هل سيكون قبل ايلول شيء وبعده شيء آخر على صعيد الملفات الاقتصادية؛ فملف قانون الضرائب الممّولة لسلسلة الرتب والرواتب جمّد العمل به بعدما تم الطعن به امام المجلس الدستوريفي 30 آب،وباتت الحكومة امام مأزق جديد لايجاد مصادر تمويل جديدة .

واهم ما شملت الاسباب الموجبة للطعن في القانون انه خصّص كل الايرادات الناتجة عن الضرائب والرسوم المنصوص عنها لاستعمالها لتغطية نفقات محددة وهي رفع الحد الادنى للرواتب والاجور واعطاء زيادة غلاء معيشة للموظفين والمتقاعدين والاجراء في الادارات العامة وفي الجامعة اللبنانية والبلديات واتحادات البلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل وتحويل رواتب الملاك الاداري العام وافراد الهيئة التعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي والاسلاك العسكرية، مما يعني انه خالف المبادىء الدستورية التي تحكم المالية العامة والموازنة وبشكل خاص مبدأي الشمول والشيوع.

لذا يقتضي ابطال القانون المطعون فيه لمخالفته المادة 83 من الدستور اللبناني. بالتالي لم يتم التصويت على القانون المطعون فيه بالمناداة كما يفرضه الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب مما يعني وجوب ابطال كامل عملية التصويت واعتبار القانون كأنه لم يكن. ويقتضي ابطال القانون المطعون فيه لمخالفته احكام المادة 36 من الدستور اللبناني.

ومن الاسباب الموجبة للطعنفي القانون وفق ما تقدمت به مجموعة من النواب الـ 10 في مقدمتهم نواب الكتائب:

أ‌- مخالفة احكام المادة 36 من الدستور اللبناني ولاحكام المواد 78 الى 85 من النظام الداخلي لمجلس النواب.

ج- مخالفة احكام الفقرة (ج) من مقدمة الدستور والمادة 7 من الدستور اللبناني.

ان المادة 17 من القانون المطعون فيه نصت على زيادة معدل الضريبة على فوائد وعائدات وايرادات الحسابات المالية والسندات لدى المصارف من 5% الى 7%. ونصت المادة 17 على اعتبار الضريبة في ما خص المصارف عبئا ينزل من الايرادات وليس سلفة على ضريبة الارباح في شكل هذا التعديل على طريقة الاحتساب ازدواجيا ضريبيا واضحا بمعنى انه يكلف ذات الدخل مرتين خلافا لمبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور وينص على تمييز في ما خص ضريبة الدخل بين المصارف وسائر المؤسسات خلافا للمبادىء الدستورية ، ويدخل كذلك تمييزا لناحية معدل الضريبة على الارباح بين المصارف العاملة في لبنان حسب بنية توظيفات كل مصرف.

وهي بذلك تخالف مبدأ مساواة جميع المواطنين امام الاعباء الضريبية وفقا لاحكام الفقرة (ج) من مقدمة الدستور والمادة 7 من الدستور اللبناني. لذا يقتضي ابطال القانون المطعون فيه لمخالفته الفقرة (ج) من مقدمة الدستور والمادة 7 من الدستور اللبناني.

اذاً باختصار ان صدق المجلس الستوري الطعن اصبح على الحكومة ايجاد مصادر تمويل أخرى للسلسلة.

