أصدر "مصرف لبنان" يوم أمس تقريراً رد فيه على الوثيقة التي نشرها د. توفيق كسبار تحت عنوان "الأزمة المالية في لبنان" وبشكل تفصيلي على النقاط كافة التي تناول فيها سياسة سعر الصرف ومعدلات الفوائد، أو بالنسبة لموجودات المركزي بالعملات الأجنبية، وقيمة الليرة والقطاع المصرفي.

واستند "مصرف لبنان" في ردّه إلى رأي المدراء التنفيذيين لصندوق النقد الدولي، أثناء اختتام مشاورات المادة الرابعة للعام 2016 حيث وافقوا على أن السياسة النقدية يجب أن تظل موجهة نحو دعم ربط سعر الصرف، وأشادوا بمحافظة مصرف لبنان على احتياطيات دولية كافية." وأشار المصرف إلى الهندسة المالية الأخيرة، فأوضح أن هذه العملية "أسهمت من ضمن سياسة نقدية توسعية في دعم الأسعار والتأثير إيجاباً على التوقعات، حيث انعكس ذلك إيجاباً على مؤشر أسعارالإستهلاك. وقد تمّ تمويل هذه العملية عبر توسيع الميزانية العمومية لمصرف لبنان، وهو إجراء تلجأ إليه عادة مصارف مركزية عالمية، الأمر الذي لم تأتِ الوثيقة على ذكره بتاتاً".

ولمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي د. ​غازي وزني​:

- إلى أي مدى قد تؤثر تقارير الخبراء الإقتصاديين ومقالاتهم على الثقة بسياسة "مصرف لبنان"؟

الموضوع لا يؤثر على الثقة بسياسة مصرف لبنان، فنحن اعتبرنا الموضوع هرطقة إعلامية، إنما يؤدي إلى ارتباك في الأسواق ولكن بشكل مؤقت وآمن. ردّ مصرف لبنان يوم أمس كان كفيلاً بوضع حدّ واضح يتناول أهم النقاط التي وردت في المقال، بداية من أن صندوق النقد الدولي يتبنّى ويدعم سياسة مصرف لبنان النقدية ويؤيد الإستمرار بها، كما أشار إلى تجارب البلدان الأخرى من مصر التي تدهورت عملتها بأكثر من 100% في أسابيع وتركيا التي تدهورت فيها الليرة أيضاً بنسبة 50%.

وتناول المصرف موضوع الفوائد "السخية"، فأوضح أن معدلات الفوائد المطبقة في أي بلد مرتبطة بعاملين: الأول تصنيفه الإئتماني، والثاني الأوضاع الإقتصادية. وأشار إلى أنه لا يمكن التداول في الأسواق المالية في لبنان وفق المعدلات المطبقة في بلدان مصنفة "A" مثل ألمانيا أو الولايات المتحدة التي استند إليها د. كسبار في مقاله، وذكّر المصرف أن تصنيف لبنان من قبل "ستاندرد أند بورز" هو "B-". لذلك، ليس هناك "سخاء" كما يشار إلى الموضوع.

أما النقطة الثالثة، فكانت توضيح أرقام د. كسبار غير الدقيقة بخصوص احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية والتي كانت أرقام د. كسبار.

فتبيّن في نهاية المطاف أن وضع الليرة مستقرّ وآمن ولا سيّما أن احتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية تصل إلى مستويات قياسية حاليًّا (43 مليار دولار) بالتزامن مع المزيد من التحسّن في الأوضاع السياسية والأمنية منذ بداية العام.

- توقع المصرف، في تقريره، أن يسجل الناتج المحلي في العام 2017 نسبة نمو قدرها 2.5%، هل تعتقد أن تحقيق هذه النسبة ممكن؟

أعتقد أن هناك تفاوت في توقعات نمو الناتج المحلي، وفقاً لتقديراتي، فإن نسبة النمو لن تتخطى الـ1.5%، لكن المؤشرات الأساسية بالموضوع تتعلّق باستقرار الليرة.

- دعا البعض في وقت سابق من الشهر لإحالة كسبار وكل من شارك في نشره الدراسة إلى النيابة العامّة الجزائية بحسب المادتين 319 و320 من قانون العقوبات، هل ترى أنه يجب محاسبة من يخاطر بوضع الليرة اللبنانية والقطاع المصرفي بناءً على أرقام ومعلومات غير دقيقة؟

لا أعتقد أن الموضوع سيصل إلى هذه الدرجة، ففي النهاية د. كسبار إقتصادي محترم وله مكانته، أعطى وجهة نظر إقتصادية وعلمية. وأريد أن أذكر هنا، أننا نظمنا ندوة في السابع عشر من الشهر الجاري تتعلّق بهذا الموضوع وسيحضرها العديد من الإقتصاديين ليشرحوا وجهة نظرهم.

أما بالنسبة لأرقام د. كسبار فلم تكن غير دقيقة بل ناقصة.

- هل تعتقد أن التركيز دائماً على وضع الليرة اللبنانية في ظل تراجع القطاعات الإقتصادية كافة، خطوة كافية أو أنه يجب اتخاذ المزيد من الإجراءات؟

في نهاية المطاف، وضع الليرة هو الذي يحافظ على الإستقرار الإقتصادي والإجتماعي في لبنان، طالما أن السياسة النقدية قادرة على حماية العملة الوطنية؛ فليكن ذلك. خاصّة أن السياسة المالية في لبنان غائبة منذ اثني عشر عاماً كلياً، ما دفع بالسياسة النقدية إلى تحمّل تبعات هذا الموضوع.

في المرحلة المقبلة، نحن معتمدون على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في تصحيح السياسة المالية الذي يبدأ مع إقرار موازنة العام 2017. ونأمل أن يكون لموازنة 2018 جدوى إقتصادية وإجتماعية وأن لا تقتصر فقط على العمليات الحسابية.

(للإطلاع على تقرير مصرف لبنان كاملاًإنقر هنا)