خفضت وكالة "​موديز​"، وهي وكالة تصنيف دوليّة، التصنيف السيادي للحكومة ال​لبنان​ية من "B2" إلى "B3" في حين حسّنت النظرة المستقبليّة من "سلبيّة" إلى "مستقرّة". 

بحسب الوكالة، إنَّ أهمّ العوامل التي أدّت إلى هذا الخفض هي، وبالرغم من إقرار بعض القوانين الجديدة والإصلاحات التي تساهم في زيادة القوّة المؤسساتيّة في لبنان (وهو أمرٌ كانت قد رحّبت به الوكالة في تقريرها المُعَنوَن "التوقّعات الائتمانيّة" في نهاية شهر تمّوز المُنصَرِم)، لا يزال هذا الأخير يُعاني من تردّي وضع الميزان التجاري ترافُقاً مع ضعف النمو الإقتصادي المتوقع، وهي عوامل تجعل لبنان أكثر تأثرا بالصدمات الخارجيّة. في إطارٍ آخر، إنَّ أبرز نقاط القوَّة التي سلَّطت الوكالة الضوء عليها جاءت كالتالي: قطاع مصرفي قويّ، سجل يعكس إلتزام الدولة الكامل سداد مستحقاتها الماليّة رغم الصعوبات السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى متوسِّط دخل للفرد الواحد مُرتَفِع نسبيّاً. 

في المُقابل، اختصرت وكالة "موديز" التحدّيات القائمة، وفق ما ورد في التقرير الإقتصادي الاسبوعي لـ"بنك الاعتماد اللبناني"، كالتالي: مستوى الدين العام العالي، العجز الكبير في الموازنة والميزان التِجاري وإستمرار الإرتدادات السلبيّة للصراعات الإقليميّة السائدة لا سيَّما الحرب الأهليّة الدائرة في سوريا. 

بالإضافة إلى ذلك، حسّنت موديز النظرة المُستقبليّة للتصنيف السيادي المُعطى للبنان من "سلبيّة" إلى "مستقرّة" في إنعكاس لاستعادة العمل الحكومي لنشاطه، والسجل الممتاز للدولة من حيث إلتزاماتها بخدمة الدين العام حتّى في أصعب الأوضاع، كما واحتياطات الدولة الخارجيّة التي يُساهم في تقويتها كلٌّ من قاعدة الودائع الكبيرة والهندسات الماليّة لمصرف لبنان. 

وذكرت "موديز" ان اي تحسين للتصنيف السيادي للبنان لن يحصل إلّا في حال نجحت الإصلاحات الماليّة في تحسين أرقام الدين العام بشكلٍ ملحوظٍ أو حصول تقدُّم جذري في الميزان التجاري للبلاد. 

أمّا بالنسبة لأي خفض قد يَطال التصنيف، فيمكن أن يأتي نتيجة تراجع الإحتياطات بالعملة الأجنبيّة، وما قد يتضمّنه ذلك من انخفاض ملحوظ في الودائع الوافدة والذي يؤدّي حتماً إلى زيادة الضغط على ميزان المدفوعات، ما يهدّد بدوره قدرة المصارف اللبنانيّة على الإستمرار في تمويل الحكومة. 

في التفاصيل، يأتي تصنيف وكالة "موديز للبنان" بناءً على نتائج مسجلة على أربع مستويات: القوة الاقتصادية، القوَّة المؤسساتية، القوة الماليّة والقدرة على مواجهة مخاطِر الأحداث.  في هذا الإطار، سجل لبنان نتيجة "منخفض" في معيار القوة الإقتصادية نظراً لصغر حجمه وضعف قدرته التنافسية، في ظل تمتعه بالمُقابل بثراء معتدل وبنية إقتصاديّة قويّة. 

كما كشفت "موديز" أنّ قطاع الخدمات الكبير في لبنان والتدفُّق المستمر لتحويلات المغتربين ساهما في تسجيل نصيب معتدل للفرد من الناتج المحلي الإجمالي يُعادل قوة شرائية بلغت 18500 دولار في العام 2016.

وأوضح التقرير أنّ القدرة التنافسیة في لبنان قد تراجعت منذ العام 2011 نتیجة غياب الإستثمارات في البنی التحتیّة ونقص الإصلاحات الإقتصادیّة وهي عوامل توخِّر البلاد عن العودة إلی تسجيل معدّلات نموّ مرتفعة للناتج المحلي الإجمالي الحقیقي وذلك حتّى ولو انحسرت المخاطر السیاسیة. بالنسبة للقوَّة المؤسساتيّة، سجل لبنان أيضاً نتيجة «منخفض» ما يعكس عدم الاستقرار في إطار الحوكمة وذلك في ظلّ ضعف السياسة الماليّة للدولة والتي تعوضّها بعض الشيء السياسة النقدية الحكيمة وإلتزام الحكومة بمستوجباتها المتعلّقة بالديون. أمّا على صعيد القوَّة الماليّة، فقَد نال لبنان نتيجة "منخفض جدّاً (سلبي)" وهي نتيجة تُظهِر العبء الكبير الذي تتحَمّله الدولة وسط العجز الماليّ المتكرّر ومعدّلات النموّ الإقتصاديّ المتواضعة. 

وأخيراً، حصل لبنان على نتيجة "متوسِّط (إيجابي)" في معيار مواجهة مخاطر الأحداث. إذ إنَّه، ورغم تعرّضه لصعوبات وتحديات سياسيّة وجيوسياسيّة تُشكِّل تهديداً لاستقراره، إستطاعت البلاد أن تحدّ من التأثيرات السلبية على النمو الإقتصاديّ والقطاع المصرفي، وأن تنجح في المُحافظة على سعر صرف الليرة.

وأشار التقرير إلى أنّ المصرف المركزي قد نجح في تكوين احتياطات ضخمة بالعملة الاجنبيّة وتأمين سيولة محليّة وفيرة، ممّا يشكّل حاجزاً ضدّ الصدمات ودرعاً للودائع المصرفية.

ورأت وكالة "موديز"، في تقريرها، أنّ التطورات المستجدّة تمهّد الطريق للإنتعاش من الشلل السياسي، منها تبنّي التشريعات التي تتضّمن سلّة من الزيادات ضريبيّة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب التي تُعنى بموظّفي القطاع العام خلال الشهر الجاري وإقرار قانون جديد للانتخابات في منتصف حزيران المنصرم.