جوزيف نجيم هو شاب لبناني تغرّب عن وطنه لأكثر من خمس عشرة سنة، ثم عاد بعدها ليستثمر مهاراته وخبراته كطاهٍ محترف في بلده الأم لبنان.

تربى منذ عمر صغير على أسس مهنة الطهي، وكان لعمل عائلته في مجال المأكولات أثرٌ كبير|ٌ في نشأته وتعليمه.

هو شخص مبدع في أفكاره، خلاّق في اختراعاته، ومتقن لعمله، وبات اليوم بمثابة علامة مميزة في عالم الطبخ والوصفات غير التقليدية.

"الإقتصاد" التقت مؤسس شركة متخصصة في تقديم الطعام (catering)، الشيف جوزيف نجيم، الذي عرّفنا إلى مسيرته المهنية الطويلة التي قرّر بناءها في لبنان، ووجّه رسالة محفّزة جداً للشباب اللبنانيين، وخاصة من يهاب منهم الفشل.

كيف قررت الدخول الى مجال الأطعمة والطهي؟

منذ أن كنت في الثانية عشرة من العمر، غادرت لبنان مع عائلتي، واستقرينا في بلد اسمه هندوراس في أميركا الوسطى.

وكانت عائلتي تملك هناك مطعماً للمأكولات الإيطالية، وكنت أساعدهم في المطبخ، ومع الوقت أحببت هذا المجال، ووجدت أنني أستمتع بالطبخ ولدي هواية في اختراع الأطباق غير التقليدية. لذلك قررت التخصص في فن الطهي (culinary art)، وافتتحت بعد ذلك مطعمي الخاص، واكتسبت خبرة واسعة كطاهٍ عالمي.

وعندما عدت إلى لبنان في العام 2014، بدأت العمل كطاهٍ خاص، وأطلقت منذ حوالى ستة أشهر شركتي المتخصصة في تقديم الطعام (catering)، الموجودة في منطقة كسروان.

كيف تمكنت من نشر شركتك واسمك بين الناس؟

الشركة ليست معروفة كثيراً إلى حد اليوم، لأنها لا تزال جديدة. فقد بدأت أولاً بإطلاق صفحة عبر موقع "فيسبوك"، وباستلام المشاريع كطاهٍ خاص (private chef)، وبالظهور مباشرة عبر البرامج التلفزيونية، وذلك لكي يتعرف الناس إليّ أكثر.

واليوم، بات لدي أكثر من ثلاثة عشر ألف معجب على الصفحة، كما يتم التفاعل بشكل واسع مع المشاركات والصور التي أنشرها.

وفي المستقبل القريب، سوف نبدأ بالحملات الإعلانية الموسّعة؛ فنحن لا نزال في الوقت الحاضر، نعمل على الخطة التسويقية التي ستكون مركزّة على مواقع التواصل الإجتماعي، وعلى تفاعل الناس وأصدائهم (word of mouth). فلبنان، بطبيعته، يفرض على الشخص أن يقوم بحملة إعلانية خاصة ومخصصة لكي ينطلق، وإلا سوف يفشل.

ما هي المقومات التي ساعدتك على النجاح في هذا المجال بالتحديد؟

أنا لا أقدم الوصفات التقليدية والعادية والبسيطة، بل أخترع جميع أطباقي بيدي. وبالتالي أصنع وأستحدث الأطعمة المميزة والجديدة، التي تحتوي على لمسة فريدة من نوعها، وهذا ما يحبه الناس في عملي.

فأنا أسعى دائما للخروج من معادلة الوصفة العادية، بهدف تطويرها وتقديمها بشكل جديد يعجب الناس؛ وهذا ما يميزني من غيري.

هل أنت قادر اليوم على منافسة الأسماء والشركات الكبيرة الموجودة في السوق اللبناني؟

لم أفكر بعد بالمنافسة الموجودة، لكنني متأكد أنه عندما سأبدأ بالتفكير، سأكون قادراً على منافسة أي جهة بكل قوة، لأنني واثق بنفسي وبقدراتي.

