خاص الاقتصاد

سبعة فلسطينيين و​لبنان​يان إثنان، وضعوا السيناريو الكامل لعملية تزوير محكمة، لكنها طويلة الأجل وأشبه بحلقات المسلسلات المكسيكية، أخرجوا حلقاته ما بين لبنان وكندا، وتمكنوا عبره من بيع عقار باهظ الثمن يمكله أردنيان في بيروت، بعدما زوّروا جوازي سفر عائدين لصاحبي العقار وكذلك سند التمليك، وعقد بيع ممسوح، قبل أن تقودهم الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل الى القوى الأمنية، وتوقعهم في قبضة العدالة.

الخيط الأول لهذا المخطط جرى الامساك به، عندما اكتشف عمر أيوب وتوفيق أيوب وهما من الجنسية الأردنية، أن العقار رقم 74 الذي يملكانه في منطقة عين المريسة بيروت، تمّ بيعه من قبل المدعى عليه كمال غندور بموجب وكالة بيع عقار عدد 7507/2012، منظمة لدى الكاتب العدل في صيدا الياس فرح، ومزعوم أنها صادرة وموقعة منهما لمصلحة علي حلاوي، الذي تبين أن اسمه الحقيقي فخري دلول، فتقدما بإدعاء شخصي لدى النيابة العامة في بيروت، وبناء عليه بدأت التحقيقات في هذه القضية.

في 17 كانون الثاني من العام 2013، قامت مفرزة بيروت القضائية بمداهمة المدعى عليهما الأخوين محمد دلول وفخري دلول في منزلهما الكائن في بشامون، وتمكنت من توقيفهما، بعد أن حاول فخري الهرب، ولدى اقتيادهما الى مركز المفرزة للإستجواب، أفاد فخري دلول أنه وضع صورته الشمسية على بطاقة مزورة باسم علي حلاوي، بعد أن زوّر هذه البطاقة في بعلبك، معترفاً أيضاً بأن صورة جواز السفر الأردني باسم توفيق أيوب هي مزورة، وأن الصورة الموضوعة عليها تعود الى ابن عمه خليل دلول. وقد قام باستعمال صورته في جواز السفر دون علمه، وكذلك فإن صورة الجواز الأردني باسم عمر أيوب هي أيضاً مزورة، والصورة الشمسية الموجودة عليها هي للمدعو علي الترك، وقام بوضعها على الجواز دون علمه، كاشفاً أن من قام بتزويده بصورتي جوازي السفر المزورتين، هو سليمان حيدر بطلب منه، وأن هذا الأخير زوده فقط بصورة عن جواي السفر المزورين وليس الجوازات الأصلية، مؤكداً أن أحمد كنفاني عرض عليه قبل فترة، أن يسشترك معه بتزوير مستندات عقار في منطقة بيروت، كونه يوجد شخص لبناني في كندا من آل غندور يرغب بشرائه.

بعد يومين من استجواب الأخوين دلول، أقتيد أحمد كنفاني الى التحقيق، فصرّح بأنه قبض مبلغ 25 ألف دولار من كمال غندور الموجود في بكندا، كي يقوم بالاستحصال على مستندات المطلوبة لبيع العقار، وهي عبارة عن سند العقار وجوازات السفر العائدة لأصحابه، وهوية لشخص وهمي باسم علي حلاوي الذي سينتحل صفة وكيل أصحاب العقار، فقام فخري دلول، بدور علي حلاوي، وأنه هو وأحمد كنفاني من إخترعا هذا الاسم المزعوم.

بالفعل استحصل أحمد كنفاني على صور عائدة لجوازي سفر الأردنيين عمر وتوفيق أيوب، وصورة سند تمليك مزورة للعقار، من المدعى عليه سليمان حيدر، بعدها تم التنسيق بين فخري دلول وأحمد كنفاني وبلال يونس من أجل الاتفاق على تنظيم وكالة لدى الكاتب العدل، وتحديداً توكيل عقاري من اسم المالكين عمر وتوفيق أيوب الى اسم فخري الوهمي (علي حلاوي)، ببيع العقار حصرياً لكمال غندور، فتم تنظيم الوكالة المذكورة، بعد أن أخذ بلال يونس صور جوازي السفر المزورة، وصورة سند التمليك المزور وتوجه الى الكاتب العدل في صيدا، وقد انتظر فخري على مفرق جدرا، حيث أعلمه بلال يونس هاتفياً أنه تم تنظيم التوكيل لدى الكاتب العدل، وأنه لا يريد أن يرسل أي شخص الى دائرة كاتب العدل للتوقيع على التوكيل، وطلب منه بلال أن ينتظره على مفرق جدرا، حيث حضر مع موظفة في دائرة كاتب العدل، وقام هو ــ أي فخري دلول ــ بالتوقيع على التوكيل، بوكالته المزيفة عمر وتوفيق أيوب، وبعد استحصالهم على الوكالة قاموا بارسال صورة عنها بواسطة خدمة الـ"واتساب" من هاتف أحمد كنفاني الى كمال غندور الذي سيشتري العقار.

