رفعت ​شركات مقدمي الخدمات​ في قطاع توزيع الكهرباء الصوت عاليا في وجه الحكومة التي لا تزال تماطل في البت بمصير مشروع تطوير القطاع ، الذي التزمت الشركات بتنفيذه من خلال عقدها مع مؤسسة كهرباء لبنان في العام 2011 ( بدأ تنفيذه في العام 2012).

هذا العقد يتضمن مجموعة اشغال وخدمات، ابرزها تنظيم الجباية وتحديثها ، القيام باعمال الصيانة والتصليحات ، تأهيل وتجديد شبكة الكهرباء ، تمهيدا لتحويلها الى شبكة ذكية ، يأتي من ضمنها مشروع العدادات الذكية لكل المشتركين . وقد حددت الفترة المبدئية للتنفيذ باربع سنوات ، الا ان هذه المدة انقضت ولم تتمكن الشركات من تنفيذ كل الاشغال المطلوبة في العقد ، لاسباب سياسية وامنية خارجة تماما عن ارادتها وارادة مؤسسة كهرباء لبنان ، وقد تعرض هذا المشروع الى عرقلة متعمدة من بعض قوى الامر الواقع خلال فترات طويلة من السنوات الاربع المنصرمة .

في العام 2016 تم التمديد التقني للشركات مرتين ، 3 اشهر لكل مرة ، تحت عنوان استمرارية المرفق العام ، ولكن مع نهاية التمديد الثاني ، اي في 31 كانون الاول 2016 ، وقعت مؤسسة كهرباء لبنان مذكرة تفاهم مع الشركات الثلاث تقضي باستمرار عملها لاربع سنوات اضافية كي تستكمل تنفيذ موجباتها العقدية ، ولكن وزارة المالية عارضت الفكرة فرفعت وزارة الوصاية على الكهرباء ، اي وزراة الطاقة ، الامر الى مجلس الوزراء ، وفي هذا الوقت جرى التمديد لثلاثة اشهر مرتين تحت العنوان نفسه ، اي استمرارية المرفق العام .

نوقش الموضوع في جلسة الحكومة بتاريخ 21 حزيران الماضي ، وكان الصخب عاليا داخل الجلسة بسبب موضوع آخر هو استئجار البواخر والسجال الذي دار حوله ، فتقرر تشكيل لجنة وزارية برئاسة الرئيس سعد الحريري لدراسة موضوع مقدمي الخدمات واتخاذ القرار المناسب ورفعه الى المجلس في اول جلسة تعقدها .

اجتمعت اللجنة مرة واحدة في اليوم التالي (22 حزيران ) ولم تكرر الامر ، وبقيت مذكرة التفاهم في ادارج اللجنة حتى اليوم ، وفي الاثناء جرى تمديد تقني خامس لثلاثة اشهر تنتهي مع نهاية ايلول الجاري.

الشركات الثلاث BUS و KVA وNEUC ، تشكو اليوم من هذا التمديد التقني المتكرر لفترة لا تتجاوز الثلاثة اشهر كل مرة ، وقد مر حتى الان خمسة عشر شهرا من دون ان تتمكن من القيام بالاشغال الاساسية وفقا لعقدها مع كهرباء لبنان ، وهي لا تقوم حاليا سوى بالاعمال الجارية من جباية وتصلحيات ، وهي ليست جوهر المشروع.

وعلمت الاقتصاد من مصادر متابعة انه في حال لم تقر الحكومة مذكرة التفاهم الموقعة نهاية 2016 بين الشركات وبين مؤسسة كهرباء لبنان والتي تمنحها اربع سنوات ، فهذا يعتبر فسخا للعقد من قبل الدولة ، وعليه ستذهب الشركات الى التحكيم القضائي ، وهي واثقة من الفوز ، ما سيحمل الخزينة تعويضات تقدر بمئة مليون دولار.

اخطر من ذلك فان الكثير من التداعيات السلبية ستقع على عاتق مؤسسة كهرباء لبنان ، فهي اليوم تفتقد القدرة على ادارة قطاع التوزيع ، لا من حيث الامكانات البشرية ولا من حيث البنية التحتية ، وفي حال توقف الشركات عن العمل ستقع مشكلة عويصة تضاف الى مشكلة التقنين بسبب النقص في الانتاح . ومن ناحية ثانية سيجد 3 آلاف موظف في الشركات الثلاث انفسهم من دون عمل ، كما سيؤدي التوقف الى ضياع اربع سنوات من التطوير والتحديث الذي ادخلته الشركات على القطاع ، وفي حال قررت مؤسسة كهرباء التعاقد مع شركات جديدة فان اسعارها ستكون اعلى بكثير من الاسعار الحالية والتي تم وضعها في العام 2011 ، ما سيكبد الخزينة اموالا طائلة .

وفي هذا الاطار حذر مدير عام شركة BUS فادي ابو جودة من استمرار المماطلة في تنفيذ المذكرة الموقعة مع مؤسسة الكهرباء نهاية 2016 ، وأكد " اننا لا نطالب لا بالتمديد ولا بالتجديد ، نحن نطالب بتنفيذ العقد ، ولن نقبل بتمديد موقت سادس ، واذا لم يتم تطبيق العقد واعطاؤنا مهلة كافية لاتمام اشغالنا وواجباتنا العقدية ، فمن الطبيعي ان تقف خدماتنا .

اضاف : "في حالة فسخ العقد ، فان كل الخدمات التي نقدمها للمواطنين من تصليح للاعطال ومن جباية شهرية تصل نسبتها الى 97 في المئة ، والتي ادت الى زيادة ايرادات المؤسسة بنسبة 40 في المئة ، كلها ستتوقف".

ولفت ابو جودة الى انه "كان من المفترض للجنة الوزراية المكلفة من قبل مجلس الوزراء ان تجتمع في اسرع وقت لاتخاذ القرار ورفعه الى المجلس ، محذرا من انه في فترة الضياع وتضييع الوقت فان المتضررين سيستفيدون لتفشيل هذه التجربة الرائدة. ونحن لا نريد ان نصدق انه في هذا العهد بالذات ومع هذه الحكومة بالذات ان اللجان مقبرة القرارات".

وختم ابو جودة : اذا لم ننقذ قطاع توزيع الكهرباء فان اي استثمار في البواخر او المعامل لزيادة الانتاج سيصبح من دون جدوى لان نصف الطاقة المنتجة ستذهب هدرا فنيا وغير فني ، ونحن خفضنا هذا الهدر الى النصف في فترة قصيرة ، واذا اعطينا الوقت الكافي سنضع حدا نهائيا للهدر غير الفني (السرقة) ، وسنخفض الهدر الفني الى المستويات المعروفة عالميا".