استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "حوار مفتوح: بعد ان اعدت وزارة المال كل جداول صرف الرواتب، ما هي سبل تأمين الواردات؟ وفي حال البدء بالصرف حسب السلسلة هذا الشهر، هل بالإمكان التراجع في الأشهر المقبلة؟ وإذا تعطلت الإيرادات في حال قبول الطعن، أي تداعيات على المالية العامة وعلى الإقتصاد اللبناني؟"، مدير عام وزارة المال آلان بيفاني.

بداية قال بيفاني أن "البلد كله بإنتظار البت بالطعن لسبب وجيه، وهو أننا نتحدث اليوم عن إنفاق كبير جداً وإيراد كبير جداً ... الشق الإداري تم إنجازه ونحن كوزارة جاهزون للتعاطي مع الملف بحسب القانون الجديد لأنه قانون نافذ.. أما الشق القانوني المرتبط عضوياً بقرار المجلس الدستوري، فنحن ببساطة بإنتظاره، لاننا لا نملك السلطة ولا الإمكانية للتدخل بعمل المجلس الدستوري المنكب حاليا دراسة هذا الموضوع".

وأضاف "هناك أيضا الشق السياسي والمالي، حيث أنه في حال عدم قبول الطعن فإن الأمور ستسير بشكل طبيعي، وبالتالي كل الأسئلة المطروحة اليوم لن يكون لها قيمة، أما في حال قبول الطعن بشكل جزئي أو كلي فالأمور ستختلف، وسيكون هناك إجراء مختلف من ناحية الإيراد والإنفاق، ولكن القرار بشكلة النهائي لا تأخذه وزارة المالية، بل تأخذه الدولة والحكومة".

ولفت بيفاني إلى ان "المؤسسات اللبنانية جاهزة، وهناك إمكانية لإجتماع الحكومة وإتخاذ القرارات واالبحث عن الحلول، فالأمور إختلفت عن السابق حين كانت المؤسسات معطلة وغير جاهزة .. وبالتالي فإن سرعة الحصول على جواب حول أي ملف او قضية أصبح متاحاً، وإذا وصلنا اليوم إلى نقطة قد نحتاج فيها لأي إجراء من أجل سد ثغرات معينة، فإن هذا الموضوع أصبح سهلا، وهناك شبه إجماع حول النقاط التي تم التصويت عليها ... من هنا يمكنني القول أن الإعتمادات هي قيد التوفير، ولكن بدون شك لا يمكننا صرف هذه الإعتمادات دون ان نتأكد بأنه سيكون هناك إيرادات لتغطيتها". مؤكداً أن "قدرة الدولة على الدفع موجودة".

وفي سؤال للزميلة خداج عن سبب اللجوء إلى الضرائب في حين أن قدرة الدولة على الدفع موجودة قال بيفاني "عندما تتجه الوزارة نحو إنفاق عام، يجب أن يكون لديها الحق القانوني في الصرف، ومن أجل الصرف يجب أن يكون هناك سيولة .. السيولة اليوم موجودة، ولكن هذه السيولة موجودة بسبب الإستدانة الدائمة للدولة اللبنانية، وليس لأننا نمتلك وفراً .. لذلك علينا تامين إيرادات لتغطية هذه النفقات قبل صرفها، والأمر العالق اليوم هو قانون الضرائب الذي من المفترض أن يؤمّن الإيرادات اللازمة، وإذا تم إيقاف هذا القانون، علينا تأمين مصدر أخر للإيرادات وإلا سيشكل ذلك عبئاً كبيراً على الدولة".

واكد بيفاني أن "هناك صعوبة على الناس لفهم الموضوع العالق اليوم، فلو كنا نتكلم عن إنفاق معقول كان يمكن حل الأمر عبر الإستدانة، ولكن الإنفاق المطروح كبير جداً، وبالتالي لا يمكن التعامل معه بإستهتار لان الأمر ليس بسيطاً، وعلى المدى البعيد هناك تداعيات كبيرة ... ولكن لا يمكننا التكهن بما يمكن ان يحصل لأننا لسنا بموقع القرار. ما يمكننا قوله اليوم ان هناك قانون موجود ونافذ وهو قانون سلسلة الرتب والرواتب، وعلى الدولة أن تجد الطرق للحفاظ على التوازنات التي يجب ان تكون موجودة في المالية العامة ... بغض النظر إذا كان هذا الأمر سيتم عبر قانون الضرائب المطروح او عبر طريقة اخرى، ولكن لا يمكننا إستباق الأمور".

وأضاف "الدولة ترتكز في مدخولها على نقطتين، إما من خلال الضرائب، وإما من خلال الإستدانة .. هناك أيضا مداخيل إستثمارية ولكن للأسف في السنوات الأخيرة توقفت هذه المداخيل ... ولكن المواطن لا يعلم بأن الدين يشكل عليه عبئاً أكثر من الضرائب، فالدين ليس عبئاً فقط على الدولة بل على المواطن أيضا، ويدفع الدولة للتوجه نحو فرض ضرائب إضافية على المواطنين، كما انه يصيب عشوائياً وليس إنتقائياً، في حين ان الضريبة تختلف إذا كانت محددة وموجهة وإنتقائية .. لذلك من الأفضل العمل على سد الثغرات الموجودة في القانون الضريبي بدلاً من التوجه نحو الإستدانة".

وعن سبب عدم توجه الدولة اللبنانية نحو سياسة التقشف، قال بيفاني "هناك فرق كبير جداً بين التقشف وبين ترشيد الإنفاق وإقفال مزاريب الهدر .. فسياسة التقشف تعني أن الدولة تخفض الإنفاق في كافة القطاعات والمؤسسات والإدارات .. والحل برأيي الذي يعيد البلد إلى نسب نمو كبيرة قادرة على رفع الإيرادات والتخفيف من المديونية ويؤدي لخلق فرص عمل لأولادنا ويرفع المستوى المعيشي للمواطن، هو القيام بإستثمارات كبيرة، وبناء بنى تحتية وشبكات أمان إجتماعية، لذلك لا يمكن الذهاب نحو التقشف ... فالدولة في منتصف التسعينات حاولت وقف الدفع والدعم على الكهرباء، فكانت النتيجة كارثية وإرتفعت الكلفة على المواطن ثلاثة أضعاف، والسبب هو عدم وجود الإستثمارات اللازمة وغياب حسن الإدارة في الإنفاق العام .. فإرتفعت كلفة الخدمات الأساسية بشكل كبير وكارثي، لذلك فإن خيار التقشف ليس قائماً، ولكن خيار وقف مزاريب الهدر إلزامي إلى أقصى الحدود".