ما هي الصفات الشخصية التي يجب أن يتحلى بها الإنسان لكي ينجح في مسيرته المهنية؟

المثابرة ضرورية، وخاصة في مجال الأطعمة، لأن هناك دائماً أفكاراً محدّثة وإبداعات جديدة، لذلك لا يمكن أن "يعلق" الإنسان بالمرحلة التقليدية.

وما أحاول القيام به حالياً، هو أن أظهر للناس أنهم ليسوا مضطرين لتناول الطعام التقليدي فحسب، لأننا نستطيع دائماً أن نبتكر الأفكار الجديدة ونقدّمها بشكل مميز ولذيذ؛ فمن خلال وصفة واحدة معروفة في العالم، نحن قادرون على اختراع عدد لا متناهٍ من الوصفات بطرق مختلفة.

ما هي مشاريعك وتطلعاتك المستقبلية على الصعيد العملي؟

لدي مشاريع عدة في لبنان، فأنا أحب بلدي إلى أقصى الحدود وثقتي كبيرة به. حيث يمكن تحقيق أي هدف هنا، ولسنا مضطرين للسفر والتخلي عن أرضنا وأهلنا.

وفي الوقت الحاضر، أنا أهتم وأركز بشكل أكبر على شركتي المتخصصة بالـ"catering"، وعلى زبائني الخاصين، ومنهم موقع خاص بحفلات الأعراس (wedding venue).

هل أثّرت انطلاقة عملك على حياتك الخاصة؟ وهل شعرت بالتقصير تجاه وقتك الشخصي بسبب انشغالك بأعمالك الجديدة؟

طبعا لا، لأنني بالأساس أعمل منذ حوالى ست عشر سنة في هذا المجال، ووصلت إلى مرحلة أتقنت فيها تنظيم الوقت؛ وبالتالي أصبحت أعرف تماماً كيف أخصص الوقت لعملي ولعائلتي ولحياتي الخاصة.

ففي نهاية المطاف، نحن هنا اليوم، ولكن قد لا نكون هنا في الغد، لذلك لا يمكن أن نترك العمل يؤثر بشكل كبير على حياتنا الخاصة، ولكن في الوقت ذاته، يبقى العمل مهماً وأساسياً لكي يكون لدينا حياة خاصة.

من قدم لك الدعم الأكبر في مسيرتك المهنية؟

أريد أن أشكر عائلتي بأكملها وخطيبتي على الدعم الذي قدموه لي. فبسبب عائلتي عشقت مجال الأطعمة، كما أن خطيبتي تقف دائماً إلى جانبي، وتقدم لي الأفكار الجديدة وتساعدني كي أصل إلى أهدافي كافة.

كما أريد أن أشكر صديقاً عزيزاً على قلبي، على دعمه المستمر، ومساعدته غير المباشرة.

ما هي الرسالة التي تود إيصالها إلى الشباب اللبناني؟

الغربة صعبة للغاية، ولبنان لنا، وإذا لم نهتم به ونتشبّث بأرضه، فمن سيبقى للمحافظة عليه؟

من أبسط الأمور، أن يحاول الإنسان قبل أن يقول أنه عاجز. فالشباب في لبنان يقولون إنهم لا يستطيعون تحقيق النجاح، لأنهم يسمعون ما يقوله غيرهم، وليس لأنهم حاولوا ولم يجدوا نتيجة. لذلك أشجع الجميع على المحاولة، وليس فقط لمرة واحدة، بل لمرّات عدة. فالإنسان قد يقع مرة أو مرتين أو ثلاث مرات، لكنه قادر على الوقوف مجدداً، لو مهما اشتدت حدّة السقطات.

"حاولوا، وحاولوا، وحاولوا... فعندما يصرّ الإنسان على هدف ما، سيصل إليه حتماً، مهما كانت الطريق طويلة وصعبة".