ما إن وصلت صورة سند التمليك الى كمال غندور، تبيّن له أنها غير صالحة ولا يمكن الاستفادة منها، عندها طلب منه أحمد كنفاني من فخري دلول (علي حلاوي) أن يستحصل على بدل ضائع عن سند التمليك، لكونه وكيل مالكي العقار، فتقدم الأخير بطلب لدى الدوائر العقارية للحصول على بدل عن ضائع لسند العقار 47، بعد أن نشر إعلاناً عن فقدان السند الأصلي في ثلاث صحف محلية هي الديار والسفير والنهار وفي الجريدة الرسمية، وأنه لغاية ذلك التاريخ كان المدعى عليه كمال غندور لا يزال في كندا، ولا توجد أي معرفة مسبقة بينه وبين فخري دلول.

قبل انتهاء مهلة موضوع النشر، حضر كمال الى لبنان، وحصل اجتماع بينه وبين المدعى عليهم سامر أبو الجبين وأحمد كنفاني وبلال يونس والمدعو أحمد الجاح، وتمّ الاتفاق في ما بينهم على توزيع وتقاسم الحصص التي سيجنونها من بيع العقار، على أن تكون حصته فخري 200 الف دولار، وحصة بلال يونس خمسين ألف دولار وحصة أحمد كنفاني 150 ألف دولار، ولم تذكر حصة لسامر أبو الجبين كونه محسوباً على كمال غندور، وبعد الاجتماع المذكور أصبح الاتصال مباشراً بين (علي حلاوي) وبين كمال غندور بشخصيته الحقيقية أي فخري دلول، وكان كمال على علم باسمه الحقيقي وبأنه ينتحل صفة مغايرة.

بعد انتهاء مهلة النشر للسند الضائع، توجه فخري الى الدوائر العقارية وطلب استلام السند، فطلب منه المسؤول عن هذه المعاملة في عقارية بيروت، أن يكون الاستلام بحضور كمال غندور أو وكيله القانوني، كونه هو وكيل المالكين أيوب، وبالفعل توجه مع كمال غندور الى الدوائر العقارية، واستلما سند الملكية للعقاررقم 47 ــ عين المريسه، وبعدها بيومين توجه فخري مع كمال وبلال يونس وسامر أبو الجبين الى دائرة الكاتب العدل في صيدا، ونظّم عقد بيع ممسوح لمصلحة كمال غندور بموجب التوكيل المزور، باسم علي حلاوي، وبعد ذلك توجها الى بلدية بيروت لمعرفة المخالفات الموجودة على العقار، واستحصلا على القيمة التأجيرية القديمة، ثم توجها الى مالية بيروت، حيث طلب كمال غندور كشفاً بالغرامات المتوجبة على العقار، وكذلك طلب من وزارة المهجرين إعطائه كشفاً بأسماء الساكنين الذين قبضوا تعويضات مهجرين، بعدها بدأ كمال بمعاملات تسجيل العقار باسمه، وتم الاستحصال على سند جديد للعقار 74 باسم كمال غندور، كما تمّ الاتفاق على أن يأخذ كل منهم حصته.

قاضي التحقيق في بيروت فريد عجيب الذي أجرى تحقيقاته في هذه القضية على مدى أربع سنوات، أكد في قرار ظني أصدره، أن المدعى عليهم فخري دلول ومحمد دلول وأحمد كنفاني وسامر أبو الجبين وكمال غندور وأحمد الخطيب ومحمود دلول وأحمد دلول وسليمان حيدر وبلال يونس، أقدموا على توزيع الأدوار بينهم وعلى تزوير جوازي سفر أردنيين باسم المدعيين الشخصيين عمر وتوفيق أيوب، وعلى استعمال المزور، والاستحصال تزويراً على وكالة بيع العقار 74 في عين المريسة ــ بيروت، وأن أفعالهم تنطبق على الجنايتين المنصوص عنهما في المادتين 459 و459/454، وأحكام المادتين 463 و463/454 من قانون العقوبات، التي تنصّ على الأشغال الشاقة المؤقتة، وأحالهم على حكمة الجنايات في بيروت لمحاكمتهم.