الكهرباء

اما على صعيد الكهرباء،باتت مناقصة بواخر الكهرباء في عهدة إدارة المناقصات لدراستها وإبداء رأيها فيها ووضع ملاحظاتها عليها. على أنّ إحالة الملف إليها لم تقترن بقرار مجلس الوزراء الذي يحدّد المطلوب منها فعلاً، بل تأخّر ومن ثم أحيل إليها في وقت لاحِق، علماً أن القرار مؤرّخ بتاريخ 24 آب 2017 وجاء في 3 صفحات فولسكاب تضمَّنت مقدّمة حول موضوع المناقصة، والمستندات المرتبطة بها، وحول قرار مجلس الوزراء في جلسة 17 آب 2017 الذي طلب فيه الى وزير الطاقة إعداد دفتر شروط لاستقدام معامل لتوليد الكهرباء بقدرة حوالي 400 ميغاوات لـ3 أشهر و400 ميغاوات لـ6 أشهر من تاريخ فضّ العروض، وعرض الدفتر خلال اسبوع على المجلس لإقراره، على ان يتضمّن كفالة تأمين مؤقّت بقيمة 50 مليون دولار لكلّ 400 ميغاوات، وتأميناً نهائياً وغرامات التأخير عن مهلة التسليم المحددة بـ 90 يوماً للقسم الأوّل و180 يوماً للقسم الثاني من تاريخ فضّ العروض.

ومن المعلوم ان نصُّ القرار كما أحيل إلى إدارة المناقصات ، يتضمّن إلتباسات، وكأنّ هناك تكرار للآلية التي اعتمد ت مع المناقصة السابقة.

وهو لم يتضمن ملاحظات الوزراء، ولا مآخذ إدارة المناقصات، ما يعني عودةَ الأمور الى حيث كانت، والمريب في القرار أنه يُضّيق الهامش أمام إدارة المناقصات والذي يتيح لها وضعَ التعديلات والملاحظات حول دفتر الشروط، وفقاً لقانون المحاسبة العمومية وغيرِه من القوانين ذات العلاقة، لا بل حدّد لها سلفاً وحصراً التعديلات المطلوبة منها، وضيَّق عليها المدى الزمني وحشَرها بمهلة 48 ساعة استباقاً لأي توسّعٍ منها في ممارسة صلاحياتها. وأُجِّلت الخيارات الأخرى الى ما بعد رسوالتلزيم. واللافت أنّه تم حصر هذه الخيارات بنوع المحروقات فقط.

ايضا، وفي الكهرباء هناك مسألة شركات مقدمي خدمات التوزيع التي تحتاج الى الحسم قبل اواخر ايلول الجاري تاريخ انتهاء عقد التمديد مع العلم ان الشركات الثلاث تتمسك بتجديد العقود لاربع سنوات وليس التمديد لثلاثة أشهر . واسباب الشركات للتمسك بموقف التجديد واضحة وهي مرتبطة بالمدة الزمنية التي تحتاج اليها لانجاز مشاريعها.

والمعيب ان الكهرباء التي تريد استعادة التوزيع في العلن وطبعاً ليس على مسمع الوزير المعني ُجرّدت من كل المعدات والاجهزة في مخازنها ؛ فهي وفق مصادر موثوقة حتى انها لم تعد تمتلك آلة لفحص الاعطال وتحديدها . وعند الحاجة اليها بغياب الشركات، تستأجرها من كهرباء قاديشا لفترة لقاء بدل فاتورة مرتفعة فيما انها تنام على تملكه من آلات دون تصليح رغم ضآلة الكلفة .

الاقساط المدرسية

وفي غضون ذلك ، وعشية بدء الموسم الدراسي بات واضحاً عدم تمكن وزارة التربية من وضع خريطة طريق تحدد على اساسها الزيادة على الاقساط المدرسية ، فيما لجأ بعض ادارات المدارس الى فرض زيادات بنسب مختلفة قد تصل الى 50%. والقرار الوحيد الذي اعلنته وزارة التربية، طلبت فيه من المدارس الخاصة تقاضي الدفعة الأولى من القسط المدرسي للسنة الدراسية 2017 - 2018 بقيمة 30% من أقساط العام الدراسي 2016 – 2017، ومن دون استيفاء اي نسب جديدة.

وفي المقابل، لحظت دراسة للمدارس الكاثوليكية ان الزيادة العادلة لتغطية كلفة السلسلة على الأقساط هي بين 20 و 45% . وطالبت المؤسسات التربوية بفصل التشريع وتغطية الدولة الزيادة لسنة 2017- 2018.

معادلة معقدة للدولة التي هي على وشك اعلان افلاسها امام المطالبين بديونهم لديها من مستشفيات، ومقاولين وغيرهم..

