص.

من جهة أخرى لقد اعطينا الزيادات على الرواتب في القطاع العام، ولكن هل بحثنا في المقابل الذي سيقدمه موظفي الدولة والمؤسسات الرسمية؟ هل ستصبح الإدارات منظمة بشكل أفضل ؟ وهل القطاع التعليمي سيتحسن ؟ ... وأيضاً هل بحثنا جدياً في موضوع عدد موظفي القطاع العام؟ وهل نحن بحاجة فعلاً إلى كل هذا العديد ؟ .. كل هذه النقاط يجب العمل عليها، والمطلوب هو التركيز على نوعية الموظفين في الإدارات العامة وليس كميتهم.

ما رأيك بالإتفاق على إقرار مشروع موازنة 2017 ؟ وهل إقراره في الوقت الحالي مفيد بعدما وصلنا إلى نهاية العام تقريباً؟

إقرار موازنة 2017 امر مهم رغم التأخير، فعلى الأقل سيكون لدينا موازنة لهذا العام بعد 11 عاماً من غياب الموازنات لأسباب سياسية أكثر من كونها أسباب مالية ... وبالتالي يمكن فيما بعد مقارنة مشروع موازنة 2018 الذي يجب البدء بدراسته، بالموازنة التي سبقتها. من جهة اخرى هناك قرار أيضاً بحل مشكلة قطع الحساب، حيث أعطيت وزارة المالية مهلة سنة لحل هذا الملف.

ولا شك أن الوصول إلى نهاية هذا المخاض المتعلق بالموازنة وقطع الحساب أمر مهم، ولكن المخاض الاكبر برأيي يتعلق بكيفية معالجة الدين العام والإرتفاع الجنوني لهذا الدين الذي وصل إلى حدود الـ 80 مليار دولار، وهذا ما دعينا إليه في عدة مناسبات، فعلى رئيس الجمهورية قيادة هذه السفينة بالتعاون مع كافة الأطراف السياسية من أجل إيجاد الحل، والحل يبدأ من خلال مكافحة مكامن الهدر والفساد التي يعرفها السياسيون جيداً، وقد يكون بعضهم مشارك فيها .. فهذا الملف يوفر على الدولة مبالغ طائلة.

هل كان الأداء الإقتصادي في العام 2017 على مستوى التوقعات ؟

لا شك أن العام 2017 كان إيجابياً مقارنة مع الأعوام الفائتة، ومقارنة مع الصعوبات التي واجهتنا، ونسب النمو ستكون إيجابية ولكن متفاوتة بين القطاعات ... إلا أن الأداء العام لم يرتقِ لإلى مستوى التوقعات التي صاحبت بداية العام الجاري، وبعد إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.