استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "حوار إقتصادي مفتوح: بعد الطعن بقانون الضرائب، ما هو مصير السلسلة؟ ومن أين مصادر التمويل؟ ما هو مصير المالية العامة والإقتصاد؟ وما هو مصير مصداقية حكومة إستعادة الثقة أمام الشعب اللبناني؟ كيف نخرج من عنق الزجاجة؟ وأي رؤية إقتصادية علمية لحل الأزمة؟"، الوزير السابق للمال د. دميانوس قطّار.

بداية قال د. قطّار أننا "اليوم نحن أمام منعطف مهم جداً في المالية العامة، فإما أن نستمر في هذا النهج السيء في المالية العامة، وإما أن نستجمع أنفسانا وقوانا وقواعدنا السياسية والشعبية بإتجاه الإنتظام المالي العام، خاصة أننا خلال السنوات العشر الماضية كنّا نسيّر كل الأمور المتعلقة بالإنفاق في ظروف إستثنائية ... والناس اليوم يجب ان لا تقلق خاصة ان السلسلة أقرت، وبالتالي لن يستطيع احد أن يواجه الناس بحقوقها، فهذه الحقوق تم إقرارها بقانون، وهذا القانون نافذ وغير مطعون به".

وأضاف "إذا كانت المشكلة سياسية فلا يحلّها القانون، بل تحلّها السياسة ... واليوم نحن أمام واقعين، الأول هو أننا لا نستطيع إيقاف السلسلة، ليس فقط بسبب أحقيتها، بل لأن السياسيين لن يسمحوا لأنفسهم بأن يدفعوا الناس نحو الشارع ونحن على أبواب إنتخابات نيابية، فالناس لم تعد تحتمل إقتصاديا، وهي مستعدة للنزول إلى الشارع، خاصة ان حقهم تم إقراره عبر قانون ... من جهة أخرى زيادة الإنفاق قد يعرّض المالية العامة إلى خطر كبير دون أن يكون هناك إستمرار للواردات".

وإعتبر أن "قرار المجلس الدستوري هو دعوة اليوم لإعادة الإنتظام للمالية العامة، فبالنسبة للسلسلة يمكن حل الأمور عبر إعادة درس وتعديل قانون الضرائب بشكل صائب وعادل".

ولفت د. قطّار إلى أن "هناك ثلاث إحتمالات يمكن اللجوء إليها من قبل الحكومة وكلها ستؤدي إلى مشاكل ... الإحتمال الاول هو عدم دفع السلسلة وهذا سيدفع الناس نحو الشارع، الإحتمال الثاني تعليق الدستور الذي يحتاج إلى ثلثي مجلس النواب، والإحتمال الثالث هو دفع السلسلة والإجتماع سريعاً لإيجاد قانون ضرائبي قادر على تأمين الحد الأدنى من الواردات المطلوبة"، مؤكداً ان "دفع الناس إلى الشارع سيسقط الحكومة بدون أي شك".

وشرح ان "الفرق بين القطاع الخاص والقطاع العام هو ان القطاع الخاص فيه منافسة، وبالتالي أصحاب العمل في القطاع الخاص مجبورين على تعديل الأجور من أجل المحافظة على الكفاءات وتجنب إنتقالها إلى شركات منافسة .. إذا القطاع الخاص يصحح نفسه بنفسه، في حين أن القطاع العام يحتاج إلى قانون لإقرار الزيادات".

ورداً على سؤال للزميلة خداج عن سبب التوجه نحو الضرائب بدلا من الذهاب نحو ترشيد الإنفاق ووقف مزاريب الهدر والصفقات المشبوهة .. قال د. قطّار "النفقات العامة لها قواعد ومبادئ، المبدأ الاول هو قاعدة المنفعة العامة، والثاني هو قاعدة عدم التبذير في المال العام، والقاعدة الثالثة هي قاعدة الترخيص التي تمنع الدولة من الإنفاق دون ترخيص من الشعب الذي يمثله مجلس النواب ... وكل هذه القواعد مهملة اليوم في لبنان".

وقال "من اهم ثوابت الموازنة ترشيد الإنفاق الحكومي، وليس توسيعه ... وعدم وجود موازنة منذ سنوات يعني ان الرقابة على الإنفاق الحكومي غير موجودة، من هنا نقول دائما ان الهدف الأول يجب أن يكون ترشيد الإنفاق، والهدف الثاني هو لجم هدر المال العام ... وهذه النقاط تم طرحها في مجلس الوزراء، فعلى سبيل المثال هناك إيجارات المباني الحكومية التي يمكن توفير الكثير منها.. فنحن فادرون اليوم على ترشيد الإنفاق ولجم للهدر، وآلية هذا الهدف موجودة لدى السياسيين وليس لدى التقنيين، فوزارة المالية دورها خلق توازن في الموازنة بين الإيرادات والنفقات، ولكن الإلتزام بهذه الموازنة امر متعلق بالسياسيين ... فعندما نصر على التوظيف خارج الإطار القانون وخارج إطار الكفاءات المطلوبة، ونصرّ على الخدمات الخاصة والمناطقية والطائفية، ستبقى الأمور غير منضبطة .. فالتمادي في مخالفة وتخطي القانون يخلق حالة غير قابلة للمعالجة".

ولفت إلى أننا "اليوم أمام مفترق طرق، فمشكلة السلسلة اليوم تتعلق بإستمرار الواردات، وتأمين السيولة ليس أمر صعب .. هناك تعقيدات مالية تحتاج إلى قرارات حاسمة ولمعالجة الثغرات الدستورية، من أجل إيجاد الحلول .. ومن يقول انه لا يوجد حلول اليوم فهو ليس صادق مع المواطن ومع الشعب".

وفي موضوع قطع الحساب قال د. قطّار "المجتمع السياسي في لبنان تمادى كثيراً في المخالفة القانونية، فدائماً كانوا يعتبرون أن التأزيم السياسي يؤدي إلى مكسب لأحد الأطراف، وكانت الموازنة وآلية تطبيقها وتحضيرها تتعرض لهذا التازيم السياسي .. وهناك أفرقاء سياسيين إستفادوا من هذا الأمر، لان الإنفاق الحكومي أصبح متحرر من الرقابة الدورية التي يقوم بها مجلس النواب .. وبالتالي نحن اليوم ملزمين شئنا أم أبينا بتصحيح هذا الامر، فهناك فريق عمل في وزارة المالية يعمل جاهدا وليس صحيحاً انه لا يوجد تحضير للحسابات من أجل إقرارها .. لذلك عليهم العمل فعلياً وبشكل جدي لحل هذه المشكلة".