يبدو ان ملف المياومين في كهرباء لبنان ما يزال في قبضة الصراع السياسي بعدما وضع في ثلاجة من طرف او اكثر يريد ابقائه على طاولة البازارات القائمة، وقد يكون ذلك لاعتباره طبقا غير دسم في هذه المرحلة التي تشهد تسابق عقد صفقات بالتراضي والقوانين المعجلة.

بالامس، قال مجلس الوزراء كلمته في موضوع البواخر ورد ملاحظات ادارات المناقصات القانونية، بذريعة ان تأمين الكهرباء بالسرعة الممكنة لا يحتاج الى هذا المسلك القانوني بل يحتاج الى عارض واحدموجود في البحر ومستعد لتنفيذ "غب الطلب" .

حتى تاريخه، كل المؤشرات تدل على ان توطين شركة كارادينيز التركية في المياه اللبنانية اصبح واقعاً تحت ضغوط مختلفة وهناك اكثر من قطبة لم تعد مخفية مرتبطة بمصالح البعض في السلطة. وفي المقابل ، المعطيات المتراكمة على الارض لا تدل على ان ثمة نية في إقفال ملف المياومين الذي فتح منذ اكثر من 3 سنوات عام 2014 عن طريق الذهاب الى تثبيت من نجح في مباراة مجلس الخدمة المدنية بدون اي مقابل.

فتح هذا الملف عام 2014 بعدما تفاقم عدد هؤلاء الى حدود 2235 مياوما وجابي إكراء في مؤسسة كهرباء لبنان؛ بينهم 1647عاملاً مياوماً "غب الطلب"و 588 جابي إكراء ومنهم من دخل المؤسسة من قبل الزعماء الذين حرصوا على ايجاد فرص عمل لجماعاتهم بدون مراعاة حقوق العمال وحاجات المؤسسة الفعلية التي تزايدت مع الوقت بفعل الشغور في الوظائف . الانتفاضة الاولى للمياومين كانت بعد خصخصة قطاع الجباية والتوزيع في المؤسسة عبر عقود ابرمت مع 3 شركات مقدمي خدمات . وكان التحرك الاولي الذي قام به المياومون داخل المؤسسة. وفي 20/4/ 2014 ، وبعد اتفاق سياسي ، صدر قانون حمل الرقم 287 يقضي بإدخال اصحاب الكفاءة من هؤلاء الى الملاك وتبعاً للتوازنات السياسية طبعاً.وكان مدير الشؤون الادارية في مؤسسة كهرباء لبنان محي الدين الداية قد رفع تقريراً الى وزارة الطاقة يلحظ الحاجة في الكهرباء الى 1400موظف. الا ان وزارة الطاقة التي كان على رأسها الوزير جبران باسيل في تلك الفترة ردت طلب المؤسسة معتبرة ان الحاجة الفعلية في الكهرباء هي الى 897 موظفاً دون ان يشمل ذلك الكادر الاداري في التوزيع. الا ان حصر العدد بهذه الكمية اثار غضب المياومين مجدداً وعادوا الى التحرك حيث تم إقفال ابواب المؤسسة مدة 4 اشهر.

(والجدير ذكره هنا هو ان المذكرة الصادرة عام 2009 عن مؤسسة كهرباء لبنان تلحظ ان الشواغر في المؤسسة تشمل 3001وظيفة).

رافق هذه الجولة من التحركات والاعتصامات مفاوضات ومبادرات حيث تم التوصل الى سن قانون تحضير مباراة في مجلس الخدمة المدنية محصورة بهؤلاء المياومين للفئتين 4/ 1و4/2 على ان يتم إدخال الناجحين من بينهم الى ملاك المؤسسة وبمعدل 247 للفئة 4/1 و 215 للفئة 4/2. الا ان القرار السياسي حل مكان القرار اللازم فترك 139 ناجحا ًخارج الملاكرغم الحاجة الفعلية .

هذا التصرف ادى الى عودة المياومين الى التحرك مجدداً والى الاعتصام المركزي و تمت المطالبة بتطبيق الاتفاق السياسي كاملاً فيما ان مجلس الخدمة المدنية جمّد موضوع اجراء المباراة للفئة الخامسة خصوصا بعد دخول شركات مقدمي الخدمات على الخط وتزايدشكواهامن نقص السيولة اللازمة لتوظيف عدد اكبر من العمال والموظفين.

على الارض ، وتيرة التحركات التي لم تهدأ حتى تاريخه يرافقها تحرك معلن وآخر غير معلن من اجل المضي بتثبيت الناجحين في مباراة 2015رغم انقضاء المهلة الزمنية ، سيما وان مجلس الخدمة المدنية قد اوجد النص القانوني اللازم الذي يخوّل المؤسسة تثبيت هؤلاء بعد تمديد العمل بنتائج المباراة رغم انقضاء فترة السنتين على إجرائها، في حال هناك حاجة فعلية لهم. والحقيقة ان المراكز الشاغرة في الكهرباء تفوق ال400 بعد إحالة عدد من الموظفين الى سن التقاعد وفق مصادر في كهرباء لبنان.

والاتصالات الجارية تشمل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل والطاقة والمياه سيزار ابي خليل الذين اصرا على عدد الـ 897 فقط داخل مؤسسة كهرباء لبنان.

وعلم في هذا السياق، ان رئيس الاتحاد العمالي العام د.بشارة الاسمر يقوم بمساع مكثفة من اجل ضم الـ 139 مياوما للكهرباء مع مراعاة التوازنات الطائفية الموجودة في البلد،فيما ان مؤسسة كهرباء لبنان تقف في صف المتفرج تجاه من اضاع سنوات استثمار وتعب وكفاءة في مكاتبها لتسيير شؤون المرفق .

ووفق الاسمر الذي يشارك العمال في تحركهم الهادف الى تحصيل حقوقهم ان تقييمه للعامل يستند دائماً على ما يقدمه هذا الاخير من عرق جبينه ومن جهده وتعبه وليس على طائفته.

باختصار ، وللاسف يبدو ان السياسيين غسلوا اياديهم من هذا الملف سيما وان النائب اكرم شهيب الذي كان احد عرابي الاتفاق السياسي قد عبّر في مجالسه بعد مراجعته عن وجود اتفاق سياسي حول هذا الملف ولكن الواقع السياسي يمنع من اقفاله بشكل نهائي وعادل.

مهما قيل قضية المياومين في الكهرباء خرجت من نطاقها النقابي والعمالي منذ زمن بعدما دخلت الزواريب السياسية والطائفية والمذهبية المعقدة ، فهل تكون الانتخابات النيابية المقبلة مخرجاً يمكن الاعتماد عليه لحث الطبقة السياسية المرشحة على خوض معركة تثبيت المياومين الناجحين في مؤسسة كهرباء لبنان ام هناك "شانتاج" آخر تحت الطاولة سيتم اللجوء اليه؛ اي بمعنى آخر المياومون مقابل ....ملف آخر؟