انسان احب مهنته كثيراً لدرجة انه رفض ان يترك لبنان ليعمل في الخارج. تخصص في مجال ادارة الفنادق من احدى اهم الجامعات السويسرية وعاد بسرعة الى وطنه حيث استلم الفندق الذي اسسه والده في اعالي المتن الشمالي وساهم بتطوره ونجاحه وخاصة وانه كان من بين الفنادق القليلة التي كانت منتشرة في الجبال آنذاك.

لم تحد الحرب اللبنانية من طموحاته بل بقي متمسكاً بأرضه ورزقه وفندقه وصمد في وجه كل الصعوبات التي مرّت على البلاد خلال 15 عاماً.

للاضاءة على تجربته الفريدة، كان لـ"الاقتصاد" مقابلة مع صاحب فندق "Bois De Boulogne" في منطقة "غابة بولونيا" المتنية جورج غسطين.

- ما هي ابرز المحطات التي مررت بها في مسيرتك المهنية والاكاديمية؟

تلقيت دروسي في مدرسة اليسوعية ومن ثم سافرت الى سويسرا حيث تخصصت في ادارة الفنادق بجامعة لوزان وكنت الشخص الثاني الذي سافر من لبنان للتخصص في هذا المجال سنة 1956 وبعد تخرّجي عدت الى لبنان ودرّست في المدرسة الفندقية في منطقة الحمرا وعملت في فندق "Bois De Boulogne". وكان والدي قد بدأ ببنائه عام 1928 وافتتحت ابوابه في العام 1930 في منطقة حرجية كانت تسمّى القطّارة في اعالي المتن الشمالي. وقد اعطى الفندق اسمه للمنطقة حيث اصبحت تعرف فيما بعد بمنطقة غابة بولونيا وتعود قصة الاسم الى عهد الانتداب الفرنسي عندما ذهب والدي لاخذ رخصة للبناء واقترح احد المسؤولين الفرنسيين بتسمية القندق "غابة بولونيا" تيمناً بغابة بولونيا في شرق باريس، واصبح الاسم معتمداً بشكل دائم من رواد الفندق والمنطقة، الى ان صدر قرار بتسمية القرية "غابة بولونيا" ومن ثم انشاء بلدية في سنة 1952 اقتطعت قسماً عقارياً كبيراً من منطقة وطى المروج وأخرى من الخنشارة. وقد تم تعييني عضوا في هذه البلدية ومن ثم تم انتخابي رئيساً لها عام 1963 واستمريت في هذا المنصب لمدة 45 عاماً متواصلة ومن ثم طلب اهالي وطى المروج انفصالهم عم المروج وانضمامهم الى بلدية "غابة بولونيا"، فسميت البلدية بلدية "غابة بولونيا ووطى المروج" ووالدي هو اول من بنى في هذه المنطقة. وكنا نصل اليها عبر طريق من البحص تسمى "كرّوسة" عبر ضهور الشوير وكما اشتركنا بالهاتف وكان رقمه 5 ضهور الشوير وقتها. كانت الفنادق في الجبال قليلة جداً ويؤمها سواح من باشاوات مصر ومن اغنياء سوريا والعراق ولم يكن العرب في الخليج معروفين. اضف الى ذلك، حولت قصرين الى مؤسسة سياحية اشتهر كثيراً في وقتها وهو "Le Chateau Du Bois" يقع الى جانب الفندق، وهو عبارة عن مجمّع كبير يحتوي على مطاعم وباتيسري وغيرها وذلك في العام 1963 واستمر حتى عام 1978.

- ما هي الصعوبات التي واجهتها خلال مسيرتك المهنية؟

ان اهم صعوبة واجهتها في مسيرتي المهنية كانت الحرب اللبنانية وخاصة ان موقعنا كان على خط التماس في غابة بولونيا وان هناك عدد كبير من الاحزاب المتصارعة والمتواجدة في المنطقة وبقيت في الفندق لانني كنت قد انتهيت من عملية تجديده سنة 1975 بعد ان كنت قد بدأت فيه سنة 1973 والصعوبة الاخرى تمثلت بمنعي دخول احد الى الفندق من المقاتلين. وقبل الحرب كان العمل مقبولاً في فصل الصيف ولكن بعد انتهاء الاحداث، اصبح العمل سيئاً بحيث ان السياحة لا يمكن ان تقف على رجليها في بلد كان يمر بظروف امنية وتجاذبات سياسية قوية الامر الذي انعكس سلباً علينا في الفندق وعلى كل القطاع السياحي ولم نستطع ان نتطور العمل. واليوم، بدأنا نسير بمرحلة التطور الدائم.

- ما هي الميزات التي تتمتع بها شخصيتك وساعدتك على تخطي هذه الصعوبات؟

انا انسان صبور جداً واقرأ الاحداث قبل ان تحصل ان كانت تجارية او سياسية واعمل على ان احمي نفسي منها وارضى دائما بالموجود لان لا يمكن اصلاحه بل يساهم الانسان في اصلاحه.

كما ان العلاقات مع الناس مهمة خاصة وان معاملتي معهم طيبة وسيتعاملون معي بالمثل الامر الذي يولّد مساعدة بين الجميع وثقة كبيرة ومتبادلة وانا صادق وصريح.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

نحن نخطط ولا يمكنني ان اعمل في سني بمفردي وابقى اعمل في نشاط تام لاخر رمق وعائلتي تكمل عني المسيرة وخاصة وان اولادي تخصصوا في مجال ادارة الفنادق في سويسرا ولكنهم يعملون في مجال آخر في الوقت الحاضر. نحن في الفندق في التطور دائم. ونخطط لتكبير وتوسيع الفندق وزيادة شاليهات جديدة وحوض للسباحة واسسنا مدينة للالعاب في السنة الماضية واخذت شهرة قوية في المنطقة لان اولاد الزبائن يلهون فيها بأمان. على كل حال علينا ان نتماشى مع التغييرات الجديدة التي طرأت على مجتمعنا.

- هل اثر العمل على علاقتك بعائلتك؟

انا مقيم مع عائلتي في الفندق ولم يؤثر عملي على علاقتي معها كل هذه المدة. وعندما تأهل أولادي سكنوا لوحدهم في منازلهم وبقيت العلاقة قوية فيما بيننا.

- ما هي نصيحتك للشباب اللبناني؟

انصح الشباب اللبناني بعدم الهجرة واولادي عندما كانوا يتخصصون في الخارج يأتون الى لبنان كانوا يغتنمون اي فرصة للمجيء الى لبنان. وانا متعلّق ببلدي ولست مستعدا واولادي لتركه بل سنبقى نعمل فيه كي تتغيّر الامور لاننا لدينا امل كبير بالمستقبل ولست من المتشائمين. عقلية الوظيفة غير موجودة في بيتي او في بيت اولادي وعلى الانسان ان يكون حراً في عمله ويتعب كي ينتج بشكل اكبر.