كشفت نتائج تقرير التنافسية العالمي ( 2017 – 2018) إلى أن فرص الانتعاش الاقتصادي المستدام لا تزال معرضة للخطر بعد مرور عقد على الأزمة الاقتصادية العالمية مصنفا لبنان في المرتبة ما قبل الاخيرة عربياً وفي المركز الخامس بعد المئة عالمياً، مع العلم بأن ثلاث دول عربية حلّت في ترتيب الثلاثين الأوائل، وهي: الإمارات، قطر والسعودية.

ويتم احتساب النتائج عن طريق جمع البيانات على المستوى المحلي في 12 فئة تعتبر ركائز التنافسية، والتي تعطي صورة شاملة عن القدرة التنافسية لبلد ما عند جمعها.

والركائز الـ 12 هي: المؤسسات، والبنية التحتية، وبيئة الاقتصاد الكلي، والصحة والتعليم الأساسي، والتعليم العالي والتدريب، وكفاءة سوق السلع، وكفاءة سوق العمل، وتطوير السوق المالي، والجاهزية التكنولوجية، وحجم السوق، وتطور الأعمال، والابتكار.

لمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذا التقرير وأمور أخرى كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع رئيس الرابطة العالمية لخبراء الإقتصاد في لبنان وعميد كلية إدارة الأعمال والإقتصاد في جامعة الحكمة، البروفيسور روك أنطوان مهنا:

ما هو رأيك بهذا التصنيف وخاصةً على الصعيد العربي حين سجّلت مصر التحسّن الأكبر وتقدّمت 14 مرتبة لتحتل المرتبة 101 يليها لبنان الذي خسر اربع نقاط؟

إذا نظرنا الى هبوط لبنان من المركز 101 إلى 105 من أصل 137 بلد، في عام واحد، وراقبنا الركائز الـ12 التي يرتكز عليها المؤشر فإن التردي الأهم كان في الركيز الأولى "المؤسسات" حيث يحل لبنان في المركز 124 من أصل 137، أما الركيزة الثانية "البنى التحتية" فقد حل لبنان في المرتبة 113 من أصل 137، أما من حيث ركيزة "بيئة الاقتصاد الكلي" فإننا في مرتبة متدنية جدًّا حيث حلّ لبنان في المرتبة 133 من أصل 137 دولة. الأمر كله طبعاً نتيجة لتراجع أداء المؤسسات والقطاع الرسمي والبنية التحتية.

إذا نظرنا، في نتائج الدراسة، الى نقاط الضعف الرئيسية التي تخلق أكبر المشاكل لمزاولة العمل في البلاد فهي عدم الإستقرار الحكومي والتنازع بين الأفرقاء، أما المشكلة الثانية فهي الفساد بالإضافة الى غياب الإستثمارات في البنى التحتية بالإضافة الى عدم انتاجية الحكومة وبيروقراطيتها.

بعد النظر الى الركائز والى نقاط الضعف الرئيسية، نرى ان القطاع العام هو مصدر معظم العوامل التي تعرقل مزاولة العمل.

يحكى اليوم عن إن تمويل "السلسلة" مؤمّن راهناً من الإيرادات التي قبضتها الدولة من أرباح المصارف الإستثنائية على عمليات الهندسة المالية البالغة 750 مليون دولار ضمّنها وزير المالية في مشروع موازنة العام 2017 في بند الواردات المتوقعة، فهل هذا يشير الى ان الأمر لم يعد عالقاً ومن المفترض أن يتم البت في جلسة اليوم؟

الضريبة التي دفعتها المصارف دفعةً واحدة تموّل السلسلة لهذه العام، لا شكّ في ذلك، ولكن ماذا عن السنوات المقبلة؟

الموازنة التي حضرتها وزارة المالية وهي الآن لدى لجنة المال والموازنة النيابية حقّقت وفرا وصل الى 1000 مليار ليرة كما يقولون، ما يؤكد أن تمويل السلسلة موجود ولكن من المفترض أن تقر الموازنة أولاً لنعلم كافة النفقات والإيرادات ومن ثم نقرّ السلسلة.

ما قام به المسؤولون هو إقرار السلسلة أولاً، ومن دون دراستها بشكل جيد مترافقةً مع قانون ضرائب عشوائي بجباية بدائية، أي أن الأمر برمته من دون رؤية اقتصادية.

بعد طعن المجلس الدستوري، وبما أن الموازنة ستحقق وفر وبما أن هناك 750 مليون دولار دفعتها المصارف فإن مسألة السلسلة لم تعد عالقة، ولكن نحتاج الى استمرارية موارد السلسلة.

ما هي برأيك التعديلات التي يجب ان تطرأ على قانون الضرائب؟

نحتاج في لبنان الى موازنة إصلاحية فيها رؤية إقتصادية تشمل الضرائب نعم، ولكن ضرائب محقّة كزيادة ضريبة الدخل على المؤسسات المالية والمصارف من 15 الى 17% وسدّ الثغرات الضريبية التي تستفيد منها المصارف.

أمّا بخصوص الأملاك البحرية، فإن القانون الذي تمّ إبطاله ينص على فرض غرامة لمرة واحدة على المخالفين وهذا أمر غير عادل مع المؤسسات التي تعمل بشكل قانوني. من الأصح فرض رسوم سنويّة أو تستمر الغرامة. كما يمكن تحقيق الوفر من إيجارات الأبنية الحكومية والإدارات الرسمية غير العاملة التي يتم دفع بدل إيجارات لمكاتبها وموظفيها كمؤسسة البريد وسككك الحديد ومصافي تكرير النفط، وهذا من المضحك المبكي.

الضرائب يجب أن يتم فرضها أولاً على رأس الهرم: الطبقة السياسية، لا يمكنهم أن يفرضوا الضرائب على وسائل تدفئة الفقير وطعامه وحسابه بالمصرف في الوقت الذي يسافرون فيه هم مع عائلاتهم ومستشاريهم على فئة الدرجة الأولى، ويقيمون الإحتفالات بالملايين في المناسبات. لهذا السبب، الخطوات الأولى للحكومة يجب ان تهدف لخفض انفاقـ"ها".

لدينا الكثير من المجالات لتحقيق الوفر عبر "عصر النفقات واتباع سياسة تقشف"، وهذا يجب أن يكون عنوان موازنة 2018. الحكومة أمامها فرصة ذهبية لإقرار موازنة تتضمن إصلاحات بنيوية ونأمل أن تتمكن من استغلالها.