وقعت سيدة ميسورة، ضحية مناورات إحتيالية قادتها الى شراكة تجارية مزعومة، فإذا بحسابات الحقل تخالف حسابات البيدر، لتفقد أموالها التي دفعتها على أمل قطف أرباحٍ طائلة ذهبت أدراج الرياح، ليبقى رهان الضحية على دعاوى قضائية علّها تعوّض عليها بعضاً من جنى العمر الذي فقدته بين ليلة وضحاها.

فصول هذه القضية، بدأت منذ أن تعرّفت المدعية "ع. غ" على المدعى عليه "م. ح"، كونها صديقة والدته، إستغلّ الشاب تلك الصداقة، وقرر أن يبني عليها علاقة تجارية معها، فلم يتردد بمكاشفتها بالموضوع، حيث أعلمها أنه شريك في إحدى الشركات التي تتعاطى تجارة المفروشات، وبأنه بصدد فتح محل تجاري لبيع المفروشات بالتجزئة، كفيل بأن يحقق له الأرباح التي يتوخاها.

نتيجة المناورات الاحتيالية التي حاكها بإحكام، تمكن الشاب من اقناع صديقة الوالدة بأن تدخل معه شريكة في المحل التجاري الذي ينوي تأسيسه، موهماً اياها بأرباح طائلة قياساً على خبرته في هذا الحقل، وبفعل هذه المناورات حملها على تسليمه مبلغ 171000 دولار أميركي على دفعات، ونظّم لها سندي أمانة لدى كاتب العدل، الأول بقيمة 20.000 دولار، والثاني بـ30.000 دولار، إضافة الى إقرار مصدق من الكاتب العدل بتسلمه هذه المبلغ منها.

لم يمض بضعة أيام على قبض التاجر المفترض هذه الأموال، حتى توارى عن الأنظار، ليتبيّن للضحية أن شريكها ملاحق بعدة دعاوى احتيال، كما اتضح لها أن المدعى عليه أقدم على فكّ التأمين العقاري الملقى على الشقة السكنية التي يملكها في بيروت، وأنه سارع الى بيع تلك الشقة، حتى لا يقوم الدائنون بالحجز عليها، إمعاناً منه بالاستيلاء على أموالهم، وقد تقدمت المجني عليها بشكوى ضدّه لدى النيابة العام في بيروت، طلبت فيها إلزامه بإعادة مبلغ الـ171000 دولار أميركي، بالاضافة الى تعويض قدره 100 مليون ليرة لبنانية.

الدعوى القضائية التي أقامتها "ع. غ"، لم تقتصر على شريكها فحسب، إنما ألحقت بها شكوى مباشرة ضدّ "ع. ق"، أفادت فيها أن الأخير تواطأ مع "م. ح" بغية تهريب أمواله، وبالتالي بات شريكاً معه في الجرم، طالبة اتهامه بجنحة المادة 699 من قانون العقوبات، التي تتحدث عن إضاعة أموال الدائنين، والزامه بالتكافل والتضامن مع المدعى عليه الأول بدفع الدين المتوجب لها في ذمتهما، مع تعويض العطل والضرر، لكن "ع. ق" أنكر خلال خضوعه للتحقيق ما أسند اليه جملة وتفصيلاً، وأوضح أن اشترى الشقة من "م"، ولم تكن تربطه به معرفة أو أي علاقة سابقة، وقد اشتراها بسعرها الحقيقي، من دون أن يعرف الأسباب التي حملت الأخير على بيع الشقة، وليس على علم بأن من باعه اياها تترتب عليه ديون للآخرين.

قاضي التحقيق في بيروت فريد عجيب الذي أجرى تحقيقاته في هذه القضية، أوضح في قراره الظني، أنه لم يتبيّن من معطيات الدعوى، أن المدعى عليه "م. ح" الذي تخلّف عن حضور جلسات التحقيق، حمل عبير بالمناورات الاحتيالية على تسليمه مالاً منقولاً واستولى عليه، وبالتالي فإن فعله لا ينطبق على نص المادة 655، إنما يتوافق مع منطوق المادة 699 من قانون العقوبات، بسبب إضاعته أموال المدعية ومنعها من تحصيل ديونها، فيما لم يثبت أي علاقة للمدعى عليه "ع. ق" في هذا الجرم، ولم تنهض أدلة على علاقته بما حصل.

وأحال القاضي عجيب الملف على القاضي المنفرد الجزائي في بيروت، لمحاكمة "م. ح" بموجب جنحة المادة 699، التي تنص على السجن من شهر الى ستة أشهر.

خاص الإقتصاد