موازنة عامة

ويبقى الاستحقاق الاكبر امام الحكومة تصديق مجلس النواب على الموازنة العامة بعد طول انتظار .

وفي هذا السياق ، تعتبر وكالة "موديز" أنّ التصديق على مشروع الموازنة الجديد هو حدث إيجاب للبلاد بحيث أنّه يعزّز الشفافيّة ويخفّف الضبابيّة حول الماليّة العامة، مما يساعد على إتّخاذ التدابير الإصلاحيّة اللّازمة ويشجّع المانحين الدوليين.

على سبيل المثال، كان البنك الدولي قد وافق على مجموعةٍ من القروض والمنَح للبنان بقيمة إجمالية تبلغ ٤٠٠ مليون دولار بهدف إنجاز مشروعَين للطرق لن يتمّ دفعها إلا حين إقرار مشروع الموازنة.

وأشارت الوكالة مجدّداً الى أنّ مشروع الموازنة المقترَح يرمي إلى تقليص نسبة العجز من الناتج المحلّي الإجمالي في البلاد من 9.5% في العام 2016 إلى 8.7% في العام 2017 بحيث يتوقّع أن يصل العجز إلى 5.2 مليار دولار في العام 2017.

وابعد من ذلك ، يشير تقرير صدر" لرويترز" اخيرا ً الى ان توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون، على زيادات أجور القطاع العام وزيادات ضريبية لتغطية كلفتها هو واحدة من الخطوات الحكومية التي دفعت وكالة " موديز" للتصنيفات الائتمانية إلى رفع تقديرها للنظرة المستقبلية للبنان من سلبي إلى مستقر.

وذكرت "موديز" ان النظرة المستقبلية المستقرة تعكس العودة إلى حكومة تؤدي وظائفها بالكامل وهو ما سيدعم تطوّر زخم الإصلاح.

غير أن تقديرات وزارة المالية تشير إلى أن هذه التدابير لن يكون لها أثر يذكر على الموازنة أو عبء الدين الذي يمثل ثالث أعلى مستوى للدين من حيث معدله إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو أيضا السبب الرئيسي الذي دفع وكالة موديز لتخفيض تصنيفها الائتماني للبنان.

ويطالب الاقتصاديون بإجراء إصلاحات أخرى لزيادة الايرادات والحيلولة دون ارتفاع الدين بما في ذلك إقرار موزانة وإصلاح قطاع الكهرباء الذي يحظى بدعم كبير من الدولة وزيادة الضرائب على الوقود وإصلاح عملية تحصيل الضرائب وتحسين مناخ الاستثمار.

والجدير ذكره ، انه في ضوء انخفاض الايرادات والنمو يعتمد لبنان على الودائع التي يودعها ملايين المغتربين اللبنانيين في البنوك المحلية. وتشتري المصارف إصدارات الدين الحكومي التي تمّول العجز المتنامي في الميزانية والدين. غير أن الودائع حسّاسة للمخاطر السياسية. ويشدد الخبراء في الاقتصاد على إن الحكومة تحتاج لتوليد ايرادات أعلى وزيادة النمو لدفع الاقتصاد للوقوف على أرضية صلبة.

واشار خبير البنك الدولي وسام الحركة في هذا الاطار، الى إن مدفوعات الفوائد على الدين في العام 2016 التهمت نحو 48 في المئة من اجمالي ايرادات لبنان.ومع إنفاق مبالغ كبيرة على دعم قطاع الكهرباء المتهالك، لا يتبقى للبنان إيرادات تذكر لتطوير البنية التحتية المهترئة لشبكات المياه والاتصالات والطرق وغيرها، والتي يمثل تطويرها أمرا ضروريا لتشجيع الصناعة المولدة للضرائب والنمو.

في ايلول،تستكمل الاستحقاقات طريقها. واذا كان آب قد سجلّ انتصارات للسلسلة ، وثبتّ نجاح موسم السياحة فإن ايلول ينتظر معجزة إقرار موازنة عامة عادلة ، ونهاية ملف كهرباء مقبول .